جار التحميل...
تحديد أسباب عدم التوازن بين العمل والحياة الشخصية: ضع يدك على الخلل
لتحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعملية يجب أوّلاً تحليل الأسباب التي تُؤدّي إلى عدم التوازن بينهما، ومن خلال طرح بعض الأسئلة، يستطيع الشخص أن يُحدِّد هذه الأسباب؛ كأن يسأل نفسه: هل أعمل لساعات طويلة؟، أو هل يتطلَّب العمل منّي الكثير من الوقت والطاقة بحيث لا يبقى لديّ وقت للراحة أو لقضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء؟، أو هل أُعاني من ضغط الوقت؟، أو هل تقع على عاتقي كلّ مسؤوليات المنزل وأحتاج إلى إعادة توزيع الأدوار مع بقية أفراد العائلة؟
وبناءً على هذا التحليل، يمكن وضع خُطَّة تحتوي على استراتيجيات فَعّالة لمواجهة الأسباب التي تُؤدّي إلى عدم التوازن بين العمل والحياة الشخصية.
تنظيم الوقت وإدارته: المفتاح الأساسي
تُمثِّل إدارة الوقت مفتاح النجاح في الحياة المليئة بالتحدِّيات والمسؤوليات، لذا ينبغي على الأفراد إتقان فنّ التخطيط الجيِّد لأوقاتهم؛ بوضع جدول زمنيّ مُنظَّم للأعمال والمهامّ الشخصية في بداية كلّ أسبوع، ويمكن استخدام دفتر المواعيد أو التقويم لتسجيل الأنشطة والمهامّ المُقرَّرة خلال الأسبوع، ممّا يساعد على تنظيم الوقت بفاعِليَّة.
وكما يجري توزيع المهامّ بين أفراد الفريق في بيئة العمل، ينبغي أن يكون الأمر كذلك في المنزل؛ فإذا كانت الأسرة مُكوَّنة من عِدَّة أفراد، فإنّ مسؤولية توزيع المهامّ المنزلية بعدالة تقع على عاتق الجميع؛ حتى يتسنّى تحقيق التوازن المنشود في تنظيم الوقت بينهم، ولا شكّ في أنّ التخطيط الجيّد للوقت يُعزِّز الإنتاجية ويُحقِّق التوازن بين العمل والحياة الشخصية؛ فالوقت من أثمن الموارد التي يجب استغلالها على أكمل وجه.
تحديد الأولويات: الأهم فالمهم
في زحمة الحياة وتنوُّع الأدوار والمسؤوليات، يُواجه الفرد تحدِّيات كبيرة في محاولته الجمع بين مختلف الجوانب المهمّة في حياته؛ فهو يسعى إلى تحقيق النجاح المهني، والاستمتاع بعلاقة زوجية سعيدة، وأن يكون والداً مُتَفانِياً ومُشاركاً في حياة أبنائه، وقد تكون لديه أيضاً أهداف أخرى؛ كمُواصَلة التعليم، والمُساهَمة في خدمة المجتمع، والالتزام ببرنامج للّياقة البدنية، بالإضافة إلى أنَّه قد يواجه تحدِّيات إضافية، مثل: رِعاية الوالِدين المُسِنَّين، أو التعامل مع حالات مَرَضِيَّة في الأسرة.
وهنا يجدر التنويه إلى أنّ هذه الأمور جميعها تستنزف الوقت والطاقة، وغالباً ما تتعارض وتتداخل معاً، ونظراً لمحدودية الوقت في اليوم الواحد، يمكن أن يلجأ الفرد إلى التفكير في قِيَمه ووضع بعض الأولويات بناءً عليها؛ فعلى سبيل المثال، إذا كانت المُشارَكة الفَعّالة في حياة الأبناء أهمّ الأولويات، فقد يكون تخصيص وقت يومياً لتدريسهم وقضاء الوقت معهم أكثر أهمية من العمل ساعات إضافية لتوفير المال اللازم لشراء منزل أكبر.
ولتحقيق التوازن المنشود، يجب تحديد الأولويّات وجدولتها بشكل صحيح؛ باستخدام أدوات، مثل: التقويمات، وقوائم المَهامّ، وتطبيقات الهاتف الذكيّ، بحيث يُخصَّص جانب للعمل، وآخر للحياة الشخصية، أمّا بالنسبة إلى العمل، فتُحدَّد الأولويات، مثل: الاجتماعات الدورية مع مجلس الإدارة، أو إعداد ميزانية التسويق، بينما يجري تحديد الأولويات، مثل: زيارة الوالدين ورِعايتهم، أو إجراء صيانة ضرورية للمنزل، على الصعيد الشخصيّ؛ فعند تحديد الأولويات بوضوح، يتسنّى تخصيص الوقت اللازم للأمور الأكثر أهمّية في الحياة، دون إغفال تخصيص بعض الوقت للراحة والاسترخاء الشخصيّ أيضاً.
