جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,

ميلاد الحكمة والعلم

03 يوليو 2025 / 11:08 AM
ميلاد الحكمة والعلم
download-img
في فجرٍ تهادَت نسائمه عطراً، وتوشحت أيّامه بشرى وخيراً، وُلد للشارقة سلطانها الهُمام، العالِمُ الجليلُ والقائدُ النبيلُ، فقبل ستةٍ وثمانين عاماً وُلدت حكايةٌ عذبةٌ نُسِجَت خيوطُها من نورٍ ومجدٍ وإيمانٍ؛ وُلد سلطان بن محمد بن صقر بن خالد بن راشد القاسمي، فأشرقت شمسٌ جديدةٌ على الشارقة، شمسٌ تضيء العقول، وتهذّب الأرواح، وتوقظ في الناس المعاني الرفيعة.
سلطان يا ميلاد الحكمة والعلم، يا سرَّ التفرّد، الذي هطل على أرضٍ عطشى للحضارة، يا قلباً نقياً حنا على الإنسان قبل البنيان، يا حلماً تجسّد حتى صار وطناً يسكن فينا ويكبر معنا، ستةٌ وثمانون عاماً هي مسيرةُ قائدٍ لم يكتفِ بأن يكون حاكماً يخطط من بعيد، بل عاش بين الناس، يشاركهم الأفراح والأتراح والآمال، وأدرك أن الحضارة لا تنبت في الأرض وحدها، بل في ضمير كل إنسان.

فلقد جمع سموّه بين صفاء القلب وعلوّ الهمة، وبين شغف المعرفة ونُبل القيادة، وفي كل زاويةٍ من الشارقة تجد أثر يديه الطيبتين: فجامعةٌ تنشر النور، ومتحفٌ يروي حكاية التاريخ، ومكتبةٌ تحرس الوعي من الغياب، ومنارات في كل زاوية ترفع ذكر الله، وشارعٌ يزدان بهندسة الجمال، لكن الأروع من كل ذلك أن سموّه أحياناً يعرف تفاصيل الأُسر والبيوت في كل شبرٍ من هذه الإمارة.

بل وأسماء الحارات والطرقات القديمة، وكم من موقفٍ مرّ بي مع سموّه في بعض المناسبات، فيذكر ذلك، وكنت أندهش أمامه، حتى لدرجة أنه يذكر تفاصيل المواقع القديمة لبيت فلان والمنطقة الفلانية، بل ويحفظ أسماء العائلات جيلاً بعد جيل، يستعيد الذكريات عن الأزقّة القديمة، ويتحدث عن الأماكن وكأنه ما زال يطأ ترابها كل صباح.
 
وكم من مرةٍ جلس بين الناس في مجلسٍ بسيط، فيتفاجأ الجميع بذاكرته العجيبة؛ يذكر الجد والابن وحكاية البيت والحيّ، فيرى الناسُ فيه الأبَ العارفَ والقلبَ الذي يسع الجميع.

ولم تخلُ حياته اليومية من شغف العلم؛ فهو القارئ الدائم، والباحث النهم، الذي لا يهدأ، في أيامه وحياته اليومية قد تجده يطالع مخطوطةً نادرةً في مكتبته، ثم يخرج لزيارة مؤسسة أو موقع أو حفل أو مناسبة، ثم يجلس مع مواطنٍ فيأمر بقضاء حاجته بلا تردّد.

فهذا القرب الإنساني لا تصطنعه المناصب، ولا يغطيه البروتوكول، بل هو طبيعةٌ في روحه، التي ربطت القيادة بالتواضع والحكمة، لهذا يشعر كلُّ مواطنٍ وكلُّ مقيمٍ أن لوجوده في الشارقة قيمةً، وأن اسمه وتاريخه محفوظان في قلب قائدهم الذي يتابع قبل صلاة الفجر تفاصيل طلباتهم وشؤون حياتهم، فكما يقول سموّه: " أكاد أجزم أنه لم يمرّ عليّ يومٌ في حياتي قمتُ فيه من النوم بعد طلوع الشمس".

واليوم، ونحن نحتفي بمرور ستةٍ وثمانين عاماً على ميلاد سلطان بن محمد القاسمي، نحتفي بميلاد قائدٍ جعل من العلم رسالةً، ومن الثقافة درباً، ومن كرامة الإنسان رايةً ترفرف فوق كل بيت.

فيا سلطان، يا ميلاد الحكمة والعلم، دمتَ نبراساً لا يخبو، ودامت الشارقة بفضلك واحةً للوعي والجمال والإنسانية.
July 03, 2025 / 11:08 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.