كان ذا شعبية كبيرة بما يتمتع به من حس الفكاهة، وطيب التعامل مع الآخرين بالرغم من ضعف بصره، ومع هذا تميز بين زملائه بالنشاط والإقبال على العمل، لكن رئيسه في العمل لم يكن مقتنعاً بإعاقته واعتبره مجرد ضعف في البصر.

ومن وجهة نظره بأنه مادام يتحرك بلا حاجة للمساعدة فلا مكان للإعاقة هنا، فبدأ يكلفه بأعمال مثل زملائه بلا أدنى مراعاة لحالته الخاصة تلك.

ولكن للأسف حين بدأت حالته بالتراجع، وفقد البصر شيئاً فشيئاً فهم مسؤوله، بأنه فعلاً معاق لكن بعد فوات الآوان.
 
وسمعتها يوماً ما وأيقنت بصدقها فيما تلي  في خضم المواقف الحياتية المختلفة، تلك الكلمة هي الإعاقة الخفية.

 نعم الإعاقة الخفية وهو لفظ بلاغي، يطلق على فئة بعينها من ذوي الإعاقات غير الواضحة للمتعامل معهم، وليس بالضرورة بأن تكون درجة الوضوح ظاهرة للعيان كعاهة أو علامة جسدية فارقة لكنها خفية لمن يحبذ إخفائها وتخطي الإعاقة.

 وكأن المعاق يتنكر بقناع الإعاقة والمتعامل معه ينكرها كلياً غير مقتنع بها، على سبيل المثال أصحاب الإعاقة البصرية من فئة ضعاف البصر والفئة السمعية من مستخدمي السماعات والفئة الحركية، فبالرغم من وجود الإعاقة وحصولهم على ما يثبت ذلك رسمياً إلا أن الإنكار لإعاقتهم يحاصرهم من كل النواحي.

 فالأهل ينكرونها من باب المحبة والشفقة كي لا يحرجوهم أو يجرحوهم، ومن باب المساواة، وعدم التميز بينهم وبين أقرانهم في العائلة،

 ولكن هناك حالات تعاني الأمرين إذا ما أصر المتعامل معهم على معاملتهم كأشخاص طبيعيين، متخطياً الإعاقة ظناً منه أن هذه الإعاقة شيء بسيط لا يذكر، وبذلك يعتبره  طبيعي جداً، فيكلفه بكافة الأعمال من دون أدني مراعاة متناسين إعاقته التي قد يؤدي بها تكالب الضغوط للتدهور والضعف المتسارع غير القابل للتعويض وبالتالي يظل الخاسر الوحيد هو المعاق. 

للأسف يا أحبة هذه النماذج موجودة على أرض الواقع فتصب الملامة على هذه الفئة وكأنهم مكتملي المسؤولية غاضين النظر عن إعاقاتهم، فأين المفر يا سادة من هذه المغالطة؟  

ويبقى أصحاب الإعاقات الخفية في حيرة بين إحساسهم بإعاقتهم وخوفهم من تطورها للأسوأ من عدم هضم ذلك الحال من قبل البعض، فرفقاً وتقديراً لو تسمحون.