جار التحميل...
فما هي إعادة التدوير؟ وما الهدف منها؟ وما هي مراحلها؟
يمكن تعريف إعادة التدوير بأنَّها عمليَّة جمع الموادّ التي تُلقى عادةً باعتبارها نفايات، وتحويلها إلى مُنتَجات جديدة ومفيدة؛ سواء كانت هذه المُنتَجات ستُستخدَم تبعاً لأغراضها الأصلية التي صُنِعت من أجلها، أو لأغراض أخرى، ومن أكثر الموادّ المُعاد تدويرها شيوعاً في العالم: البلاستيك، والحديد، والألمنيوم، والورق، والزجاج، والخشب.
وإعادة التدوير من الطرق الفعّالة لحماية البيئة، وتعزيز استدامتها؛ فهي تسهم في تقليل كمِّيات النفايات التي يتمّ تجميعها في المكبّات ومَحطّات الحرق، ممّا يُقلِّل من التلوُّث البيئيّ، والانبعاثات الغازية الضارَّة، وبالتالي الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري، والتغيُّر المناخيّ.
كما تسهم عملية إعادة التدوير في تقليل الضغط على استهلاك الموارد الطبيعيَّة؛ فبدلاً من الاعتماد على استخدام موارد محدودة، مثل: البترول، والغاز الطبيعيّ، والفحم، والمعادن، والأشجار في تصنيع موادّ جديدة من الصفر، يتمّ استخدام الموادّ المُعاد تدويرها؛ فعلى سبيل المثال، عند إعادة تدوير الورق، تَقِلّ الحاجة إلى قطع الأشجار لإنتاج ورق جديد، وعند إعادة تدوير البلاستيك، يمكن تجنُّب استهلاك المزيد من النفط الذي يُستخدَم في إنتاج البلاستيك الجديد.
وتجدر الإشارة إلى أنّ لعملية إعادة التدوير فوائد اقتصادية من عِدَّة جوانب؛ فوفقاً لوكالة حماية البيئة الأميركية (EPA)، فإنَّ صناعة إعادة التدوير ذات تأثير كبير في الاقتصاد؛ إذ تسهم في زيادة فُرَص العمل والدَّخل، وتخفيض استهلاك الطاقة؛ نظراً لتقليل الحاجة إلى إنتاج موادّ جديدة من الصفر، بالإضافة إلى الاعتماد على المصادر المحلِّية والموادّ المُتاحة.
قد تكون إعادة التدوير بسيطة بمفهومها -إعادة استخدام الموادّ من جديد-، إلّا أنّ عمليّاتها غالباً ما تكون أكثر تعقيداً. وتختلف مراحل إعادة التدوير حسب نوع المادَّة المُراد تدويرها، والتقنيات المُستخدَمة، إلّا أنَّها بشكل عامّ تشمل ما يلي:
يُعَدّ جمع الموادّ القابلة للتدوير ومعالجتها الخطوة الأولى في عملية إعادة التدوير؛ فبعد استهلاك هذه الموادّ من قِبَل الشركات والمُستهلِكِين، يجري جمعها عادةً عن طريق جهات مُختَصَّة؛ حكوميَّة، أو خاصَّة، بعدَّة طُرق؛ كتجميعها من حاويات إعادة التدوير المُخصَّصة لكلّ نوع من النفايات، كما تتوفَّر في بعض الدول مراكز مسؤولة عن استلام الموادّ القابلة لإعادة التدوير من المواطنين، أو مراكز إعادة الشراء التي تدفع مبالغ مالية مقابل الموادّ المُعاد تدويرها.
بعد جمع الموادّ القابلة لإعادة التدوير، يجري نقلها إلى مرافق الاسترداد؛ وهي مُنشَآت مُتخصِّصة تتمّ فيها معالجة الموادّ؛ بفرزها، وتصنيفها، وتنظيفها من الشوائب، أو الموادّ غير المرغوب فيها، ثمّ تحويلها إلى موادّ خامّ قابلة للاستخدام مباشرة في التصنيع؛ كتحويل البلاستيك المُعالَج إلى بلاستيكيَّة، أو تحويل الورق إلى لُبّ الورق.
