جار التحميل...
ولا بُدَّ من اتِّباع بعض النصائح والخطوات الفعّالة التي من شأنها أن تزيد فرص نجاح طلب الترقية في العمل؛ فالعملية ليست عشوائية، بل تتطلّب نهجاً مدروساً يُمكن للموظف من خلاله أن يُقدِّم نفسه بأفضل صورة مُمكِنة للإدارة، وفيما يأتي بعض الخطوات الأساسية لكيفية التقدُّم بطلب ترقية بمهنية وفَعاليّة:
قبل الشروع في طلب الترقية، من الضروري إجراء تقييم ذاتي شامل للأداء الوظيفي والجاهزية للمسؤوليات الجديدة؛ فهذه الخطوة الأوّلية تُعَدّ حجر الأساس في عملية الترقية الوظيفية؛ إذ تضمن استناد الطلب إلى أسس متينة من الكفاءة والاستعداد.
ومن الضروريّ أيضاً مراجعة الوصف الوظيفي للمنصب الحالي بدِقَّة؛ إذ إنَّ إتقان المَهامّ والمسؤوليات المَنوطة بالموظف جميعها يُعزّز موقفه عند التقدُّم بطلب الترقية؛ فكُلّما كان مُتقِناً لمَهامِّه، زادت فُرَصه في الترقية، لذا ينبغي على الموظف أن يُقيِّم أداءه في كلّ مجال من مجالات عمله، ثمّ يُحدِّد نقاط القوّة والمجالات التي تحتاج إلى تطوير، وبذلك يُهيِّئ نفسه للترقية المستقبلية، ويضع قدمه على أوّل درجات السلّم الوظيفي نحو مناصب أعلى.
كما يُعَدّ الجانب النفسي والذهني عنصراً مهمّاً يجب أخذه في الاعتبار عند التفكير في طلب الترقية؛ فالاستعداد الذهني للتحدّيات الجديدة وتحمُّل مسؤوليات إضافية أمر بالغ الأهمية؛ فقد يحتاج الموظف الجديد في المؤسسة إلى وقت للتأقلُم مع بيئة العمل قبل السَّعي إلى التغيير، وفي المقابل، قد يشعر موظف آخر أنّ وظيفته الحالية لا تستنفد كامل إمكاناته، ممّا يدفعه إلى التفكير في الترقية.
قبل التقدُّم بطلب الترقية، من الضروري إجراء بحث شامل حول الدور المرغوب فيه، والفُرَص المُتاحة في الشركة، وهذه الخطوة الأساسية تساعد في اتِّخاذ القرار المهني الصحيح، كما تُعزّز قدرة الموظف على إقناع الإدارة العُليا بأهليّته للمنصب الجديد؛ فمن خلال جمع معلومات عن التغييرات التنظيمية المُحتمَلة، مثل مغادرة موظفين، أو تقاعُدهم، يُمكن إيجاد فرص للتقدُّم الوظيفي.
وبعد تحديد المنصب أو الدور المُستهدَف، يأتي دور التعمُّق في فهم طبيعته بتفصيل أكثر؛ إذ يمكن للموظف ترتيب لقاء مع شخص يشغل هذا المنصب حالياً في الشركة وينوي التقاعُد أو الانتقال إلى منصب آخر؛ فهذا اللقاء يُتيح فرصة ثمينة للاستفسار عن المسؤوليات الرئيسة، وطبيعة العمل اليومي، والحصول على نصائح قَيِّمة من واقع الخبرة العملية، وإن لم يتوفّر هذا الدور في الشركة الحالية، يمكن التواصل مع أشخاص يشغلون مناصب مماثلة في شركات أخرى عبر منصّات مهنية، مثل "LinkedIn"، ممّا يُوفّر نظرة شاملة عن الدور.
بالإضافة إلى إمكانيّة الاستفادة من الاطِّلاع على إعلانات الوظائف المُشابِهة؛ للتعرُّف على المهارات والمسؤوليات الأساسية المطلوبة، وبذلك يتمكَّن الموظف من تقييم مدى ملاءمته للدور، وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تطوير، ويجب على الموظف أيضاً تقييم مدى توافق الدور المرغوب فيه مع أهدافه المهنية طويلة المدى، وتطلُّعاته المستقبلية، وبذلك يكون قرار طلب الترقية مدروساً من كافّة الجوانب، وليس مُجرَّد رغبة في الحصول على منصب أعلى أو راتب أفضل.
يجري طلب ترقية في العمل ومناقشته من خلال اجتماع مُحدَّد مسبقاً مع الإدارة، ويؤدّي اختيار الوقت المناسب دوراً مِحوَرياً في نجاح طلب الترقية، فرغم عدم وجود توقيت مثالي مُحدَّد، إلّا أنَّ بعض الفترات تُعَدّ أكثر مُلاءمة من غيرها؛ إذ يُعَدّ التقييم السنوي أو نصف السنوي للأداء فرصة مناسبة لطرح موضوع الترقية؛ فمن الطبيعي أن يتناقش الموظف مع المدير الأداء الوظيفي وآفاق التطوّر المهني في مثل هذا الوقت، ويمكنه انتهاز الفرصة وعرض الموضوع، ومع ذلك ينبغي التحقُّق من استحقاق الترقية قبل طلبها؛ فالترقية ليست حقّاً مُكتَسَباً لمُجرَّد حلول موعد التقييم، بل هي ثمرة الجُهد المُتواصِل والأداء المُتميِّز.
