جار التحميل...
وفي ما يأتي توضيح أبرز الفروقات بين القائد والمدير:
يمتلك المدير مهارات إدارية تُمكِّنه من السيطرة على الفريق، وضمان تحقيق أهداف العمل بأفضل صورة ممكنة؛ كالقدرة على التخطيط، والتنظيم، والتعلُّم من نهج الإداريين السابقين، إضافة إلى التحلّي بالفِكر المُتميِّز والمُنظَّم ضمن قُيود وحُدود مُعيَّنة؛ بسبب طبيعة المسؤولية، ودوره الوظيفي، والتسلسل الهرمي الخاضع له.
أمّا القائد، فيُنتخَب لمنصب ما؛ بفضل شخصيته المُتميِّزة، ومهاراته القيادية، وثقته بنفسه، واتِّصافه بالوعي، والانفتاح، والتفكير البَنّاء والمَرِن الذي يخلق الفرص، ويقود الفريق إلى النجاح، وتحقيق الهدف بكلّ ثقة؛ فبينما يميل المدراء إلى اتِّباع الأساليب التقليدية، يميل القادة إلى الابتكار دون قُيود أو خوف من تحمُّل المسؤولية.
تتمحور وظائف الإدارة حول التخطيط، والهيكلة، والتنظيم، وتحديد وظائف الموظفين وأدوارهم ضمن فريق العمل، والتنسيق بين الأقسام، وتحديد مسؤولية كلٍّ منها، إضافة إلى وضع الميزانيات، وتقييم سير العمل ومدى التزام الموظفين، علماً بأنّ التسلسل الهرمي يُحدِّد لكلّ عامل وظيفته تحت إشراف مرؤوسه؛ ممّا يعني أنّ المدير لا يُؤدّي دور غيره.
بينما يُعَدّ القائد مصدر إلهام وقوّة وقدوة عظيمة، يقع على عاتقه تحفيز الفريق، والتأكيد على تبادل الثقة بينهم، والتحقُّق من قدرات كلّ عضو وإمكاناته في تحمُّل مسؤولية الأعمال المُوكلة إليه، بالإضافة إلى التأكيد على أهمّية الدعم والمساعدة بين الجميع؛ لتحقيق الأهداف المَرجُوَّة.
يتمتَّع المدير بالسُّلطة الرسمية التي تمنحه الحقّ لممارسة واجباته بالطريقة التي يراها مناسبة، وتقع على عاتقه مَهمّة إصدار القرار أو الحكم النهائي، وإجراء التغييرات وفق مُتطلَّبات العمل، وفي الوقت ذاته، يمنح الموظفين الصلاحيات، ويُوجّه العقوبات، علماً بأنّ نهج كلّ مدير في الإدارة يختلف حسب شخصيّته، وكفاءته.
أمّا القائد، فيمتلك السُّلطة ذاتها، ولا يُشترَط بالضرورة أن تكون سُلطة رسميّة؛ فقد يكون الشخص قائداً بالانتخاب خارج منظمة أو قطاع مُعيَّن؛ إذ يُنتخَب لكفاءته، ومهارته، وشخصيته القيادية المُؤثِّرة والمناسبة لمنصبه، والتي أكسبته الاحترام والقبول، وبناءً عليه يكون اتِّصاله مع الفريق مبنيّاً على المودّة والثقة التي تتطوَّر بمرور الوقت؛ نتيجة حُسن التعامل، والقيادة الناجحة.
تقوم العلاقة بين المدراء والموظفين على الودّ والاحترام، وتميل إلى الرسمية؛ إذ يُحافظ المدراء على مسافة أمان عند التعامل مع الموظفين، فتقتصر العلاقة بينهم على التعاون داخل العمل، ولا يتعمَّق المدير في شخصيّات الموظفين، ولا يُكوِّن معهم علاقات شخصية إلّا في إطار العمل؛ بوضع كلّ شخص في مكانه المناسب.
