جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,

اقتحام ما خلف القلوب

15 مايو 2025 / 10:34 AM
 اقتحام ما خلف القلوب
download-img
في زحمة الحياة الاجتماعية، وبين تداخل العلاقات وتشابكها، يبرُز سلوك سلبي يكاد يُفسد العلاقات ويبعثر المودة، ألا وهو: التدخل في شؤون الغير، واقتحام ما خلف القلوب والفضول فيما لا يعني الإنسان.
وقد يتطور التدخل فيما لا يعنيك ويتحول من اهتمام إلى انتهاك واقتحامٍ غير مرغوب فيه، فقد يُفهم الاهتمام أحياناً على أنه حرص، لكن حين يتجاوز الشخص حدوده ويبدأ بالتدخل في قرارات الآخرين، وحياتهم الخاصة، أو نواياهم التي لا يعلمها إلا الله، يصبح ذلك تطفلاً مرفوضاً، يُسيء أكثر مما يُصلح.

فليس كل صمتٍ يدل على نقص، ولا كل قرار بحاجة لتحليل أو تشريح، ولا كل خلاف يُحل بالتدخل، بل أحياناً يكون الانسحاب بصمت، أصدق أنواع الحكمة.

ولقد جاء الإسلام بأخلاق رفيعة، تحفظ كرامة الفرد وحدود العلاقات بين بعضنا البعض، بل إن الله أنزل في محكم كتابه قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)، المائدة، ]آية: 101 [، أي أن الفضول والسؤال الزائد قد يُفتح به باب الأذى والحزن على النفس والغير.

ونوايا القلوب.. أمرها إلى الله، فالبعض من الناس يسارع في تفسير تصرفات غيره، ويخوض في نوايا لم تُعلَن، ويظن أنه أعلم بما في القلوب، لكن الشرع بيّن أن الله وحده هو العليم بالسرائر، والناس مأمورون بالحكم على الظاهر، لا باقتحام ما اختفى خلف القلوب، فكم من علاقة انكسرت، ومشاعر جُرحت، بسبب التطفل، والبحث عمّا لا يعنيك!

وحين ينشغل الإنسان بنفسه، ويُصلح عيوبه، ويهتم بِرُقِيِّهِ الداخلي، فلن يجد وقتاً ليُفتِّش في شؤون الآخرين.

وختاماً: دع الناس وشأنهم، فالقلوب بيد الله، والنوايا لا يعلمها إلا خالقها، فلنكتفِ بما يخصنا، ولنترك الفضول، ولنتذكر أن الصمت أحياناً حكمة، وأن احترام المسافة بينك وبين الغير أصدق تعبير عن الأخلاق.
May 15, 2025 / 10:34 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.