جار التحميل...
قال محمد علي كلاي: "الصداقة أصعب شيء يمكن تفسيره في العالم، إنها ليست شيئاً يمكن تعلمه في المدرسة، وإن لم يكن تعلُّمها أمراً ممكناً، فليس بالإمكان تعلّم أيّ شيء حقّاً".
تكمن الخطوة الأولى للحفاظ على الصداقة في الحياة في إدراك أهميتها والاعتراف بها، وفيما يأتي أبرز ما تقدمه الصداقة للإنسان:
يلعب الصديق الحقيقي دوراً مهمّاً في دعم صديقه لاتخاذ قرارات صحيحة، وتغيير السلوكات الضارة؛ إذ يحرص على تشجيعه لتبني عادات جيدة، مثل: ممارسة الرياضة بانتظام، والدراسة المنتظمة، وتجنب السلوكات الضارة، مثل: التدخين، وإدمان مواقع التواصل الاجتماعي، كما يهدف الصديق الحقيقي إلى تعزيز تطوّر صديقه ودعمه في تحسين نمط حياته، سواء في المجال الأكاديمي، أو العملي، أو الشخصي؛ رغبةً منه في رؤية هذا الصديق في أفضل حالاته.
من جانب آخر يكون الإنسان بطبيعته أكثر حماساً والتزاماً عندما يتشارك سلوكياته مع صديقه؛ فلو اشترك مع أصدقائه في النادي الرياضي ورافقهم إليه مثلاً لكان أكثر التزاماً وانضباطاً، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا الصديق قد يقترح أيضاً بعض الأنشطة التي لم تكن تخطر في ذهنه يوماً، ممّا يساعد على تحفيزه وزيادة دافعيّته، وباختصار فإنّ الصديق الجيد يدفع بصديقه إلى خارج منطقة الراحة الخاصة به بما يحقّق له النفع والفائدة.
إنّ شعور السعادة مُعدٍ بين الأشخاص؛ فالوجود بين أصدقاء سعداء غالباً ما يمنح السعادة عند التفاعل مع مشاعرهم الإيجابية وتعزيزها، ومشاركة تجاربهم الناجحة.
ولا يقتصر الأمر على ما سبق، بل إنّ الصديق الحقيقي عادة ما يكون حاضراً وقادراً على دعم صديقه خلال الأوقات العصيبة التي يمرّ بها، مما يساعده على تجاوزها وتجاوز التحديات والصعوبات التي يواجهها، ويُعزّز أيضاً شعور السعادة والرضا عن الحياة.
يمر الإنسان بفترات من الشك وعدم الثقة بالنفس، وهو أمر شائع يمر به الجميع في أوقات مختلفة، وفي هذه اللحظات يلعب الصديق دوراً مهماً في تذكير الفرد بقيمته، ودعمه، وتقدير جهوده.
ويمكن تحقيق ما سبق باستحضار الإيجابية والتشجيع اللازمَين للدعم في الأوقات الصعبة، ومن ذلك الإشادة بشجاعته وإصراره على تحقيق الأهداف، وتذكيره بإنجازاته السابقة وقدراته، بالإضافة إلى التأكيد على الجاهزية الدائمة لتقديم الدعم اللازم في جميع الظروف.
ويمكن القول هنا إنّ مثل هذه الرسائل الداعمة تسهم في تقوية ثقة الفرد بنفسه، وتعزيز شعوره بالأمان والتقدير، الأمر الذي يسهم بدوره في تحسين حالته النفسية، وزيادة إيجابيته، ورفع دافعيته واستعداده للتعامل مع التحديات بفاعليّة أكبر.
يُعدّ التخلص من المشاعر السلبية الأثر الإيجابي الأكبر الذي يمكن تحقيقه من خلال اللقاءات المليئة بالدعم والتسلية والضحك؛ فمع سماع كلمات الصديق الحنونة والداعمة وحتى المضحكة منها ستقلّ مشاعر التعب والقلق والخوف، لذا يمكن القول ببساطة إنّ الصديق الحقيقي يُهوّن مصاعب الحياة.