بعد عملية المعالجة في مرافق الاسترداد، يُعَاد تشكيل الموادّ لتصبح مُنتَجات جديدة في مصانع إعادة التدوير أو مرافق مماثلة، وتُستخدَم هذه المُنتَجات بعد ذلك بطرق مُبتَكَرة لصُنع سِلَع استهلاكيَّة، مثل استخدام البلاستيك المُعاد تدويره في صناعة مقاعد الحدائق والملاعب.
هناك نوعان رئيسان من عمليّات إعادة التدوير، وهما:
في العديد من الصناعات، تُنتَج كمِّيات كبيرة من الموادّ الفائضة أو النفايات أثناء العملية الإنتاجية، وبدلاً من التخلُّص من الموادّ الناتجة كنفايات، عادةً ما يجري استخدامها مُجدَّداً في العملية التصنيعية نفسها لإنتاج مُنتَجات جديدة، وهذه العملية تُسمَّى بــ "إعادة التدوير الداخلي".
على سبيل المثال، في صناعة المعادن يُعاد صهر قِطَع النحاس الزائدة أو قُصاصاتها لإنتاج مُنتَجات جديدة من النحاس، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه العمليات تُقلِّل من النفايات، وتُسهِم في الاستدامة البيئيَّة والاقتصاديَّة للصناعات المختلفة.
يُشير التدوير الخارجيّ إلى عملية استرجاع الموادّ من مُنتَجات قديمة أو تالفة؛ لإعادة استخدامها في تصنيع مُنتَجات جديدة؛ كتحويل الصحف والمجلّات القديمة إلى ورق جديد، وجمع علب الألمنيوم وزجاجات المياه وتحويلها إلى علب مشروبات جديدة.
وختاماً.. إلى جانب دور أفراد المجتمع، يتطلَّب تنفيذ عمليات إعادة التدوير جهوداً من الحكومات والمُنظَّمات الدولية؛ بهدف إنشاء بنية تحتيَّة لجمع النفايات وفَرزها، وتوفير التدريب والتوعية للمواطنين حول أهمِّية إعادة التدوير، وتشجيع الشركات على استخدام الموادّ القابلة لإعادة التدوير في مُنتَجاتها، كما يجدر التنويه إلى أنّ استراتيجيات إعادة التدوير وسياساتها، وحتى طبيعة الموادّ المُعاد تدويرها، قد تختلف من دولة إلى أخرى وفقاً للظروف، والاحتياجات المحلِّية.
وفي هذا السياق، تُعَدّ دولة الإمارات العربية المُتَّحِدة رائدة في مجال إعادة التدوير؛ إذ تعكس سياساتها التزامها بحماية البيئة، وتعزيز الاستدامة، ومن ذلك "سياسة الإدارة المُتكاملة للموادّ القابلة لإعادة التدوير" التي تتضمَّن تنظيم عمليات جمع وإعادة تدوير الموادّ القابلة لذلك، مثل: الإطارات المستعملة، والنفايات البلاستيكية، والإلكترونية، إضافة إلى نفايات زيوت الطعام والطهي المُستعمَلة، ونقلها إلى مصانع إعادة التدوير داخل الدولة، وتنظيم عمليات تصديرها في بعض الحالات، كما تضع أحكاماً خاصَّة لترخيص المُنشَآت العاملة في هذا المجال، وهذا يعكس رؤية الدولة نحو تحقيق الفوائد البيئية والاقتصادية المُترتِّبة على عمليات إعادة التدوير، وتعزيز الوعي البيئيّ في المجتمع.
[1] epa.gov, Recycling Basics and Benefits
[2] britannica.com, recycling
[3] oregonstate.edu, Recycling Processes
[4] products.pcc.eu, What is recycling, how does it work, what types and stages are there?
[5] iomcworld.org, Recycling