ماذا بين الشارقة والكتاب!

في نظرهم، الكتاب هو أعظم اختراعٍ أنقذ الإنسانَ من النسيان، وهو الجسرُ الذي عبرت عليه الأفكار من زمنٍ إلى آخر، ومن عقلٍ إلى عقل.

اعتقد أرسطو أن الكلمة المكتوبة تُبقي الفكر حاضراً بعد غياب صاحبه، فهي تذكرنا بما نسيناه وتفتح أمامنا أبواب التأمل، ورأى أن القراءة غذاءٌ للعقل، كما أن الطعام غذاءٌ للجسد، لأن بها يتقوى المنطق وتسمو النفس.

وفي زمنٍ لاحق، كان ديكارت يرى أن قراءة الكتب الجيدة أشبه بمحادثة أرقى العقول التي عاشت عبر القرون، وكأنه يضع القارئ في دائرة الحكماء، لا في صف المتلقين فقط.

ماذا عنا نحن؟ ماذا بيننا وبين الكتاب!

في زمنٍ يموجُ بالضجيج أعتقدُ كل منا يبحث عن معنى، يبحثُ عما يربك فكره من أسئلةٍ وجدانيةٍ أو لربما فكرٍ وأساليبٍ ومعرفة سيجدها في ذاكرةِ الحبر، حُفظت ودُونت في بطونِ الكتب، ولكن كان المستفيد من أُنيرت بصيرته وتحرك وجدانه نحو ما يطلبه العقل من إرضاء وإشباع معرفي.

فالحياة تحتاج من يفهمها، فهل تكفينا حياةٌ واحدةٌ لندرك هذا الكون الواسع؟ وهل بوجود الإنسان القارئ نختصر الأزمنة ونكون نحن الأمه التي تقرأ وتقود العالم؟.

في معرضِ الشارقةِ الدولي للكتاب يولدُ الزائر أكثر عن مره، إذ يكتشف في أعماقه إنساناً آخر لم يلتق به من قبل، ولم يشعر بوجوده سابقاً، وهنا مكمنُ ازدهار الإنسان، فعندما يعيش الإنسان في وطنٍ تتفيأ أرضه ظلالُ الفكرِ، ويكون الإنسان هو المعنى الأجمل لكل بناءٍ وإنجازٍ، فسيكونُ قائدَ نفسه، معتدًا بفكره، متزنًا في شخصه.

إنها الشارقة التي لم تُشرق إلا بما ترتقي به النفس، وتعودُ به بالخير على كلِ من يضعها في مقامِ البلدِ والمأمنِ والسندِ، وإنه الأجمل والدنا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، روحُ الشارقةِ وفكرُها الحي، من علمنا أن القراءةَ والاطلاع هما سبيل الأمم للرقي والازدهار، وأن الكتبَ والقراءةَ أغلى من كنوزِ الأرض كلها.