الحياة ليست سهلة، لكنها عادلة بطريقتها الخاصة، وكل قرار تتخذه اليوم يفتح أمامك طريقين… وكلاهما صعب، بمعنى آخر اسأل نفسك: ما الأصعب؟، صعوبة الانضباط أم صعوبة الندم؟، صعوبة التخطيط أم صعوبة الفوضى؟، صعوبة الادخار أم صعوبة الديون؟، وقِسْ على ذلك سائر تحديات الحياة.
كثيرون يشكون صعوبة ضبط المصروفات أو مقاومة الإغراءات، من قول "لا" حين تلوّح بطاقة الائتمان بالإغراء، لكن الحقيقة أنَّ اللامبالاة المالية أصعب بكثير؛ لأن الديون لا تسرق مالك فحسب، بل تسرق راحتك وكرامتك ونومك وصحتك.
يقول الشاعر القرويّ:
هَبَّتِ الرِّيحُ فَمَلاَّحٌ شَكَا * عِندَ مَجْرَاهَا وَمَلاَّحٌ شَكَرْ
لَيْسَ فِي الرِّيحِ وَلَا فِي البَحْرِ بَلْ * فِي هَوَى الأَنْفُسِ مَا سَاءَ وَسَرْ
فالريح واحدة، لكن الموقف مختلف، فبعض الناس يرى في الصعوبات المادية مصيبة، وآخر يراها فرصة لتغيير المسار ولِتعلّم إدارة المال والانضباط، فالأمر لا يتعلق بكم تملك، بل، بكيف تدير ما تملك.
أخي القارئ، إن تعلّم الادخار صعب، نعم، يحتاج صبراً وتخطيطاً وتنازلاً عن بعض الكماليات، لكن الوقوع في الديون أصعب، لأنه يقيدك بسلسلة لا تنكسر بسهولة.
انظر حولك: من اختار صعوبة التنظيم المالي يعيش اليوم بحرية وطمأنينة، ومن استسلم لسهولة الإنفاق يعيش تحت وطأة القروض والالتزامات التي لا تنتهي.
الفرق بينهما ليس في الدخل، بل في القرار، فكل درهم تنفقه أو توفره هو لبنة في بناء مستقبلك، وكل هدف ترجوه قد يكون من الصعب تحقيقه، ولكن العيش بلا هدف وبلا خطة أصعب، لأنه يجعلك تابعاً لا قائداً.
فاختر صعبك: صعوبة الادخار أم صعوبة الديون؟، صعوبة التخطيط أم صعوبة الارتباك والعشوائية؟، صعوبة التأجيل أم صعوبة الندم؟، وتذكّر أن الحياة لا تُعفي أحداً من الصعوبات، لكنها تكافئ من يختار صعوبته بِوَعي، فاختر الصعب الذي يحررك، لا ذاك الذي يُقَيِّدُكَ، واختر صَعبَكَ بِحكمة.