أمّا من الناحية العلمية فتكمن أهمية العلاقات الاجتماعية الإيجابية في تحسين الصحة العقلية والجسدية للفرد؛ إذ يُساعد الجلوس مع الأصدقاء والحديث عن الذكريات والإنجازات وحتى الضحك معاً على التخفيف من مستويات التوتر والضغط النفسي، ومنح الشعور بالراحة، وتحقيق السلام الداخلي.
الصديق الحقيقي لا يُعدّ ناقلاً للسعادة فقط، بل هو مُطوِّر للقيم الحسنة أيضاً، وما خاب من قال: "قُل لي من تصاحب، أقُل لك من أنت".
إنّ الاختيار الدقيق للأصدقاء من أصحاب القوة الإيجابية والقيم الحسنة يمكن أن يؤثر كثيراً في حياة الشخص؛ إذ يمكن للصداقات الجيدة أن تلهم وتشجّع على التطور الشخصي والمهني، كما يمكنها أن تؤثر إيجابياً في المسار الحياتي والعلاقات الاجتماعية.
يمكن للصديق الجيد أن يكون مثل العصا السحرية التي تدفع بالشخص إلى الأمام وتساعده على أن يصبح أفضل نسخة ممكنة من نفسه، بالإضافة إلى ذلك الصديق الحقيقي هو من يقبل الآخر كما هو دون شروط، ويقدم الدعم والمساندة في جميع الأوقات، ممّا يجعل العلاقة ذات قيم حقيقية ومفيدة للطرفين.
قد يتجاهل الإنسان حاجته إلى المساعدة المادية من الآخرين؛ لصعوبة اعترافه بها، أو شعوره بالخجل من طلبها، إلّا أنّه من الصعب عليه أحياناً تجاهل حاجته إلى الدعم المادي من صديقه في الأوقات الصعبة.
عادة ما يكون الصديق الحقيقي ملجأ الأمان للفرد؛ إذ يسعى جاهداً إلى تخفيف الحمل عنه، وتقديم الدعم المادي له في المواقف الصعبة، ويظهر ذلك من خلال إقراضه المال، أو تقديم الخدمات له، أو توجيهه إلى أشخاص آخرين يمكنهم مساعدته.
وبشكل عام فإنّ الدعم المادي من الأصدقاء يُعزّز العلاقات الاجتماعية، ويسهم في تخفيف الضغوط المالية التي يضطرون إلى مواجهتها في بعض الأحيان.
لوجود الأصدقاء أهمية كبيرة في الحياة؛ لما لهم من دور فعّال في تحسين الصحة العقلية والجسدية، وبغض النظر عن الأسباب التي قد تُشعر البعض بعدم الحاجة إلى الأصدقاء، فالحقيقة هي أنّ التواصل الاجتماعي وتكوين العلاقات القوية يعد جزءاً أساسيّاً من جوهر الحياة البشرية.
وفي هذا الصّدد، تؤكد جمعية علم النفس الأميركية (APA) أنّ العلاقات الصحية تسهم في تحسين الصحة الجسدية والنفسية للأفراد، ووجود دائرة من الأصدقاء الداعمين يمكن أن يحمي الشخص من الإصابة بالعديد من الأمراض، مثل: النوبات القلبية، والسكتات الدماغية، وأمراض السكري.
يمكن القول إنّ وجود الأصدقاء لا يقلّ أهمية عن اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة، الأمر الذي يُشجّع على تنمية الصداقات، وتقدير الروابط الاجتماعية الموجودة، بالإضافة إلى استثمار بعض الوقت والجهد في تكوين صداقات جديدة.
المراجع
[1] verywellmind.com, 6 Friendship Benefits: Why It's Important to Stay Close to Your Friends
[2] healthline.com, 6 Ways Friendship Is Good for Your Health
[3] medium.com, The Importance of Friendship in One’s Life
[4] whatcherithinks.com, Why Friendships Are So Important in Our Lives
[5] valdetselimaj.com, Why Friendship is Important