جار التحميل...
لذا من الضروري إدراك هذه الأخطاء وتجنُّبها؛ لتقديم سيرة ذاتية قوية ومؤثّرة تعكس بدِقّة مهارات المتقدّم وخبراته، وتزيد فرصه في لفتِ انتباه أصحاب العمل.
يُعَدّ الإفراط في التفاصيل أحد الأخطاء الشائعة في كتابة السيرة الذاتية، وقد يُؤدّي إلى إضعاف قوّتها، ويُنصَح هنا بأن تقتصر السيرة الذاتية على صفحتَين بحجم A4 كحدّ أقصى، وتجنُّب الحشو الزائد واستخدام العبارات الأدبية والتشبيهات لزخرفة الكلام.
ولتجنُّب هذه الأخطاء، من الضروري التركيز على المعلومات الأكثر صِلة بالوظيفة المُستهدَفة، والتي تُميِّز المُتقدّم عن باقي المُرشّحين؛ فعلى سبيل المثال، يمكن إبراز المهارات اللغوية للوظائف التي تتطلّب التواصل بلغات متعدّدة، أو الخبرة في إدارة المشاريع للمناصب الإدارية، أو المهارات التقنية المُتقدّمة لوظائف تكنولوجيا المعلومات، وتلخيص الخبرات الأقلّ ارتباطاً أو الأقدم في نقاط مُوجَزة دون الخوض في تفاصيل مُطوَّلة، مع إمكانية التوسُّع في التفاصيل خلال المقابلات الشخصية عند الحاجة.
وفيما يتعلّق بالمُتقدّمين ذوي الخبرة الطويلة، يُفضَّل تقليص الخبرات التي تتجاوز خمسة عشر عاماً أو دمجها؛ إذ غالباً ما تكون الخبرات الحديثة أكثر أهمية للوظيفة الحالية، وبدلاً من سرد التفاصيل كلّها، من الأفضل إبراز الأدوار والإنجازات ذات التأثير الملموس، مثل المشاريع الناجحة، والنتائج التي أدّت إلى تحسينات كبيرة في العمل.
وفي الوقت نفسه، ينبغي الانتباه إلى عدم اختصار الأمور المهمة والأساسية في السيرة الذاتية ولا حذفها؛ كي لا يؤدّي ذلك إلى حدوث خلل وتشويش فيها؛ كالدرجة العلمية، أو الإنجازات الأساسية، والمهارات المطلوبة للعمل.
يُشكّل التنسيق الضعيف للسيرة الذاتية عائقاً خفيّاً يحول دون إبراز الكفاءة المهنية للمُتقدّم بفَعاليّة؛ فهو يصرف انتباه أصحاب العمل عن المؤهلات والخبرات الجوهرية، ويعطي انطباعاً سلبياً عن مدى الاهتمام بالتفاصيل، ونظراً للوقت المحدود الذي يُخصّصه أصحاب العمل لكلّ سيرة ذاتية، فإنَّ تقديم وثيقة مُنظَّمة وسهلة القراءة يُعَدّ أمراً حيوياً لإظهار الاحترافية.
وللتغلُّب على هذا العائق، ينبغي الحرص على اختيار أنماط واضحة للخط المستخدم في الكتابة، مثل: "Times New Roman"، أو "Arial"، أو " Calibri"، على ألّا يقلّ حجمه عن 10، ولا يزيد عن 14، كما يُنصَح بتنظيم المعلومات في أقسام مُحدّدة، واستخدام الخطّ العريض للعناوين الرئيسة؛ لتسهيل تصفُّح المحتوى.
من الأخطاء الشائعة في كتابة السِّيَر الذاتية الاكتفاء بسَرد المسؤوليات والمهامّ في كلّ وظيفة سابقة؛ فهذا النَّهج يُخبر أصحاب العمل فقط بمهامّ المُتقدّم دون إظهار مستوى أدائه وإنجازاته في كلّ منصب أو مهمّة.
