جار التحميل...
وقد يكون العامل الوراثيّ والاختلافات الجينيَّة سبباً رئيساً في نشوء الشخصيَّة السيكوباتيَّة، أو حتى وجود خلل بيولوجيّ في مناطق الدماغ المسؤولة عن الإحساس بالخوف، والتخطيط، واتِّخاذ القرار؛ إذ تكون أقلّ نشاطاً من المُستَوى الطبيعيّ، ممّا قد يدفع المريض إلى التصرُّف دون وعي أو إحساس بالذنب، ويمكن أن تُسبِّب بعض العوامل البيئية والاجتماعية أيضاً هذه الحالة، مثل التعرّض للعنف الأسري أو الحرمان العاطفي، أو صدمات الطفولة المُبكِّرة، أو إساءة المعاملة والإهمال، وخاصَّةً إن كان لدى المريض استعداد وراثيّ.
ويختلف السلوك السيكوباتيّ من حالةٍ إلى أخرى؛ إذ يمكن أن تميل بعض الحالات بشكلٍ كبير إلى السلوكات المُنحَرِفة وغير القانونية، بينما تُوصَف حالاتٌ أخرى بأنَّها ناجحة في حياتها، لذا يُعَدّ التمييز بين السيكوباتيّ ومَن يمتلك بعض السمات السيكوباتية أمراً بالغ الأهمية؛ لتفادي الوقوع في فخّ هذه الشخصية.
ملاحظة: يجدر بالذِّكر أنّ الشخصية السيكوباتية أو الاعتلال النفسيّ لا يُعَدّ تشخيصاً مُعتَمَداً للاختلالات العقلية، وهو يشترك في بعض الصفات مع ما يُعرَف باضطراب الشخصية المُعادِية للمُجتَمَع (ASPD)، إلّا أنّ هذا الاضطراب يشمل أعراضاً أشمل وأوضح من التمرُّد والخروج عن القوانين والأعراف الاجتماعية.
ولمعرفة أبرز سبع صفات شائعة تدلّ على أنّ الشخص سيكوباتيّ، تابع القراءة:
يملك السيكوباتيّ قدرة فائقة على تقمُّص شخصيَّة المحبوب والمُؤثِّر؛ إذ يبدأ بسَرد القصص التي تُظهره بطلاً مثالِيّاً مع مزيجٍ ساحر من الجاذبيَّة والفُكاهة، فهو يُتقِن فنّ الحديث، والتواصل مع الآخرين، وإبداء الاهتمام المُفرط بهم؛ بهدف التأثير فيهم، وخلق صورة مثاليَّة عن نفسه، ولكن سرعان ما يتلاشى ذلك كُلُّه بمرور الوقت ليظهر الجانب السطحي والمُتغَطرِس منه، فيشعر أنَّه فوق القوانين، ويطمح إلى التقدير والتميُّز الدائِمَين، بالإضافة إلى الرغبة في الهيمنة والتحكُّم في الآخرين ، وقد يتجاوز الحدود باستخدام العنف للوصول إلى ما يُريد، باعتباره أيّ شخص يعترض طريقه عقبة ينبغي التخلُّص منها.
ترتبط القسوة والعواطف المُزيَّفة بالسيكوباتيّ في كثيرٍ من الأحيان؛ إذ يُبدي استمتاعاً بإيذاء الآخرين دون الشعور بالندم، إلى جانب العناد، وعدم التأثُّر عاطفيّاً، فهو يتلاعب بالعواطف والمشاعر لتحقيق أهدافه دون الاكتراث بمشاعر الآخرين حتى لو كانوا أقرب المُقرَّبِين إليه، وعلى الرغم من ذلك، إلّا أنّ بإمكانه إظهار التأثُّر والندم؛ لغاياتٍ مُعيَّنة تخدم مَصالِحه الشخصيَّة، وهذا الأمر يقف عائقاً أمام قدرته على بناء علاقات وثيقة طويلة الأمد.