كما ينبغي الاستفادة من بعض الظروف العامّة للشركة عند التفكير في طلب الترقية؛ فالتغييرات التنظيمية؛ كدمج الأقسام، أو إعادة هيكلة الفريق، قد تخلق فرصاً مناسبة للتقدُّم الوظيفي؛ ففي مثل هذه الأوقات، يمكن للموظف الاستفسار عن دوره المستقبلي في ظلّ التغييرات الجارية، ممّا قد يفتح المجال لمناقشة إمكانية الترقية.
أمَّا عند التخطيط لطلب الترقية خارج إطار التقييم الدوريّ، فيُفضَّل إرسال بريد إلكتروني لطلب اجتماع مع المدير، ومن المهمّ توضيح الرغبة في مناقشة التقدُّم الوظيفي والفُرَص المُحتمَلة في هذا البريد، وبذلك يكون لدى المدير وقت كافٍ للتفكير في أداء الموظف والخيارات المُتاحَة، ممّا يُجنِّبه عنصر المفاجأة، ويزيد بالتالي احتمالية الحصول على استجابة إيجابية.
وقد يظنّ بعض الموظفين أنَّ الشركة إن كانت تمرّ بظروف اقتصادية صعبة، فلا يمكنهم طلب ترقية، إلّا أنَّ الأمر قد يتحقَّق؛ فالمدراء الناجحون يدركون أهمية الاحتفاظ بالموظفين المُتميِّزين ومكافأتهم حتى في أوقات التحدّيات المالية، إلّا أنّ على الموظف أن يدرك أنَّه وإن كانت الزيادة المالية المُصاحِبة للترقية محدودة حالياً، فإنّ تَولّي مسؤوليات أكبر قد يؤدّي إلى مكافآت مالية أفضل مستقبلاً عند تحسُّن الأوضاع الاقتصادية.
أثناء الاجتماع مع إدارة الشركة لمناقشة فُرَص الترقية، لا بُدَّ من اتِّباع استراتيجية واضحة ومدروسة؛ إذ يُعَدّ هذا الاجتماع فرصة حاسمة للموظف لعرض قدراته وإنجازاته بفعاليّة، لذا من الضروري أن يكون مُستعِدّاً لتقديم صورة شاملة ومقنعة عن أدائه وقيمته للمؤسسة؛ من خلال التعبير بثقة عن إسهاماته وأهميته للشركة، مُوضِّحاً بدِقّة كيفيّة مساهمة مهاراته وإنجازاته في نجاح المؤسسة وتقدُّمها.
ومن المهم أيضاَ أن يُسلِّط الموظف الضوء على كيفية استفادة الشركة من ترقيته إلى منصب أعلى، مُبيِّناً قدرته على المساهمة بفعالية أكبر في هذا الدور الجديد، وعليه أن يظهر التزامه وشغفه واستعداده لتحمُّل مسؤوليات إضافية، ممّا يُعزّز موقفه في طلب الترقية.
ويتمثّل الجانب الأكثر أهمّية في عملية طلب الترقية بالقدرة على تقديم أدِلّة ملموسة على الاستحقاق والجاهزية لتولّي مهامّ أكبر، لذا ينبغي أن يُعِدّ الموظف قائمة شاملة بأبرز إنجازاته قبل الاجتماع؛ فهذه القائمة ستُشكِّل المَحاور الرئيسة لحديثه؛ إذ يمكنه استخدامها لإبراز نقاط قوّته المُحدَّدة، وتوضيح كيف تجاوز التوقُّعات في أداء مَهامّه الحالية.
ويمكنه أيضاً الإشارة إلى المشاريع الناجحة التي قادها، أو المبادرات التي أطلقها والتي أدَّت إلى تحسين الكفاءة أو زيادة الإيرادات، إلى جانب طرح الأفكار التي ستُسهم في المُضِيّ قُدُماً نحو تحقيق رؤية الشركة ورسالتها.
وفي الختام، يُنصَح بتجنُّب الممارسات التي قد تُؤثّر سلباً على فُرَص الترقية؛ كمقارنة الموظف نفسه بالزملاء، أو تهديده بترك العمل، أو التركيز فقط على المصلحة الشخصية دون ربطها بأهداف الشركة، كما يجب تجنُّب المبالغة في تقدير الذات أو ادِّعاء مهارات غير موجودة؛ إذ إنَّ الصدق والواقعية أساس بناء الثقة مع الإدارة، وإن رُفِض طلب الترقية، ينبغي تقبُّل القرار بإيجابية والاستفسار عن أسباب الرفض بمهنية، واستخدام هذه المعلومات كفرصة للتطوير الذاتي والاستعداد الأفضل للفُرَص المستقبلية.