ولتجنُّب ذلك، ينبغي تسليط الضوء على النتائج الملموسة والإنجازات التي حقَّقها الشخص خلال مسيرته المهنية؛ فأصحاب العمل يهتمّون بمعرفة مستوى النجاح الذي حقَّقه المُتقدّم في خبراته السابقة، ممّا يُوفّر فرصة قَيِّمة لإبراز المهارات وكيفية ارتباطها بالوظيفة المُتقدَّم إليها.
لذا ينبغي ذكر المهامّ ذات الصلة، مع التركيز على النتائج المُحقَّقة عند كتابة الخبرات السابقة، ومن المهمّ تدعيم هذه النتائج بأرقام وأمثلة ملموسة؛ فمثلاً، إذا كان الشخص يعمل كمُمثِّل خدمة عملاء، فيمكن ذِكر مُعدَّل الاستجابة للرسائل الإلكترونية ضمن وقت مُحدَّد، أو إذا كان مدير مشروع، فيمكن الإشارة إلى مقدار المال الذي وَفَّره للشركة من خلال اختيار مُورِّدين أقلّ تكلفة.
ويمكن صياغة الإنجازات بطريقة مُؤثّرة؛ من خلال الجمع بين ثلاثة عناصر رئيسة، وهي: المهارة المُستخدَمة، والعمل المُنجَز، والنتيجة المُحقَّقة، بشكل قابل للقياس؛ فعلى سبيل المثال، بدلاً من كتابة "عملتُ على تحسين خدمة العملاء"، يمكن كتابة "درَّبتُ فريق خدمة العملاء المُكوَّن من 20 موظّفاً على مهارات التواصل الفعّال، ممّا أدّى إلى زيادة رضا العملاء بنسبة 40% خلال ثلاثة أشهر؛ وفقاً لاستطلاعات الرأي الشهرية".
تُعَدّ دِقّة معلومات الاتِّصال في السيرة الذاتية عنصراً حيوياً لا يقلّ أهمية عن المؤهلات والخبرات المهنية؛ فبينما يُركّز الكثيرون على تحسين محتوى سِيَرهم الذاتية، قد يغفلون عن أهمّية التحقُّق من صحّة بيانات الاتِّصال الخاصّة بهم، ممّا قد يُشكِّل عَقَبة غير مُتوقّعة في مسار توظيفهم.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ مسؤولي التوظيف يُواجِهون إحباطاً عندما يعثُرون على مُرشّح يبدو مناسباً للوظيفة، فيفشلون في التواصل معه بسبب خطأ في رقم الهاتف أو عنوان البريد الإلكتروني، وهذا الخطأ البسيط قد يحرم المُتقدّم من فرصة مهنية قَيِّمة، ويُفوِّت على الشركة مُرشَّحاً قد يكون مُؤهّلاً بامتياز.
ولتجنُّب هذه العَقَبة، من الضروري إجراء مراجعة دقيقة لبيانات الاتِّصال كلّها في السيرة الذاتية، ويشمل ذلك التأكُّد من صحّة رقم الهاتف، وعنوان البريد الإلكتروني، والعنوان البريدي؛ فهذه المعلومات تُمثّل حلقة الوصل الأساسية بين المُرشّح وفرصته المهنية المستقبلية.
تُعَدّ الأخطاء الإملائية والنحوية في السيرة الذاتية من أكثر الهفوات التي تؤثّر سلباً على فرص المُتقدّم للوظيفة؛ فبغضّ النظر عن المنصب المُستهدَف، تُعطي هذه الأخطاء انطباعاً بالإهمال وعدم الدِّقّة، ممّا قد يُقلّل بشكل كبير فرص الحصول على الوظيفة حتى لو كان المُتقدّم مُؤهَّلاً تماماً لها.
وعلى الرغم من إمكانية حدوث الأخطاء، إلّا أنّ وجودها في السيرة الذاتية يُشير إلى عدم بذل الجهد الكافي في المراجعة قبل التقديم، والاعتماد على المُدقّق الإملائي الإلكتروني وحده غير كافٍ؛ فهو قد يلتقط الأخطاء الإملائية البسيطة، لكنّه غالباً ما يفشل في اكتشاف الكلمات المكتوبة بشكل صحيح في سِياق خاطئ.