يبرع السيكوباتيّ بالخداع واستغلال الآخرين؛ لتحقيق أهدافه الشخصية بأنانية حتى لو كان ذلك على حساب نجاح الآخرين ووجودهم، ويزداد الأمر خطورة مع قدرته على تبرير أفعاله؛ إذ يلجأ إلى الكذب باستمرار؛ لتغطية سلوكه الخاطئ والخروج من أيّ مأزق، كما يُجيد صياغة رواياتٍ وأكاذيب مُختلفة تتناسب مع المواقف التي يُواجهها دون أيّ شعورٍ بالنَّدَم أو الخَجَل.
يتَّسِم السيكوباتيّ بالحاجة الدائمة إلى التحفيز وشعوره السريع بالملل، فيتجنَّب الأعمال الروتينية في الحياة اليومية، ويبحث عن الإثارة والمغامرة باستمرار، وتحقيق الرضا الفوري تبعاً لـنزواته الشخصية، دون الاكتراث بالعواقب المُتَرتِّبة على ذلك، كما أنَّ مشاعر الملل هذه تنعكس على علاقاته مع الآخرين أيضاً؛ إذ يفقد الاهتمام بهم سريعاً، ولا يتمكَّن من بناء علاقاتٍ عميقة ودائمة.
قد تظهر بعض المشاكل السلوكية في سن مبكرة لدى السيكوباتيّ، مثل التغيُّب عن المدرسة، وتخريب المُمتَلَكات العامَّة، والمُشاجَرات المُتكرِّرة، وعادةً ما تتصاعد وتيرة هذه المشاكل فيما بعد فتؤدّي إلى التمرُّد على القوانين والأنظمة؛ باعتبارها قيوداً تَحُدّ من الحُرِّية وتُعيق التقدُّم، كما يُلاحَظ غياب الشعور بالخوف أو القلق من العقاب والقانون لدى السيكوباتي، ممّا يُفسِّر تصرُّفاته المُتطرِّفة التي تتجاوز الحدود الطبيعيَّة.
يمتلك السيكوباتي قدرة استثنائية على إظهار نفسه أمام الآخرين شخصاً صادقاً وصريحاً، إلّا أنّه من الصعب -في الواقع- فهم شخصيَّته، والتنبُّؤ بتصرُّفاته المُستقبَلِيَّة؛ بسبب قدرته المذهلة على التخطيط بعناية، واستخدام تقنياتٍ مختلفة لكسب الثقة والتعاطف، واختيار الضحايا المُلائمِين لتحقيق الأهداف، بعيداً عن أيّة ثغرة قد تُعيق ذلك.
يَحلُم السيكوباتي بالكثير من الأهداف التي تُلامِس غروره، مثل الثراء، أو الشهرة، دون امتلاك رؤية واضحة لتحقيقها؛ فغالباً ما يبحث عن الطرق السهلة الخالية من التضحيات؛ سواءً كانت باستغلال الآخرين، أو ابتزازهم، دون وازعٍ أخلاقيّ، كما يصعب الاعتماد عليه أو الوثوق به؛ لعدم تحمّله المسؤولية، وإلقائه باللوم دائماً على الآخرين عند الوقوع في المشاكل.
وختاماً، لا يبحث معظم السيكوباتيِّين عن العلاج؛ فهم لا يرون أنَّهم بحاجة إليه، وعلى الرغم من ذلك، فإنَّ مُعالَجة سلوكاتهم ضروريّةً لحماية صحَّة مَن حولهم وسلامتهم، ولتحقيق ذلك، يُمكن تشخيص السيكوباتيَّة من قِبَل الطبيب النفسيّ، ثمّ تحديد خُطَّة علاجٍ مُتعدِّدة تشمل العلاج السلوكيّ المعرفيّ، والنفسيّ، وحتى الدوائيّ في بعض الحالات.
المراجع
[1] verywellmind.com, What Is a Psychopath?
[2] choosingtherapy.com, 20 Signs of a Psychopath: Traits & Characteristics
[3] healthline.com, What Is a Psychopath?
[4] verywellhealth.com, What Is a Psychopath?
[5] uagc.edu, What Makes a Psychopath? | A Psychological Approach to Criminal Minds