جار التحميل...
وتختلف أعراض الإدمان من مُدمِنٍ إلى آخر، ولكنّها بشكلٍ عام تشمل فقدان السيطرة على النَّفْس، والرغبة المُلحّة في زيادة كمية المادَّة المُستخدَمة أو مُدّة ممارسة السلوك؛ للوصول إلى المستوى المطلوب من الشعور بالمتعة، بالإضافة إلى إهمال الواجبات والمسؤوليات الشخصية، والعائلية، والمهنية، وكذلك المعاناة من مشكلات في الصحة الجسديّة والنفسيّة، مع صعوبة التوقّف عن هذا الإدمان، والمعاناة من أعراض انسحابية عند محاولة القيام بذلك، مثل: التقيؤ، والتعرّق، وسرعة الغضب والانفعال.
إدمان المُخدِّرات أو ما يُعرَف بـ "اضطراب تعاطي الموادّ المُخدِّرة"، هو الإدمان على تعاطي موادّ طبيعية نباتية أو مُصنَّعة تختلف في أنواعها وأشكالها حسب تأثيرها على الجهاز العصبي المركزي في الجسم، لكنّها تشمل بشكلٍ رئيس ما يأتي:
يُعَدّ كلّ من الماريجوانا (Marijuana) والحشيش (Hashish) من أنواع المُخدِّرات المُستخلَصة من نبات القنّب الهندي، إلّا أنّ الفرق بينهما أنّ الحشيش يُشير إلى الأجزاء المُشتَقّة من هذا النبات جميعها، بما في ذلك الأوراق، والبذور، والسيقان، والزهور، بينما تُشير الماريجوانا إلى الأزهار والبراعم تحديداً، والتي تحتوي على تركيزاتٍ عالية من مُركَّب رباعي هيدروكانابينول (THC)؛ وهي المادَّة الكيميائية الأساسية المسؤولة عن التأثيرات النفسية للنبات والشعور بالمتعة، ويُمكن القول إنّ الماريجوانا هي شكل من أشكال الحشيش، إلّا أنّ أشكال الحشيش ليست كلّها ماريجوانا.
ويُعَدّ القنّب -بنوعَيه الحشيش والماريجوانا- من أكثر أنواع المُخدِّرات شيوعاً على مستوى العالم؛ فوفقاً لموقع ستاتيستا "Statista" المُتخصِّص بالإحصاءات العالَميَّة، يُقدَّر عدد مُتعاطِي القنّب في أنحاء العالم كلِّه خلال الفترة بين 2011-2021 بحوالي 219 مليون شخص.
أمّا بالنسبة إلى طريقة تعاطي القنّب، فغالباً ما تكون عن طريق التدخين، وفي بعض الأحيان من خلال الأكل، أو حتى الاستنشاق بواسطة جهاز تبخيرٍ خاصّ، ومن أبرز الأعراض التي تظهر على مُدمِنِيه: احمرار العينَين، وارتفاع ضغط الدّم، وتسارُع نبضات القلب، بالإضافة إلى زيادة حِدَّة الحواسّ من البصر والسمع والتذوُّق، وضعف الاتِّزان الحركي، وصعوبة التركيز والاستجابة.
تشمل أبرز أشكال المُنشِّطات وأكثرها شيوعاً الكوكايين (Cocaine)، والميثامفيتامين (Methamphetamine)، بالإضافة إلى الأمفيتامينات (Amphetamines)، وميثيل فينيدات (Methylphenidate)، وهي تزيد اليقظة والنشاط ومستوى الطاقة بشكلٍ كبير، وتمنح شعوراً مُفرِطاً بالبهجة والإثارة، كما يُسبِّب الكوكايين تحديداً الإدمان الشديد، ويُمكن تعاطيه عن طريق الأنف، أو الحقن في الوريد، أو حتى الاستنشاق، أمّا الميثامفيتامين فيتمّ تعاطيه عن طريق الفم على شكل حبوب، أو عن طريق التدخين، أو الاستنشاق، بالإضافة إلى مزج مسحوقه بالماء أو الكحول.
ويُطلَق عليها أيضاً اسم "العقاقير الأفيونية" أو (Opioids)، وهي مُسكِّنة للآلام، وتؤثّر في المناطق التي تتحكّم بالعواطف في الدماغ، وتُقلِّل الشعور بالألم، ويكمن الخطر الرئيس في تناول جرعات زائدة منها ممّا يؤدّي إلى إدمانها؛ لأنّها تحتوي على مُركَّبات تتفاعل مع المناطق المسؤولة عن الجهاز التنفُّسي في الدماغ، وتؤدّي إلى إبطاء عملية التنفُّس بشكلٍ خطير، وفي بعض الحالات التوقُّف الكامل عن التنفُّس والوفاة، وتشمل أبرز الأمثلة على هذه المُسكِّنات والمُهدِّئات الهيروين (Heroin)، والمورفين (Morphine)، والأوكسيكودون (Oxycodone)، والكودين (Codeine)، والميثادون (Methadone)، والفنتانيل (Fentanyl).
من أبرز أنواع العقاقير المُهلوِسة "ثنائي إيثيلاميد حمض الليسرجيك" (LSD) و"الفينسيكليدين" (PCP)، وتُسبِّب المُهلوِسات تغيُّرات في الإدراك الحسِّي، وضعفاً كبيراً في إدراك الواقع، بالإضافة إلى أعراضٍ أخرى مختلفة حسب نوع العقار؛ فمثلاً يترافق النوع (LSD) مع سلوكاتٍ اندفاعية وتغيُّراتٍ سريعة في المشاعر، واسترجاعٍ لذكريات الماضي، وعيش هلاوِس وأوهام مُتعلِّقة بها، بالإضافة إلى تسارع في ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم، وارتعاش الجسم.
