جار التحميل...
ويُعَدّ الذكاء الاصطناعيّ في سِياق الجرائم الإلكترونية سلاحاً ذو حَدَّين؛ إذ يستفيد منه الأمن السيبراني بصورة فائقة في كشف الجرائم، وتقليل حدوثها، وفي المقابل، يُمكن لبعض الأفراد أو الجهات استغلاله لارتكاب مزيد من الجرائم، على النحو الآتي:
يلجأ بعض الأفراد أو الجهات إلى الذكاء الاصطناعيّ؛ لتعزيز كفاءة التقنيات المُستخدمة في الهجمات الإلكترونية، وزيادة القدرة على الخداع، وإنشاء برامج أكثر ضرراً وتطوُّراً، وغيرها، وهو ما يجعل نطاق الجريمة الإلكترونية أكثر اتِّساعاً، وسهولة، وسرعة، وفي ما يأتي أبرز الجرائم الإلكترونية التي باتت أكثر انتشاراً؛ نتيجة استعانة مُرتكِبيها بالذكاء الاصطناعيّ:
تعتمد الهندسة الاجتماعية (Social Engineering) على خداع الأفراد عبر استراتيجيات عِدَّة، منها استغلال معلوماتهم المُتوفِّرة على مواقع التواصل الاجتماعيّ، أو البريد الإلكترونيّ، أو مواقع التوظيف، أو غيرها؛ لإلحاق الضرر بهم، أو لإحراز سرقات مالية، أو غيرها من الغايات.
ويُشار إلى أنّ هذه الجريمة ازدادت انتشاراً بعد استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعيّ، مثل: استنساخ الصوت، أو تركيب الوجوه، أو صُنع مكالمة آليّة تُحاكي المكالمات التي يعتمدها أحد البنوك مثلاً، ومن ثَمَّ زادت القدرة على انتحال هوية أفراد وشخصيّات ومُؤسَّسات حقيقية بسهولة، واستغلالها في هذا الغرض.
هجمات حجب الخدمة المُوزَّعة (DDoS) نوع من الهجمات الإلكترونية يجري فيها إرسال كمّية هائلة من الطلبات أو البيانات إلى الخادم (السيرفر) الخاصّ بالموقع أو الخدمة، فيصبح الخادم مُزدحِماً بالطلبات؛ ممّا يؤدّي إلى تباطؤ الخدمة، أو تعطُّلها بالكامل.
ويستخدم مُرتكِبو هجمات حجب الخدمة المُوزَّعة أجهزة الإنترنت وبرامج آلية؛ بهدف تعطيل الخدمات عن مُزوِّد الخدمة والمُستفيد في الوقت نفسه، وعلى الرغم من أنّ هذا النوع من الهجمات بشكله التقليديّ في حاجة إلى جهد كبير، فضلاً عن حاجته إلى التدخُّل البشريّ، فإنّ وجود الذكاء الاصطناعيّ سهَّل على الأفراد من مُرتكِبي هذه الجريمة تجهيز الهجمات وتنفيذها، وجعلهم أكثر سرعة، وأصبحوا قادرين على تنظيم هجمات مُتعدِّدة على أهداف مُتعدِّدة في الوقت نفسه.
التصيُّد الاحتيالي (Phishing Attacks) نوع مُحدَّد من الهندسة الاجتماعية، يُركِّز بصورة خاصَّة على استخدام الرسائل الإلكترونية، أو المواقع المُزيَّفة؛ لجمع المعلومات الحسّاسة، وسرقتها، مثل: كلمات المرور، أو المعلومات المالية.
ويجري ذلك عادةً عبر إرسال رسائل بريد إلكتروني، أو رسائل نصِّية، أو إنشاء مواقع ويب تبدو شرعية لكنَّها مُزيَّفة، فتستغِلّ هذه الرسائل أو المواقع الثقة لدى الضحايا؛ ممّا يدفعهم إلى إدخال معلوماتهم الشخصية أو المالية التي تُستخدَم بعد ذلك؛ لسرقة الهوية، أو الأصول المالية.
وقبل تقنيات الذكاء الاصطناعي، كانت هجمات التصيُّد الاحتيالي مليئة بالأخطاء؛ سواء النحوية، أو الإملائية -إذا كانت نصِّية-، أو أخطاء تتعلَّق بوضوح زَيف الصور أو مقاطع الفيديو، ولكن مع تطوُّر تقنيات الذكاء الاصطناعيّ، أصبح بالإمكان إنشاء مقاطع فيديو ومقاطع صوتية مُفَبرَكة عالية الجودة؛ ممّا يزيد صعوبة تمييز المحتوى الحقيقي عن المُزيَّف.
يُسهِم الذكاء الاصطناعي في مواجهة الجرائم الإلكترونية عبر طرائق عِدَّة، من أهمّها ما يأتي:
يُسهِم الذكاء الاصطناعيّ في تطوير برمجيات وأنظمة مُتقدِّمة تُساعد الشركات السيبرانية على توقُّع الهجوم قبل حصوله؛ عبر تحليل البيانات السابقة، وإنشاء أنماط هجوم جديدة مُشابهة لأنماط الهجوم التي جرت مشاهدتها سابقاً، ومن ثَمَّ توفير الحماية منها، ومن أيّ أنماط أخرى مُشابهة مُستقبَلاً.
تحتوي المواقع أو التطبيقات على معيار أساسيّ يُمثِّل السلوك الطبيعيّ للمستخدمين العاديين، وما أن ينحرف شخص عن هذا السلوك؛ كتسجيل شخص الدخول إلى حسابه من مكان مختلف عن المُعتاد، سيُوقفه الموقع؛ لأنّ سلوكه يُشير إلى احتمالية حدوث هجوم.
ورغم أنّ أنظمة الأمان هذه مُستخدَمة منذ فترة طويلة، فإنّ تقنيات الذكاء الاصطناعيّ جعلتها أكثر فاعلية وكفاءة في اكتشاف أيّ أنشطة مشبوهة.
استفادت فِرَق الأمن السيبراني من أنظمة الذكاء الاصطناعيّ، وأدوات الأمن وخدماته المُتاحة في تحسين قدرتها على اكتشاف التهديدات الحقيقية، وتمييزها عن تلك المُضلِّلة أو الكاذبة، ويتميَّز نظام اكتشاف التهديدات بسُرعته العالية؛ لقدرته على معالجة كمّيات ضخمة من البيانات بسرعة وبأساليب مُتطوِّرة، أبرزها: معالجة اللغة الطبيعية (NLP)، ونماذج التعلُّم الآلي (ML).
وختاماً، يؤدّي الذكاء الاصطناعيّ دوراً مُهِمّاً في استرجاع البيانات، وإعادة تنظيمها، عند حدوث أيّ سرقات، أو تلف في النظام، وهو يجعل عملية النسخ الاحتياطيّ للبيانات أكثر كفاءة وسرعة.
المراجع
[1] anapaya.net, The impact of AI on cybercrime
[2] darkreading.com, How AI Is Shaping the Future of Cybercrime
[3] sdi.ai, Artificial Intelligence and Cyber Crime: Facing New Threats and Embracing New Potential
[4] fbi.gov, FBI Warns of Increasing Threat of Cyber Criminals Utilizing Artificial Intelligence