جار التحميل...
ومن هنا، برزت الحاجة إلى إيجاد نموذج اقتصاديّ مُستَدام يُتيح استغلال الموارد المُتجدِّدة، إلى جانب تقليل آثار النفايات؛ لذا، وُجِد نظام الاقتصاد الدائري الذي لا تقتصر فائدته على البيئة فقط، وإنَّما تمتدّ لتشمل الأعمال أيضاً، فما هو الاقتصاد الدائريّ، وما هي أهمّيته في عالم الأعمال؟
الاقتصاد الدائري (Circular economy) نظام اقتصادي يهدف إلى تقليل الهدر في الموارد المُتاحة، ومحاولة الاستفادة منها مراراً وتكراراً ضمن نظام حلقة مُغلَقة، وإبقاء هذه الموارد ضمن دورات الإنتاج لأطول فترة ممكنة؛ ممّا يُقلِّل الحاجة إلى استخراج موارد جديدة، والتخلُّص من النفايات.
ويُعَدّ النظام الاقتصادي الدائري بديلاً فعّالاً، وأكثر استدامة من النظام التقليدي (الاقتصاد الخطّي) القائم على مبدأ (استخراج- إنتاج- استهلاك- تخلُّص)؛ أي استخراج الموادّ الخامّ، ثمّ تصنيع المُنتَجات، واستخدامها مرَّة واحدة، ثمّ التخلُّص منها بوصفها نفايات، ثمّ الشراء من جديد، وهكذا.
ويعتمد مفهوم الاقتصاد الدائري على مبادئ عِدَّة، من أهمِّها: الإدارة الفاعلة للنفايات، والموادّ الخامّ؛ بإطالة عُمر المُنتَجات لأطول فترة ممكنة، وتصنيعها بحيث تكون قابلة للإصلاح، وإعادة الاستخدام، بالإضافة إلى إمكانية إعادة تدويرها وتحويلها إلى موارد لمُنتَجات جديدة.
ويعتمد أيضاً على الاستغلال الأمثل للموارد المُتجدِّدة في الإنتاج، وتقليل استخدام الموارد غير المُتجدِّدة، إلى جانب تقليل الموارد المهدورة؛ بتبادل الفائض منها بين الشركات، وتأجيرها لمُدَّة مُحدَّدة بدلاً من شرائها.
ومن الأمثلة على تطبيقات الاقتصاد الدائري: استخدام فضلات الحيوانات بوصفها سماداً طبيعيّاً، ومعالجتها؛ لإنتاج الغاز الحيويّ، واستخدامه في الطهي، والتدفئة، ويُعَدّ إصلاح الأعطال في الأجهزة الإلكترونية؛ بالتخلُّص من القِطَع التالفة، واستخدام قِطَع أخرى، بدلاً من استبدال الجهاز كاملاً، شكلاً من أشكال الاقتصاد الدائري، بالإضافة إلى استخدام الموادّ القابلة لإعادة التدوير؛ كالورق، والكرتون، في التعبئة والتغليف.
إلى جانب أهمية الاقتصاد الدائري في الحفاظ على البيئة، ومواجهة خطر التلوُّث وأزمة تغيُّر المناخ، فإنّ لهذا النظام آثاراً إيجابية في عالم الأعمال، تُفيد الشركات والأفراد، وتُحسِّن الاقتصاد المحلّي، وفي ما يأتي أبرز هذه الآثار:
لاعتماد النموذج الاقتصادي الدائري على ثقافة الإصلاح بدلاً من الاستبدال، فإنّ الشركة تستمِرّ في تقديم خدمات ما بعد البيع للعميل "الزبون"، وهذا التواصل المُستمِرّ مع العملاء يزيد الثقة بالعلامة التجارية، ويُعزِّز العلاقة بالعملاء، ويؤدّي تبنّي فلسفة الصناعات الصديقة للبيئة إلى جذب العملاء الذين يؤمنون بالفلسفة نفسها، وهذا لا يعني توسُّع قاعدة العملاء فحسب، وإنَّما يخلق عُملاءَ أكثر ولاءً.
يعتمد الاقتصاد الدائري على مبدأ إعادة الاستخدام، وجعل المُنتَج مُتعدِّد الاستخدامات؛ ممّا يعني أنّ المُنتَج سيدوم لمُدَّة أطول، بخلاف ما يحدث في الاقتصاد الخَطّيّ الذي يُحدّد فترة صلاحية مُحدَّدة، تُحتِّم على العميل إعادة الشراء كلّ فترة؛ ممّا يُسهِم في توجُّه العملاء إلى العلامات التجارية والشركات التي تتَّبع نهج الاقتصاد الدائري أكثر من الخطّي، ومن ثَمَّ اكتساب ميزة تنافسية، وتوسيع قاعدة العملاء أيضاً.
يضمن الاقتصاد الدائري توفير الموادّ الخامّ اللازمة للإنتاج باستمرار؛ إذ يُعاد استخدام الموارد الموجودة بأفضل صورة ممكنة بدلاً من استنزاف الموارد المحدودة والمُهدَّدة بالنفاد، وهذا يُعزِّز الاستقلالية في تأمين الموارد بدلاً من الاعتماد على الموادّ الخامّ المُستورَدة، ومن ثَمَّ تقليل التكاليف، مع الحفاظ على الجودة والكفاءة.
للنظام الاقتصادي الدائري فاعلية في النُّمُوّ الاقتصادي، وزيادة كفاءة الإنتاج؛ ممّا يفتح آفاقاً جديدة للابتكار، ويسمح للشركات بتطوير مُنتَجات وخدمات جديدة وفعّالة تتماشى مع النموذج الدائري الحديث، ومن ناحية أخرى، يزيد هذا الابتكار والنُّمُوّ الحاجة إلى الأيدي العاملة؛ ممّا يُتيح فرصاً جديدة من الوظائف التي تتعلّق بإعادة التدوير، والإصلاح، وإدارة الموارد.
المراجع
[1] climatepromise.undp, What is circular economy and why does it matter?
[2] repsol.com, Circular economy
[3] earth5r.org, 5 BENEFITS OF A CIRCULAR ECONOMY
[4] tontoton.com, 5 Crucial Reasons For Implementing A Circular Economy For Sustainable Development