تجنُّب العمل خارج الأوقات الرسمية: اخلع ثوب العمل في المنزل
مع تداخل مسؤوليات العمل والواجبات الشخصية، غالباً ما ينسى المرء أهمّية الفصل بين هذين الجانِبَين المُهِمَّين من حياته، لذا يجدر التنويه إلى أنّ كافَّة الأنشطة المُتعلِّقة بالعمل يجب أن تنتهي بانتهاء ساعات العمل -إلّا في بعض الحالات الضرورية جدّاً-؛ حتى يتسنّى للفرد استعادة توازنه وراحته النفسية، والاستمتاع بالوقت المُتَبقّي من اليوم دون انقطاع أو تشويش، ممّا يُمكِّنه من مُواجَهة تحدِّيات اليوم التالي.
وينبغي عدم السماح للعمل بالتطفُّل على الوقت المُخصَّص للحياة الشخصية وللعائلة؛ سواء بإتمام إنجاز بعض مُتطلَّبات العمل في البيت، أو متابعة البريد الإلكتروني، أو الإشعارات، أو استقبال اتِّصالات مُتعلِّقة بالعمل؛ لأنَّ هذا يعني السماح للعمل بالتداخل مع الحياة الشخصية، الأمر الذي يخلق ضغوطاً نفسية وتوتُّراً يُشتِّت التركيز، ويحول دون الشعور بالراحة التامَّة والاستمتاع الكامل بالوقت الخاصّ.
تجنُّب أسباب تشتت التركيز في العمل: ستدفع ثمن التشتت
تُعَدّ المُشتِّتات والمُلهِيات من أبرز التحدِّيات التي تُواجِه الأفراد وتُؤثّر سَلباً على إنتاجيَّتهم وتركيزهم خلال ساعات العمل، وقد تضطرّهم إلى العمل ساعات إضافية لإنجاز المهامّ المطلوبة، أو إكمال العمل في البيت؛ كأن يتأثَّر الفرد بعوامل مُشتِّتة تَصرِفه عن أداء مَهامّه؛ سواء كانت وسائل التواصل الاجتماعي، أو المحادثات مع الأصدقاء والمُقرَّبين عبر الهاتف، أو الانشغال بالأحاديث مع زملاء العمل، وغيرها الكثير.
لذا ينبغي تجنُّب فتح البريد الإلكتروني الشخصي ومواقع التواصل الاجتماعي أثناء ساعات العمل؛ إذ تسرق هذه الأنشطة الوقت فتُقلِّل من الإنتاجيَّة، بالإضافة إلى أنّ الانقطاع المُستَمِرّ عن العمل يُقلِّل قدرة الشخص على التركيز بشكل فَعّال، وبالتالي نقل العمل إلى المنزل، وعدم القدرة على قضاء وقت شخصيّ للراحة أو مُمارَسة أيَّة أنشطة يُفضِّلها.
ومن الأفضل تأجيل المُحادَثات الخاصَّة مع زملاء العمل إلى أوقات الغداء وفترات الراحة، مع الحرص على التصرُّف بلباقة معهم؛ كإخبارهم بوجود مَهامّ مُلِحَّة يجب إنجازها، وأنَّه يمكنه التواصل معهم في وقت لاحق عندما تسمح الظروف بذلك، وعلاوة على ذلك، ينبغي معرفة حدود التركيز؛ فغالباً لا يستطيع معظم الأفراد التركيز على مهمّة لأكثر من 90 دقيقة دون أخذ قسط من الراحة، مع الحرص على أن تكون فترة الراحة قصيرة كي لا يتسبَّب ذلك في ضياع الكثير من الوقت.
وفي الختام، يُنصَح باتِّباع هذه الخطوات البسيطة للفصل بين العمل والحياة الشخصية بشكل صحيح وفَعّال؛ فالالتزام بتطبيقها بشكل مُنتظَم سيُسهِم في ترسيخ هذه العادات الإيجابية، وتحقيق التوازن المنشود بين هذَين الجانِبَين المُهِمَّين في الحياة.
المراجع
[1] unyoked.co, 15 work–life balance tips, strategies, and practices
[2] theimpactlawyers.com, Six tips for lawyers to separate work and personal life
[3] baremetrics.com, Separating work and personal life: 4 tactics you need to know
[4] verywellmind.com, Why Work-Life Balance Is So Important—and How to Nail It
[5] wikihow.com, How to Keep Your Work and Personal Life Separate