جار التحميل...
إلى جانب ميزاتها العديدة الأخرى، مثل كونها رقيقة، ومرنة، وخفيفة الوزن، وسهلة التركيب، وغير قابلةٍ للاشتعال، فهي أيضاً تُقلل من احتمالية فقدان الإشارة في أثناء النقل، فما هي الألياف الضوئية، وممَ تتكون، وما هي آلية عملها؟ تابع القراءة لتعرف الإجابة عن هذه الأسئلة.
الألياف الضوئية هي خيوط شفافة مرنة أسطوانية الشكل، طويلة ورفيعة جداً، قُطرها مُقارب لقطر شعرة الإنسان، تُصنع عادةً من البلاستيك، أو من الزجاج النقي (مادة السليكا)، وتُرتّب إلى جانب بعضها البعض في حزم تُعرف باسم الكابلات الضوئية، وتُستخدم هذه الخيوط أو الألياف في أنظمة الاتصالات الحديثة، السلكية واللاسلكية منها؛ لنقل البيانات، والصوت، والصورة من خلال مرور نبضات من الضوء عبرها.
وقد حلّت هذه التقنية الحديثة بقوة محل الأسلاك النحاسية في العديد من التطبيقات العملية، لأنّ معدل نقل البيانات فيها يكون أعلى مقارنةً بكابلات الأسلاك التقليدية، إضافة إلى عدم تأثرها بالتداخل الكهرومغناطيسي.
تتكون الألياف الضوئية من ثلاثة أجزاء رئيسية؛ أولها النواة "The core"، وهي المسار الذي تنتقل فيه الأشعة الضوئية داخل الألياف، وتوجد في مركزها تماماً، وتُصنع من مادة ذات معامل انكسار مرتفع نسبياً؛ مثل: الزجاج أو البلاستيك، أما الجزء الثاني الذي يُحيط بالنواة يُعرَف باسم الغلاف "The cladding"، أو الكسوة وهي الجزء الذي يتحكم باتجاه انتشار الضوء عبر الألياف؛ إذ يجب أن تدخل الأشعة الضوئية بزاوية مناسبة ليبقى داخل النواة.
وتُعرف تلك الزاوية باسم الزاوية الحرجة، علماً بأنّ معامل انكسار الغلاف يكون أقل من معامل انكسار النواة، مما يساعد في احتجاز الضوء داخلها، والجزء الثالث والأخير من الألياف الضوئية هو الغطاء "The coating" الذي يحيط بالغلاف والنواة، ويحميهما من الرطوبة والظروف البيئية المحيطة، وهو يتكون من طبقتين، إحداهما لينة تُبطن الأجزاء الداخلية للألياف، والأخرى صلبة تقاوم التآكل.
تقوم آلية عمل الألياف الضوئية على مبدأ الانعكاس التام للضوء، أو الانعكاس الداخلي الكلي للضوء "Total internal reflection"؛ أي انعكاس الضوء بالكامل داخل الوسط الذي ينتقل فيه؛ إذ تنقل الألياف الضوئية البيانات بكميات هائلة من خلال تحويلها إلى نبضات ضوئية، وتمريرها عبر الألياف، لإرسالها إلى المحطة المطلوبة.
وبما أنّ الضوء يسير دائماً في خطوط مستقيمة، فإنّ عملية نقله داخل الأسلاك تعني الحاجة الملحة إلى وجود سلك طويل للغاية ومستقيم بالكامل، دون أن يحدث فيه أي انحناء أو تعرج، إلا أنّ هذا الأمر غير ممكن في الواقع، خاصة عند نقل البيانات لمسافات طويلة جداً، فالأسلاك تنحي وتتعرج.
وللتغلب على هذه المشكلة، صُمّمت الكابلات الضوئية بطريقة تجعل الأشعة الضوئية تنعكس كلياً داخل الكابل الضوئي، من خلال ارتدادها عن جدران الألياف الضوئية المصنوعة من مواد ذات معامل انكسار كبير نسبياً في أثناء انتقالها في داخلها، حتى تصل إلى الطرف الآخر من الكابل الضوئي، حيث يكون انعكاس الأشعة الضوئية داخل كابل الألياف الضوئية على شكل خط متعرّج "zig zag"، وهكذا تُنْقَل البيانات داخل الألياف بأقل قدر ممكن من فقدان الإشارة.
علماً بأنّ نظام الاتصال عبر الألياف الضوئية يتضمن مجموعة من الأجزاء الرئيسية، وهي جهاز الإرسال "Transmitter"، الذي يُحوّل البيانات أو الإشارات الرقمية إلى إشارات ضوئية باستخدام مصدر ضوئي؛ مثل الدايود الباعث للضوء (LED)، أو أضواء الليزر (LDs)؛ ليجري بعد ذلك إدخالها وتمريرها عبر الجزء الثاني من النظام، وهو "الألياف الضوئية Optical Fiber"، التي توجهها وتوصلها بدورها إلى ثالث الأجزاء، وهو جهاز الاستقبال البصري"Optical Receiver".
يحوّل جهاز الاستقبال البصري الإشارات أو النبضات الضوئية إلى بيانات أو إشارات رقمية مرة أخرى، وأخيراً يوجد المجدد أو المولد البصري "Optical Regenerator"، أو معزز الإشارات الضوئية؛ الذي يُعزّز ويُجدّد الإشارات الضوئية؛ كي لا تتلاشى أو تضعف في أثناء انتقالها عبر الكابلات، وهو جزء ضروري للغاية، خاصة عند نقل البيانات لمسافات كبيرة.
ويجدر التنويه إلى أنّ الأشعة الضوئية التي تُستخدم عادةً في أنظمة الاتصالات عبر الألياف الضوئية هي الأشعة تحت الحمراء، التي يتراوح طولها الموجي بين 0.8 إلى 0.9 ميكرومترات، أو 1.3 إلى 1.6 ميكرومتر.