مع بزوغِ شمسِ كُل يوم، وبعد أن يستفتح يومه بتلاوة آياتٍ من القرآن الكريم، يحدثنا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، عن بعض يومياته وجدوله الشخصي الذي يداوم عليه باستمرار، على أنه حريصٌ كل الحرص بأن يقرأ في اليوم ما لا يقل عن "300" صفحة في أي نوعٍ من الكُتب، فصاحب السمو حاكم الشارقة معروفٌ بحبه العميق للقراءة وجعلها جزءاً أساسياً من حياته اليومية.
القراءة تُشكِّلُ أحد أهم محاور اهتماماته، إذ يعتبرها وسيلة لاكتساب المعرفة ومواجهة المعلومات غير الدقيقة المنتشرة في عالم الكتابة، وبلورتها في قالبٍ جديدٍ صالحٍ للنشر.
ويحرص صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، على الاطلاع الدائم في الإصدارات والكتب النادرة والمخطوطات الثمينة خلال زياراته للمكتبات العالمية، ما يعكس شغفه بالبحث العلمي العميق والتزامه بالتحقق من المعلومات بدقة متناهية ونَظْرَة مُتَفَحِّصَة، كما يؤكد أن هذا الاطلاع والبحث المستمر يساهم في تعزيز فِكره الشخصي الذي يدعم رؤيته في تطوير الشارقة كمركز للمعرفة والثقافة.
إضافة إلى ذلك، يُعبِّر حاكم الشارقة عن سعادته الكبيرة عند انتهائه من تأليف كتاب أو موسوعة أو أي إصدار جديد، إذ يرى في الكتابة وسيلة لتوثيق المعارف وتقديمها للأجيال القادمة بالصورة الصحيحة، كيف لا، وأول آية نزلت تحث على القراءة والكتابة، يقول الله تبارك وتعالى في سورة العلق: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}.
وتحت شعار "هكذا نبدأ" وكما يبدأ حاكم الشارقة مع الكتاب في كل صباح، ومع شارقة العلم والفكر والثقافة ومتعة القراءة، انطلقت الدورة (43) لمعرض الشارقة الدولي للكتاب 2024م، ففي عالم مليء بالتحديات والمتغيرات السريعة، تظل الشارقة راسخة بهويتها الأصيلة ومرتكزاتها القيِّمة، فالقراءة إحدى أهم العوامل التي تساهم في بناء الفِكر وتطوير المجتمعات.
ولطالما كانت الشارقة مثالاً رائداً في تعزيز القراءة والمعرفة، حيث تحوّلت إلى إمارة تنبض بالمكتبات والمعارض والأنشطة الثقافية، مما أكسبها ألقاباً دولية، مثل "عاصمة الثقافة العربية لعام 1998م" و"عاصمة الكتاب العالمية" لعام 2019م، وكل ذلك إيماناً من حاكمها بأن القراءة هي حجر الأساس لبناء الفرد المثقف والمجتمع الواعي، ولذلك أطلق سموه العديد من المشاريع والمبادرات التي تهدف إلى تحفيز الجميع على حب القراءة، وخاصة الأجيال الناشئة، بل امتد ذلك العطاء المعرفي والثقافي عبر مراكز ومعارض ثقافية من إمارة الشارقة وإلى أنحاء العالم والمغرب العربي.
وجدير بالذكر أن المغرب يحل ضيف شرفٍ في معرض الشارقة الدولي للكتاب هذا العام، حيث اشتهر المغرب بانطلاق علوم المعرفة منه، فمن بين أزقة المدن المغربية القديمة، هناك آثار لم تندثر لعقولٍ لامعة وقلوب نابضة بالعطاء.
كيف لا، وقد ذاعت في قديم الزمان صدى المدونة الكبرى أرجاء المعمورة ممتزجة بفلسفة ابن رشد التي أضاءت عقول الفلاسفة في أوروبا، وبتأطير المُحدث الحافظ الموسوعيّ أبو عمران الفاسي، وديباجةِ ابن فرحون وكُتِب القاضي عياض بالفقه والحديث، كما طابت ذكراً في العالَمِين زوايا العِلْمِ بالقرويين التي أصبحت مركزاً لطلبة العلم ومقصداً للعلماء، فالمغرب يعتبر جسراً علمياً بين العالم الإسلامي وأوروبا.
ونعود للحديث عن موضوعنا، فلقد كانت من أبرز المبادرات الثقافية التي أطلقها صاحب السمو حاكم الشارقة ما نعيشه اليوم من عُرسٍ ثقافيٍّ مُبْهِرٍ ، وهو: معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي يُعَدُّ من أكبر المعارض في العالم ، حيث يجمع ملايين العناوين من مختلف أنحاء العالم، كما يستضيف نخبة من الكتّاب والمثقفين سنوياً.
ناهيكم عن مشروع (مكتبة في كل بيت) والذي عمل سموه على تأسيس العديد من هذه المكتبات، وتحديثها كل عام لتكون جاذبة لكل الفئات، إضافة إلى مبادرة توفير الكتب في الأماكن العامة، مثل الدوائر الحكومية والمستشفيات والمراكز التجارية، لتكون القراءة جزءاً من الحياة اليومية.
وكذلك من الأمور المشهود له فيها؛ هو الاهتمام بالتراث والكتب النادرة التي يُولي سموه اهتماماً بالغاً بحفظ التراث العربي والإسلامي، حيث أسس مكتبة تضم مئات المخطوطات والكتب النادرة، وجعلها متاحة للباحثين والمهتمين.
وبفضل هذه الجهود المباركة، أصبحت القراءة جزءاً أساسياً من هوية المجتمع الإماراتي بشكل عام، وباتت الثقافة محوراً أساسياً في رؤية الشارقة التنموية، فالبرامج الثقافية التي أُطلقت بإشرافٍ مباشر من حاكم الشارقة، أسهمت في تعزيز الوَعي، وشجّعت شرائح المجتمع على اتخاذ القراءة أسلوب حياة، ما ينعكس إيجاباً على تطور المجتمع واستدامة التنمية العلمية والثقافية.
إنَّ مبادرات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تؤكِّدُ أنَّ الاستثمار في القراءة هو استثمار في المستقبل، فالمعرفة هي الأساس الذي يُبنى عليه تقدم الأمم، والقراءة هي الجسر الذي يربط الإنسان بالعالم، ومع استمرار هذه الجهود المباركة، تظلُ الشارقة عنواناً مضيئاً في عالم الثقافة والمعرفة، ووجهة لكل من يؤمن بأن القراءة هي الطريق نحو التقدم والازدهار.
ومسك الختام، دعوني أوجه لكم دعوة استكشافية قرائية: ( فَحَيهلا، نبدأ القراءة، ونمضي معاً في رحلة ممتعة لا نهاية لها نحو العلم والمعرفة ونتجول بين أروقة معرض الشارقة الدولي للكتاب لننهل العلوم المفيدة).