جار التحميل...

°C,

ما رأيته بأذني" الجزء الثامن"

في إحدى القرى عاش رجل وزوجته وكانت أمه تحل ضيفة عليهما ومع مرور بضعة أيام، بدأت الزوجة في التذمر من وجود حماتها، ولأن الحماة كانت طيبة، لم تشأ إحراج أو مضايقة ابنها، ولما بقي عن وصول الحافلة التي تقلها لقريتها يومان ،آثرت السلام والراحة لابنها، فقررت الرحيل، وطلبت من ابنها إيصالها لزيارة إحدى صديقاتها.
 لكنها تفضل انتظارها بجانب إحدى الكهوف كما اتفقت معها ففرحت الزوجة، وجهزت ما قل من زاد وماء، وانطلق الابن بأمه حتى وصلا الكهف وأمرت ابنها بالرحيل زاعمة انتظار صديقتها وهي تضمر المكوث حتى يحين موعد رحيلها لبلدتها.

ومن ثم دخلت للكهف بعد تأكدها من رحيل ابنها، وبينما كانت تتأمل الكهف، وقف رجل بباب الكهف وألقى التحية وطلب منها ما يأكله ويشربه، فابتسمت العجوز مرحبة وهي تمد له بكل محبة كل ما تملك من أكل وشرب، فأكل وارتوى ثم استعد للرحيل وهي تودعه بالدعوات الطيبة.

والتفت إليها مبتسماً وقال فلتهنئي يا أمي، وليكن لك مع كل حديث تنطقيه شذرات ذهب، ولكل شيء تلمسيه خصب وحياة ورحل فأخذت تناديه وتفاجأت بشذرات الذهب تخرج من فمها فأيقنت أن ما قاله تحقق، ولتتأكد خرجت للأرض خارج الكهف تلتمسها، فتزهر، وتنبت الأشجار بالثمر الطيب، فأخذت تهلل وتسبح شكراً وابتهالاً.

 وجاء ابنها في اليوم التالي ليطمئن أن أمه قد رحلت، ولم يصبها أي مكروه فتفاجأ بجنة خضراء أمام الكهف، فاستغرب ونادى على أمه فنادته ودخل لتبهره كومه من الذهب أمام أمه وتهللت أسارير الأم بابنها ولاحظ تناثر الذهب.

 فسألها وأخبرته بكل القصة، وأخذها وعاد للبيت، وأخبر زوجته التي بالغت بالحفاوة بحماتها، وأخذت تحدثها لأطول وقت ممكن لتنهل أكبر قدر من الذهب.

 ثم طرأت في بالها فكرة بأن تأخذ أمها لنفس الكهف، وتكسب من الطرفين، وحملت أمها ومعها ما لذ وطاب من أكل وشراب يكفيها ويفيض وعادت أدراجها.

 لكن أمها ظنت بها الظنون، وأنها تريد التخلص منه،ا فأخذت تسب وتلعن وفجاه ظهر نفس الرجل، وطلب منها أن تطعمه وتسقيه، فرفضت طلبه ناهرة إياه قائلة: "إن ما معي بالكاد يكفي لن أشارك أحداً به"، فرحل الرجل ثم التفت لها داعياً بأن كل ما تنطق به تذرف معه نشارة خشب، وكل ما تلمس يتحجر، وذهب تلحقه بلعناتها وتفاجأت بنشارة خشب تتطاير من فاهها، فأرادت شرب الماء لعل ذلك يتوقف.

وحين لمست آنية الماء تجمد ما فيها، ليصبح حجراً، وانتفضت خائفة ولمست سلة الطعام لتتحجر بما تحوي، ومن ثم خرجت للشجر خارج الكهف، وكلما لمست شيئاً تيبس وتحجر، وبقيت كذلك حتى جاءت ابنتها وظلتا تتحسران على ما آلت لها من حال. 

تلك قصة سمعتها وأنا بين أبنائي حفظهم الله وهم يشاهدون إحدى البرامج التلفزيونية، أعجبتني فأحببت أن أشارككم إياها وحكمة وعبرة من خلالها.

 فلك صديقي الاختيار في أسلوب حديثك، فإما تكسب نفسك ومن حولك فتنطق ذهباً، أو تخسر نفسك تنفرهم ويكون كل ما تنطق به نشارة خشب.
March 14, 2021 / 8:35 AM

مواضيع ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.