جار التحميل...
تندرج جميع هذه المهارات تحت ما يُعرف بمهارات الذكاء العاطفي (Emotional Intelligence)، الذي يُشير بشكلٍ عام إلى قدرة الفرد على تحديد، وفهم، وإدارة عواطفه ومشاعره، بالإضافة إلى مشاعر الآخرين من حوله بشكلٍ فعّال.
أعظم وأفضل مهارة مفيدة في العمل عامةً، هي الانسجام مع الآخرين والتأثير في تصرفاتهم بذكاء، ويُمكن تحقيق ذلك بسهولة عن طريق تعزيز الذكاء العاطفي، إذ يُساعد على التواصل بوضوحٍ وفعاليةٍ أكبر، والتعبير عن النفس بثقةٍ وهدوء، وكذلك فهم مشاعر واحتياجات الآخرين وتعزيز التحفيز والإلهام، مما يُسهم في تكوين علاقاتٍ صحيّة بين الموظف وزملائه في العمل، أو حتى بينه وبين الموظفين المسؤول عنهم إن كان يشغل منصباً إدارياً.
تُظهِر الأبحاث أنّ ميل الموظفين للعمل الجماعي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمستوى الذكاء العاطفي لديهم، فكلما كان أعلى، زادت احتمالية أن يكونوا متعاونين وناجحين أكثر عند العمل ضمن مجموعات، إذ يمتلك الموظف الذكي عاطفياً القدرة على فهم واحترام وجهات نظر زملائه وأخذها في الاعتبار، والتعامل بوعيٍ وهدوء مع المشاكل التي تواجهه أثناء العمل معهم والتحكّم بانفعالاته ومشاعره، كما يُمكنه إدراك المهام الوظيفية المطلوبة منه بشكلٍ دقيق، والتعاون مع زملائه لإنجازها على أكمل وجه.
أشارت شركة تالنت سمارت (Talent Smart) المُتخصصة في إدارة الأعمال في مقالات عدة نشرتها عن العلاقة بين الذكاء العاطفي والراتب الوظيفي إلى أنّ الموظفين الذين يُظهرون ذكاءً عاطفياً مرتفعاً في العمل، يحصلون على دخلٍ سنوي أعلى في المتوسط من الموظفين الآخرين ذوي الذكاء العاطفي المنخفض؛ وذلك لأنّ مهارات الذكاء العاطفي تُمكّن الموظف من استغلال قدراته وخبراته بشكلٍ أفضل وأكثر إنتاجية، كما تُتيح له اتخاذ القرارات بسهولة، مما يجعله مؤهَّلاً بلا شكّ للحصول على مناصب إدارية وقيادية أكثر من غيره.
إذ إنّ امتلاك الموظف لذكاءٍ عاطفيٍ عالٍ يُمكّنه من فهم مشاعر العملاء واحتياجاتهم والتعاطف معهم أكثر من غيره في العمل، وبالتالي تُصبح لديه القدرة على التفاوض معهم وإقناعهم بشكلٍ فعّال وكسب ثقتهم بسهولة، مما يضمن رضاهم، ويُحوّلهم إلى عملاء دائمين، ويُحسّن من مبيعات الشركة، ويُحقق أهدافها بشكلٍ عام.
يُعد اتخاذ القرار من المهام المفصليّة في بيئة العمل، فإذا أراد الموظف أن يتخذ قرارات تدعم عمله، ويحل المشكلات التي تواجهه بسهولة، أو حتى أن يكون مديراً حكيماً يتفهم مشاعر فريق عمله، ويأخذ وجهات نظرهم بعين الاعتبار دون تحيّز، فالذكاء العاطفي هو من يُسعفه بكل تأكيد في هذه الحالات، وكما يقول الكاتب وعالم النفس دانيال جولمان في كتابه (الذكاء العاطفي):"إنّ الوعي الذاتي العاطفي والقدرة على تمييز وفهم المشاعر في الوقت الذي تحدث به، هو حجر الأساس للذكاء العاطفي"، وبناءً على ذلك اتخاذ قرارات أكثر وعياً وحل المشكلات بشكلٍ أكثر فعالية.".
