كطالب إماراتي يدرس الذكاء الاصطناعي في واحدة من أفضل الجامعات العالمية، أرى هذه الخطوة انعكاساً عملياً لرؤية استشرافية تتبناها الدولة منذ سنوات، وتسير فيها بخطى واثقة، لم يعد الذكاء الاصطناعي رفاهية معرفية أو تخصصاً نخبوياً، بل أصبح ضرورة يومية تتداخل في تفاصيل حياتنا، من الصحة إلى التعليم، ومن الاقتصاد إلى الأمن، ومن البيئة إلى الفضاء.
ما يبعث على الفخر أن دولة الإمارات سبّاقة في إدراك أهمية هذا التحول العالمي، وها هي اليوم تنتقل من مرحلة التوعية والتبني، إلى مرحلة التأسيس والتعليم المنهجي، إن إدراج مادة الذكاء الاصطناعي في المراحل التعليمية المبكرة يرسخ في الأجيال الناشئة قيم الفهم العميق، والابتكار، والمسؤولية الأخلاقية في التعامل مع التكنولوجيا.
المنهج الجديد – بحسب ما أُعلن – يتناول سبعة مجالات رئيسية تشمل: المفاهيم الأساسية، البيانات والخوارزميات، البرمجة، التطبيقات الواقعية، الوعي الأخلاقي، السياسات، والابتكار في الحلول، وهذه المجالات ليست مجرد عناوين نظرية، بل هي مهارات حياتية سيتمكن الطالب من استخدامها في تحليل الواقع، واتخاذ القرار، وبناء الحلول الذكية.
إن تخصيص محتوى مصمم بعناية لكل مرحلة دراسية، بدايةً من رياض الأطفال إلى الصف الثاني عشر، يعكس تفكيرًا عميقًا في بناء تجربة تعليمية متدرجة، تتناسب مع قدرات الطالب وتفتح أمامه آفاقًا جديدة دون إرباك أو تعقيد.
إنني أؤمن أن هذه المبادرة ستحقق تحولاً جذرياً في نوعية المخرجات التعليمية، وستُسهم في إعداد جيل قادر على المنافسة عالمياً، ليس فقط كمستهلكي تقنية، بل كمصممين ومبتكرين وصنّاع قرار، وهذا يتماشى تماماً مع أهداف الدولة في الانتقال إلى اقتصاد معرفي متقدم.
كطالب، وكمواطن، وكأحد أبناء هذا الوطن الطموح، أشعر بالفخر والامتنان لهذا التوجه الوطني المدروس، وأرى في هذه الخطوة رسالة واضحة لنا جميعاً: أن دولتنا تراهن علينا، وتؤمن أن استثمارها الحقيقي هو في عقول شبابها.
إن ملامح المستقبل لا تُرسم في الخطط والمؤتمرات فقط، بل تُبنى في الفصول الدراسية، وبين دفاتر الطلبة، ومن خلال مناهج تواكب طموحات الأوطان.