لذا يُنصَح بالاستعانة بشخص يتمتّع بمهارات لغوية مُتقدّمة وخبرة في صِياغة السِّيَر الذاتية لمراجعتها؛ فمِثل هذا الشخص يكون قادراً على كشف الأخطاء اللغوية الدقيقة، وتحسين أسلوب الكتابة، ممّا يسهم في تقديم سيرة ذاتية خالية من العيوب ومُصاغة بشكل احترافيّ يعكس بدِقَّة الكفاءة المهنية للمُتقدّم.
يُعَدّ إدراج معلومات كاذبة أو مُضلّلة في السيرة الذاتية خطأً جسيماً يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على المسار المهني، وهذه الممارسة لا تقتصر فقط على الادِّعاءات الكاذبة الصريحة، بل تشمل أيضاً المبالغة في الحقائق أو تضخيمها؛ فقد يبدو للبعض أنّها أقلّ خطورة، لكنَّها في الواقع لا تقِلّ ضرراً.
ويُشار إلى أنّ هذه المعلومات غير الصحيحة -مهما كانت بسيطة- تؤدّي إلى فقدان ثقة صاحب العمل، وتضرّ بنزاهة المُتقدّم، ومع تزايد استخدام عمليات التحقُّق من الخلفية، والبحث عبر الإنترنت، أصبح من السهل على أصحاب العمل التحقُّق من صحّة المعلومات المُدرَجة في السيرة الذاتية.
كما يتواصل العديد من أصحاب العمل مع أرباب العمل السابقين؛ للتحقُّق من التفاصيل المذكورة، ممّا يجعل اكتشاف أيّ معلومات غير دقيقة أمراً مُحتمَلاً، وهذا الاكتشاف لا يُؤدّي فقط إلى رفض الطلب الحالي، بل قد يكون ذا تأثير سلبي طويل المدى على السُّمعة المهنية للفرد في مجال عمله.
لذا فإنّ الصدق هو دائماً أفضل سياسة فيما يتعلَّق بالسِّيَر الذاتية وطلبات التوظيف، ويجب أن يكون المُتقدّم صريحاً بشأن نقص الخبرة في مجال مُعيَّن بدلاً من محاولة تغطية هذا النقص بمعلومات مُضلِّلة، بل وتجنّب ذكر جوائز لم يحز عليها أو هوايات ورياضات ليس مُتمرّساً فيها؛ فالسيرة الذاتية الجيّدة هي التي تعرض فقط الخبرات والتدريبات الحقيقية، ممّا يعكس الكفاءات الفعلية للمُتقدّم، ويبني الثقة مع أصحاب العمل المُحتمَلين.
وفي الختام، يُنصَح بالنظر إلى السيرة الذاتية كأداة تسويقية في عالم العمل التنافسي؛ فهي تُمثّل الواجهة الأولى للمُرشّح أمام أصحاب العمل المُحتمَلين، وبالتالي يجب صياغتها بعناية فائقة لتعكس القيمة الحقيقية التي يمكن للفرد تقديمها للمُؤسَّسة والهدف الوظيفي الذي يصبو له، ومن المهمّ أيضاً تحديث السيرة الذاتية مع تطوُّر المسار المهني؛ فالاستثمار في إعداد سيرة ذاتية قوية ومُتميّزة هو استثمار في المستقبل المهني، ويمكن أن يكون العامل الحاسم في فتح أبواب الفرص الوظيفية المرموقة.
المراجع
[1] indeed.com, 10 common mistakes in a CV and how to correct them
[2] premieragile.com, Common Mistakes to Avoid in Resume Writing: Advice from Career Experts
[3] careers.govt.nz, Are you making one of these 9 common CV mistakes?
[4] jobseeker.com, The 10 Most Common CV Mistakes to Avoid
[5] walterspeople.ie, 6 mistakes to avoid when writing your CV