جار التحميل...
ويمكن القول إنّ التعليم المُدمَج يمثِّل ثورة حقيقية في العملية التعليمية؛ إذ حقَّق فوائد عِدَّة، منها: المتعة أثناء التعلُّم بالاعتماد على الوسائط المُتعدِّدة، والمرونة في اختيار الوقت المناسب لحضور بعض الدروس، بالإضافة إلى تنوُّع الاستراتيجيات لتتناسب مع التفضيلات المختلفة للطلبة، ومن أهمّ هذه الاستراتيجيات ما يأتي:
تُسهِم استراتيجية الصفّ المقلوب "Flipped classroom" في تحصيل أكبر فائدة ممكنة من التعليم المُدمَج، ويُقصَد بها عكس الموازين في أخذ المعلومات، وأداء الأنشطة؛ فتصبح مَهمَّة الطلبة مُتمثِّلة بمتابعة الموادّ التعليمية التي يُقدِّمها المُدرِّس عبر الإنترنت في الوقت الذي يناسبهم، ومن أيّ مكان مُريح لهم، ثمّ يُتاح لهم الالتقاء به وجاهيّاً في الغرفة التدريسية؛ لمناقشته حول الأمور الشائكة التي صادفتهم.
ومن فوائد التعليم المقلوب قدرة الطالب على إنشاء حوار فعّال وهادف، وطرح أسئلة عميقة، بعد أخذ فكرة جيِّدة عن مواضيع الدروس؛ ممّا يسمح له بالتعاون مع زملائه، واستغلال الوقت داخل الصفوف بالطريقة المُثلى؛ لإثراء المعلومات، والتحقُّق من الفهم السليم، وترسيخه بالأنشطة العملية، وتُسهِم هذه الطريقة في زيادة تحمُّل الطالب مسؤولية التعلُّم الذاتي، واجتهاده في حضور الدروس عن بُعد؛ ليتمكن من التفاعل في الفصل.
ويساعد التعليم المقلوب المُدرِّسين أصحاب الأوقات المحدودة أيضاً؛ بإتاحة فرصة رائعة لتسهيل تقديمهم الدروس للطلبة بغضّ النظر عن البُعد المكاني؛ ممّا يُخفِّف العبء عليهم، وتجدر الإشارة إلى أنّ الموادّ التعليمية التي يُقدِّمها المُدرِّس عبر الإنترنت تشمل الفيديوهات، والصور، وعروض الشرائح، والتسجيلات الصوتية، وغيرها.
تعتمد استراتيجية مَحطّات التعلُّم، وتُعرَف بالتناوُب على المَحطّات "Station Rotation" على أساس انتقال الطالب من مَحطّة تعليمية إلى أخرى خلال فترات زمنية مُحدَّدة، شريطة أن تكون إحدى هذه المَحطّات عن بُعد، والأخرى وجهاً لوجه بالطريقة التقليدية؛ ممّا يُسهِم في تسهيل استفادة الطالب من الموادّ التعليمية بطرق حديثة؛ لإثراء فهمه، إلى جانب المشاركة في الأنشطة التعاونية.
فعلى سبيل المثال، يبدأ الطالب رحلته التعليمية من مَحطَّة التعلُّم الذاتي عبر الإنترنت؛ لفهم جانب مُحدَّد من درس ما، ثمّ ينتقل إلى مَحطّة التعلُّم التعاوني؛ للالتقاء بمجموعة من الطلبة والتفاعل معهم، وبعدها ينتقل إلى محطة تسمح بالتواصل مع المعلّم وجاهياً؛ للتركيز على أبرز الأهداف، وهكذا، ويجدر التنويه إلى أنّ عدد المحطات، وأنواعها من حيث اتِّصالها بالإنترنت، أو عدمه، يعتمد على طبيعة الدروس، ومُتطلَّباتها.
يهدف التعلُّم التعاوني عبر الإنترنت "Collaborative work" إلى تفادي الحضور السلبي للطلبة داخل الفصول الدراسية المُعدَّة عن بُعد؛ من خلال إشراكهم في العملية التعليمية؛ بالسماح لهم بتقديم ملاحظاتهم واقتراحاتهم، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر فيما بينهم بفاعليّة؛ فعلى الرغم من عدم تواجدهم في المكان ذاته، فإنَّهم ما زالوا جميعاً قادرين على إبداء آرائهم بأريحية؛ الأمر الذي يُسهِم في تطوير مهاراتهم، وتحسين مستوى فهمهم للمعلومات.
ومن أمثلة التعلُّم التعاوني في بيئات التعلُّم المُدمَج تكليف المُعلِّم الطلبة بمشروع جماعي لا منهجي عبر منصّة مناسبة على الإنترنت، وضمن إرشادات مُحدَّدة، مع التنويه إلى إتاحة التواصل المباشر مع المُعلّم شخصيّاً عند الحاجة؛ ممّا يفتح مجالاً واسعاً أمام الطلبة لشحذ مهاراتهم وإبرازها، بالإضافة إلى توسيع مداركهم؛ بتطبيق ما اكتسبوه من معارف في مشاريع تطبيقية.
تتميّز هذه الاستراتيجية التعليمية بمرونتها العالية للطلبة؛ فالطالب بتطبيقه نموذج لا كارت "la Carte"، يمكنه اختيار الطريقة التي تناسبه لإثراء معلوماته، والإبحار في البحث عند موضوع معين عند شعوره بعدم الاكتفاء بالمعلومات التي حصل عليها بالطريقة الوجاهية، إلّا أنّ هذه الاستراتيجية لا تُعَدّ مناسبة في تعليم الأطفال والطلبة صغار السنّ عُموماً؛ فهي تتطلَّب قدراً عالياً من الاعتماد على الذات؛ الأمر الذي يجعلها شائعة بصورة أكبر في الجامعات.
ويتميَّز التعليم في هذا النموذج بتلبية رغبة الطالب واحتياجاته؛ بحصوله على التعليم من المصدر الذي يُفضِّله؛ فعلى سبيل المثال، يمكن للطالب اختيار المُدرِّس الذي يميل إلى أسلوبه في مجال مُعيَّن دون إلزام كما هو الحال في التعليم الوجاهي؛ فالإنترنت مليء بالخيارات المُتنوّعة لمختلف الدورات؛ الأمر الذي يجعله قادراً على خوض تجربته الشخصية بنفسه، إلى جانب تعليمه الذي تلقّاه في القاعات التدريسيّة.
المراجع
[1] edynamiclearning.com, 5 Effective Blended Learning Strategies
[2] raccoongang.com, Strategies for Blended Learning
[3] avidopenaccess.org, Optimize Station Rotation in Blended Learning
[4] blendedlearning.org, Blended Learning Models
[5] edly.io, 6 Effective Blended Learning Strategies