جار التحميل...
إن قرار سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي يوجه بتقديم خدمة الرعاية المنزلية مجاناً لكبار السن المواطنين من ذوي الدخل المحدود مع التأكيد على عدم استقطاع أي مبالغ من مساعداتهم الاجتماعية، ورد كل ما استُقطع، ليس مجرد خبر إداري عابراً هذه رسالة واضحة وصادقة مفادها: "شيوخنا.. كرامتكم فوق كل اعتبار وعزتكم لا تُمسّ".
تخيل معي ذلك الجد، الذي قضى عمره في البناء والعطاء، وهو اليوم في حاجة إلى من يناوله دواء أو يساعده في قضاء حاجته، أو يجلس بجواره ليستمع إلى حكايات الماضي، فالخدمات المنزلية هي شريان الحياة لهؤلاء، إذ تمنحهم الكرامة وتخفف عن كاهل أبنائهم أعباء قد لا يقوون عليها وحدهم، ولكن عندما تكون التكلفة ثقيلة قد تتحول هذه الخدمة من نعمة إلى همّ إضافي.
وهنا يأتي توجيه سمو الحاكم ليلغي هذه المعادلة الصعبة تماماً، فهذه الخطوة ليست مجرد إعفاء من رسوم مستقبلية بل هي رد لما تم استقطاعه، إنها لمسة لا تقدر بثمن توحي بأقصى درجات الرعاية والمسؤولية، إنها قولٌ لأولئك الكبار: "لا تثقلوا أنفسكم، نحن نرعاكم، ودرهمكم مصون".
ففي الشارقة.. حيث الإنسان هو الاستثمار الحقيقي هذا القرار ليس منفصلاً عن روح الشارقة المدينة، التي جعلت من الإنسان محوراً لكل مشاريعها، إنه امتداد طبيعي لرؤية حاكمها، الذي لم يَبْنِ الحجر قبل أن يبني الإنسان، فإنه يؤكد أن التنمية الحقيقية ليست في ناطحات السحاب والطرق الفارهة فقط، بل في أن يعيش كل فرد خاصة من هم في خريف العمر بكرامة وأمان واطمئنان.
إن تخصيص هذه الخدمة "لذوي الدخل المحدود" هو تأكيد على العدالة الاجتماعية، وضمان أن تصل الرعاية إلى من يستحقها حقاً، دون أن يكون الدخل عائقاً أمام الحصول على حقهم في حياة كريمة.
إن هذه المبادرة هي أكثر من قرار حكومي، هي فعل حب، وهي تعبير عن رد الجميل لجيلٍ أسس وبنى، إنها رسالة طمأنة من قائد يرى في كل مسنّ أباً أو أماً، يستحق أن نقف بجواره في وقت حاجته كما وقف بجوارنا طوال حياته.
إنها تذكرنا بأن قيمة المجتمع تقاس بكيفية تعامله مع أضعف أفراده، مع أطفاله، ومع مرضاه، ومع شيوخه، وفي هذه اللفتة الكريمة تعلو الشارقة، وترتفع بقيمها لترسم صورة مشرقة للمجتمع المتكافل، ذلك "الحصن" الحقيقي الذي يحمي أبناءه من وهن الشيخوخة كما حماهم في صغرهم.
فلك التحية سمو الحاكم على هذه اللفتة التي تذيب القلوب وتثبت، أن القيادة الحقيقية هي التي تلامس شغاف القلب وتصنع للأمة ذاكرة جميلة من العطاء غير المشروط.