في حال كان الموظف في منصبٍ قيادي إداري، فالذكاء العاطفي من أهم المهارات التي تُساعده على النجاح في توجيه فريق عمله وإدارته بطريقةٍ فعّالة، وذلك من خلال تفهّم مشاعر الزملاء والموظفين، وإبداء التعاطف معهم ورؤية الأمور من منظورهم، وطبيعة الدور الوظيفي لكلٍّ منهم، وكذلك السعي دائماً لتحفيزهم، وإلهامهم، والتأثير فيهم إيجابياً، مما يخلق بيئة عمل إيجابية وداعمة، ويُساعد على بناء فريق عمل قويّ ومتماسك.
حاول دائماً التحدث إلى زملاء العمل والمسؤولين بوضوحٍ واحترام، وتجنّب توجيه أيّة تعليقاتٍ أو انتقاداتٍ سلبية لهم، بل احرص على قول عباراتٍ إيجابية وداعمة وتقبّل وجهات النظر المختلفة، وكذلك كن مُستمعاً جيّداً، سواءً في الاجتماعات مع الإدارة، أو أثناء المناقشة مع الزملاء، وبالتأكيد عند التعامل مع شكاوى العملاء.
يُعد الوعي الاجتماعي أو إظهار التعاطف مع الآخرين من أهم مهارات الذكاء العاطفي، وكموظف يعني أن تكون قادراً على تفّهم ما يمر ويشعر به الزملاء الآخرون، وقراءة التعبيرات اللفظية وغير اللفظية الصادرة عنهم، فقد لا يُفصحون دائماً عمّا يشعرون به بشكلٍ مباشر في العمل، على سبيل المثال إذا لاحظت أنّ أحد زملائك تظهر عليه بعض علامات الحيرة وعدم القدرة على إنجاز مهمةٍ معينة، خذه جانباً، واعرض عليه المساعدة.
قد يكون من الصعب أحياناً تلقي الانتقادات وتقبّلها في العمل، سواءً من المدير أو الزملاء الآخرين، ولكنّك كموظف يسعى إلى التعامل بذكاءٍ عاطفي، عليك أن تتعامل مع النقد بإيجابية، وتضع في اعتبارك أنّه فرصة جيّدة للنمو والتطوّر المهني والشخصي.
تعامل مع تحديات العمل بذكاءٍ ووعي، وانظر لها على أنّها فرصة لتطوير المهارات والخبرات، وفي حال أخطأت في إنجاز مهمةٍ ما أو تعاملت بطريقةٍ غير مناسبة مع أحد الزملاء، تحمّل مسؤولية أخطائك، وتجنّب إلقاء اللوم على الآخرين، وابحث عن الأسباب التي دفعتك إلى ذلك، ثمّ احرص على عدم تكرار مثل هذه المواقف.
يُعدّ الوعي الذاتي وفهم العواطف من مهارات الذكاء العاطفي الأساسية، إذ تشمل بشكلٍ رئيس معرفتك بنقاط القوة والضعف لديك والتي تتعلق بالعمل، ثمّ توجيهها بطريقةٍ تجعلك موظفاً أفضل، وكذلك فهم عواطفك ومشاعرك جيداً، والتحكّم في مدى تأثيرها في سلوكك، على سبيل المثال في حال كنت تشعر بالغضب أو الإرهاق في العمل، هل ستسمح لهذه المشاعر السلبية بالتأثير في طريقة تفاعلك مع زملائك أو أدائك في العمل؟
المراجع
[1] testgorilla.com, The importance of emotional intelligence in the workplace
[2] ucanwest.ca, THE IMPORTANCE OF EMOTIONAL INTELLIGENCE IN THE WORKPLACE
[3] leaders.com, Emotional Intelligence in the Workplace: What You Should Know
[4] indeed.com, 12 emotional intelligence examples (Plus ways to show it at work)
[5] haiilo.com, The Importance of Emotional Intelligence in the Workplace