جار التحميل...
غالباً ما يتلاشى الصديق الوهميّ مع نهاية المدرسة الابتدائية أو مرحلة ما قبل المراهقة، كما يُمكن أن يستمرّ حتّى مع الأطفال الأكبر سناً.
ولا يُشكّل الصديق الوهميّ للطفل عادةً أي مشكلات صحّية أو عقلية، بل على العكس من ذلك، إذ له تأثيرات إيجابية على الجوانب الآتية:
يعد وجود صديق وهميّ للطفل بمثابة وسيلة لتلبية رغبته في الاستقلال الذي يفتقر إليه عادةً نتيجة سلطته المحدودة على الأشياء، مما يُعزّز ثقته بنفسه وتقديره لذاته، وذلك بسبب تحكّمه الكامل بالصديق الوهميّ وبالطريقة التي يُريدها تحديداً من جهة، ومن خلال التحدّث إليه في أيّ وقت دون الحاجة لإذن أو مشاركته مع الآخرين من جهةٍ أخرى.
عندما يلعب الطفل مع صديقه الوهميّ، فإنّه غالباً ما يختار لنفسه الصفات الأفضل باعتباره الأكثر قوّة أو الأكثر جمالاً أو ذكاءً من الصديق الوهميّ، كما قد يشارك معه في سباقات تنافسية ودّية ليفوز بها دائماً، فهذه السلوكيات تمنحه مشاعر إيجابية حول نفسه، وتعزز ثقته بنفسه خصوصاً بعد تعرّضه لخسارةٍ في الواقع.
على عكس الشائع، فإنّ إنشاء صديق وهميّ لا يعني بأنّ الطفل منعزل اجتماعياً، بل قد يكون أكثر اجتماعية باعتباره أقلّ عرضة للخجل، كما أن الأطفال الذين يمتلكون أصدقاء وهميين غالباً ما يتمتعون بمهاراتٍ لغوية جيّدة، ونظرةٍ أشمل للعالم لرؤيته من منظور شخص آخر، إضافة إلى فهمٍ اجتماعيّ أفضل من خلال بناء سيناريوهات متعدّدة ولعب شخصيات مختلفة ومتنوّعة أثناء التفاعل مع الصديق الوهميّ.
ويُمكن للطفل استخدام هذه المهارات الاجتماعية لاحقاً وما ينتج عنها من تعاطفٍ مع الآخرين عند التعامل مع أصدقائه في الحياة الواقعية.
من جهةٍ أخرى، يُمكن أن يلعب الصديق الوهميّ دور العدوّ أو الشّرير، ويستخدم الطفل هذه الحالة للتنفيس عن غضبه أو تعزيز شجاعته، وفي هذه الحالة، يُمكن أن يُصبح أكثر قدرة على التحكّم في غضبه وحلّ المشكلات التي تواجهه في الحياة الواقعية.
في بعض الحالات، يستعين الطفل بالصديق الوهميّ باعتباره بطلاً خارقاً أو حيواناً كبير الحجم لتعزيز شعوره بالأمان والحماية عندما يجد صعوبة في التعامل مع المواقف التي يراها مخيفة؛ مثل الظلام أو الكوابيس الليلية أو غيرها، وبالتالي يساعد الشعور بالأمان في تعزيز انتباه الطفل لاكتشاف المحيط من حوله، واكتساب خبرات جديدة.
إنّ الأطفال الذين يقضون وقت فراغهم مع أصدقائهم الوهميّين يكونون أقلّ عرضة للشعور بالوحدة، والملل، وانعدام التحفيز، والشعور بعدم وجود هدف، وما يترتّب على جميعها من آثار سلبية محتملة على الصحّة العقلية؛ مثل الشعور بالحزن، والإحباط، والقلق، والتوتر والاكتئاب.
يواجه الكثير من الأطفال صعوبةً في التعبير عن مشاعرهم الصعبة، مما يدفعهم إلى اللجوء للصديق الوهميّ للتعبير عن احتياجاتهم ومشاعرهم بدلاً منه، مثلاً، إذا كان اسم الصديق الوهميّ هو فريد، يُمكن للطفل أن يقول: "فريد لا يحبّ أن تغضبي يا أمّي"، أو "فريد يُريد المزيد من الشوكولاتة"، كما يُمكن للطفل التعبير عن مشاعره لصديقه الوهميّ باعتباره شخصيةً مقرّبة تربطهما رابطة قويّة.
وفي هذه الحالات، سيُساعد الصديق الوهميّ الطفل على معالجة أفكاره ومشاعره بدلاً من كبتها، وسيتمكّن الآباء من فهم مشاعر طفلهم على نحو أفضل ثمّ توجيهه لإدارتها ومعالجتها بصورة سليمة.
ختاماً، رغم فوائد الصديق الوهميّ للطفل، إلّا أنّه ينبغي على الآباء عدم تشجيع أطفالهم على تكوينه، أو توجيه الأسئلة الكثيرة حوله، إذ إنّ التدخّل الأبويّ بالإيجاب أو السلب يُمكن أن يُلغي فكرة وجود هذا الصديق من أساسه، والصحيح هو ترك هذه العملية الإبداعية تتشكّل تلقائيّاً.
إلى جانب ذلك، يجب مراقبة الطفل باستمرار واللجوء للمختصين في حال قيامه بسلوكيات ضارّة أو مؤذية أو عدوانية مرتبطة بالصديق الوهميّ الذي يتسم بشخصية مخيفة أو شريرة مثلاً، أو إذا اعتمد بصورة مفرطة ولفترات طويلة على الصديق الوهمي بدلاً من التفاعل واللعب مع الآخرين، أو إذا أبدى مشاعر سلبية أو عانى من مزاجٍ سيئ مرتبط به.
المراجع
[1] thrive.psu.edu, My child has an imaginary friend… should I be concerned?
[2] bethtyson.com, What do Imaginary Friends Mean for Our Children’s Mental Health?
[3] romper.com, Don't Panic: Your Child's Imaginary Friend Is Just Their Creativity At Work
[4] psy-ed.com, Why Imaginary Friends can be Helpful for Young Children
[5] akatherapy.com, Importance of Imaginary Friends in a child’s Psychological Development