وعلى خلاف ذلك، فإنّ القائد الناجح يتمتَّع بشخصية مُنفتحة على الآخرين، ويميل إلى التعمُّق في شخصيات أعضاء فريقه، ويتواصل معهم إيجابيّاً، ويُظهر المزيد من الاهتمام والاحترام لهم، ويُحدِّد نقاط القوّة والضعف لدى كلٍّ فرد منهم؛ ممّا يساعده على التكيُّف، واختيار الطُرق لمناسبة؛ لتوجيههم، ومكافأتهم، وقيادتهم بثقة أكبر؛ لتحقيق الأهداف المَرجُوَّة.
يُحافظ المدير على سَير العمل ويُبقيه تحت السيطرة، ويتجنَّب المخاطرة والتغييرات الكبيرة التي قد تقلب الموازين، وتُسبِّب المشكلات، أو تخلق تحدّيات جديدة، وعند حدوث مشكلة ما، يُحاسِب المدير الشخص المُسبِّب لها، أو المُشرف الذي تقع على عاتقه مسؤولية تحمُّلها، ويبحث عن الموظفين المُؤهَّلين والقادرين على إصلاحها وتجاوزها.
أمّا القائد، فيتمتّع بنظرة مستقبلية أكثر شموليّة، وقدرة على اتِّخاذ القرارات الحاسمة التي قد يكون فيها قدر من المخاطرة؛ بفضل شخصيّته الجريئة والحذرة التي تساعده على التقدُّم والإنجاز، وعند مواجهة أيّ تحدّيات، فإنَّه يتغلَّب عليها بالتعاون مع فريقه الذي يُبادله الثقة، ويعمل معه لتحقيق الأهداف نفسها.
الإدارة والقيادة وجهَان لعُملة واحدة؛ ألا وهي نجاح العمل، إذ يُحقِّق المدير التوازن اليومي الوظيفي، بينما يُرشد القائد الفريق إلى مستقبل ذي رؤية أفضل، وبصرف النظر عن الفروقات التي ذُكِرت سابقاً، على الرغم من أنّها متفاوتة، وتختلف باختلاف طبيعة الشخص ذاته وكفاءته.
ويُشار إلى أنّ القادة ليسوا جميعهم مدراء ناجحين، ولا يصلح كلّ القياديين للإدارة، وإنَّما لكلٍّ منهم مَهامّ وواجبات تتوافق مع إمكاناتهم وقدراتهم، ولا يتحقَّق نجاح العمل بدَمج مفاهيم القيادة والإدارة، بل باستغلال مُميِّزات الفريق ومهاراته؛ لجعل أدوارهم في المنظَّمة فَعّالة وناجحة، وهو ما تبحث عنه الشركات والمنظمات حالياً.
لا داعي لأن يتفوَّق القائد على المدير، أو العكس؛ إذ يُمكن للشخص أن يجمع بين الصفتَين؛ فالإدارة والقيادة تنسجمان معاً؛ لتحقيق أهداف العمل وإنجاحه، ولكلٍّ منهما تأثيره الخاصّ في الفريق، والمفاضلة والمنافسة بينهما قد تخلق مشكلات تؤثّر في جودة العمل، وراحة العاملين فيه.
ويؤكِّد ذلك قول المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيَّب الله ثراه"، عن ضرورة تحلّي الشخص بمَكارم الأخلاق، بصرف النظر عن منصبه؛ سواء أكان قائداً، أم مديراً: "إنّني أُوصي بالرجال الذين يتحلَّون بالصفات الحميدة"؛ إذ يُشير إلى أنّ الصفات التي يتحلّى بها المدير والقائد هي الأهمّ بصرف النظر عن المناصب التي يشغلانها.
وعندما تندمج سِمات الشخصية القيادية للقائد الناجح بالمهارات الوظيفية للمُدير المُتميِّز، ينعكس ذلك على اتِّزان بيئة العمل، ويساعد في حلّ المشكلات، وتخطّي الصعوبات، بأفضل الطرق التي تجمع بين حِكمة المدير، وقوّة القائد وانفتاحه.
المراجع
[1] indeed.com, Leadership vs. Management (Differences and Relevant Skills)
[2] daniels.du.edu, Leadership vs. Management: The Key Differences
[3] www.charleston southern.edu, Identifying differences between a boss and a leader
[4] online.adelaide.edu.au,What is the Toughest Engineering Branch in the World?
[5] best diplomats.org, 5 Key Differences Between a Leader and a Manager