يُحفّز النيكوتين (Nicotine) إفراز مادة الدوبامين (Dopamine) في الدّماغ، وهي المسؤولة عن الشعور بالمتعة، ممّا يجعله مُسبِّباً رئيسيّاً للإدمان، ومن أبرز أشكال الإدمان عليه تدخين السجائر العادية، أو السجائر الإلكترونية، أو النرجيلة (الشيشة)، وبشكلٍ عامّ، يزيد التدخين من خطر الإصابة بالعديد من أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان الرئة، والفم، والبلعوم، والحنجرة، كما يُفاقم أمراض الجهاز التنفُّسي، مثل: الرّبو، والتهاب الشُّعب الهوائية، بالإضافة إلى تأثيره السلبي في صحّة القلب، والأوعية الدموية.
إدمان الكحول أو ما يُعرَف بـ "اضطراب تعاطي الكحول" (AUD)؛ هو حالة مَرَضيَّة تتمثّل بالاستهلاك المُفرِط للكحول وبشكلٍ مُنتظَم، ومن أبرز الأعراض التي تظهر على مُدمِنها الارتباك، وفقدان الوعي بشكلٍ مُتكرِّر، والصعوبة في التنفُّس، وبُطء مُعدَّل ضربات القلب، والانخفاض الحادّ في درجة حرارة الجسم، بالإضافة إلى تغيُّراتٍ ومشكلات دائمة على المدى البعيد في المناطق التي تتحكّم في التوازن والذاكرة والكلام في الدِّماغ.
يُمكن أن يحدث الإدمان السلوكيّ مع أيّ نشاط قادر على تحفيز نظام المكافأة والمتعة في الدماغ، كما في إدمان الموادّ المُخدِّرة، وله الكثير من التأثيرات السلبية في حياة المُدمِنين، وصحّتهم، وعلاقاتهم مع الآخرين.
ومن أبرز أشكال الإدمان السلوكيّ إدمان المُقامَرة، ويُسمّى أيضاً بـ "اضطراب المقامرة"، وهو يُعَدّ الاضطراب السلوكي الوحيد المُعترَف به رسميّاً ضمن سلوكات الإدمان من قِبل الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، الإصدار الخامس (DSM-5) التابع للجمعية الأميركية للأطباء النفسيين "APA"؛ وهو سلوك قهريّ يجعل المُقامِر مُستعِدّاً للمُخاطَرة بشيءٍ ذي قيمة بالنسبة له؛ على أمل كسب شيء ذي قيمة أكبر، وقد يلجأ إلى السرقة أو الاحتيال؛ لتوفير الأموال اللازمة للمُقامَرة.
ومن الأشكال الأخرى الشائعة أيضاً للإدمان السلوكي قضاء ساعاتٍ طويلة كلّ يوم في تصفُّح الإنترنت، أو لعب ألعاب الفيديو، أو إدمان التسوُّق والرغبة المُلِحّة في الشراء حتى لو كانت الأشياء غير ضروريّة، أو الهَوَس في إجراء العمليات التجميلية دون الشعور بالرضا عن النتائج، أو الرغبة في تناول الطعام باستمرار وبكمّياتٍ كبيرة، أو ممارسة الرياضة، أو العمل بشكلٍ مُفرطٍ ممّا يؤدّي إلى الإرهاق واستنزاف الطاقة، بالإضافة إلى السرقة القهرية، والنتف القهري للشَّعر بشكلٍ مُتكرِّرٍ ودون وعي، وغيرها من السلوكات.
من المهمّ توعية الشباب بمخاطر الإدمان من خلال البرامج والحملات التوعوية؛ فهي مسؤولية جماعية تقع على عاتق المجتمع كلّه، بما في ذلك الأسرة، والمراكز الدينية والتعليمية والصحية، بالإضافة إلى المُؤسَّسات الحكومية والمُنظَّمات غير الهادفة للربح.
ومن ناحيةٍ أخرى، يجب مساعدة الشباب المُتورِّطين في الإدمان؛ من خلال برامج العلاج والتأهيل، والدعم النفسي، ومن أهمّ المراكز التي تُقدِّم ذلك في دولة الإمارات تحديداً: "المركز الوطني للتأهيل" الذي أُنشئ عام 2002 بناءً على توجيهات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيَّب الله ثراه"، ويُقدِّم المركز خدمات الوقاية والعلاج والتأهيل من الإدمان؛ سواء للمُواطِنين أو غير المُواطِنين.
ويُشار إلى أنّ ذلك كلّه يُسهم في الحدّ من انتشار الإدمان، وحماية مستقبل الشباب، والنهوض بالأُمّة؛ إذ قال صاحب السُّمُوّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المُتَّحِدة: "الأُمُم الناهضة هي التي تستثمر في الشباب وتعمل على تأهيلهم وتمكينهم وتوظيف قدراتهم بالشكل الأمثل؛ لأنّهم ثروة الأوطان الأغلى، والمَورد الذي لا ينضب أبداً، والمُحرِّك الأساسيّ لعجلة التطوير والبناء والتقدُّم في أيّ بلد".
[1] healthdirect.gov.au, What is addiction?
[2] my.clevelandclinic.org, Addiction
[3] verywellmind.com, An Overview of Behavioral Addiction
[4] mayoclinic.org, Drug addiction (substance use disorder)
[5] nrc.gov.ae, المركز الوطني للتأهيل