تُعَدُّ عبارة " اعمل نفسك ميِّت" إحدى العبارات التي تحمل معاني عميقة تتعلق بنوعٍ من أنواع الهروب التكتيكيّ من مشكلات الحياة وصَخَبِها، بمعنى آخر: هو التغافل عن الأخطاء والعيوب، في عالمٍ مليءٍ بالتحدياتِ والمشاكل، حيثُ يُصبحُ من الضروري أحياناً أن نتجاهل عن بعض الأخطاء، سواء كانت في أنفسنا، أو في الآخرين؛ وذلك للحفاظ على السلام الداخلي وأعني النفسي والاجتماعي.
وبمعنى آخر؛ التغافل هو القدرة على تجاهل الأمور السلبية، أو العيوب الصغيرة، التي قد تُعكِّر صفو العلاقات، وتؤثر على النفس البشرية، وهو فن يتطلبُ من صاحبه الحكمة، والذكاء العاطفي، حيث أن التغافل بكل حرفية ومهارة؛ سيؤدي حتماً إلى تحسين العلاقات من ناحية إيجابية بدلاً من التركيز على السلبيات.
ويمكن أن يُسهم كذلك في تعزيز العلاقات الاجتماعية، فالتغافل عن الأخطاء يخلق بيئة من التفاهم والتسامح، وكذلك يؤدي إلى حماية النفس من الضغوطات، فعندما نتجاهل الأمور التافهة، نكون قادرين على تقليل التوتر والقلق، مما يساهم في تحسين الصحة النفسية.
وأيضاً التغافل يُشجِّع على التفكير الإيجابي، والتركيز نحو الجوانب الجيدة في الحياة، والابتعاد عن الأمور السلبية، مما ينعكس على الحالة المزاجية، فيساعد في تحسين العلاقات مع الآخرين، فبدلاً من الاستغراق في الانتقادات ولوم الآخرين، يمكن أن نبرمجه في فهم الدوافع خلف هذه التصرفات، وحَلِّها بحكمة التغافل، فينعكس ذلك على مستوى صحة الفرد والمجتمع، جاء في كتاب مناقب الشافعي للبيهقي أنه قال:" الكَيِّسُ العاقل هو الفَطِنُ المُتغافل".
والخلاصة في مقالنا: "اعمل نفسك مَيِّتْ" تعكس قيمة التغافل عن الأخطاء، والبعد عن كل ما يعكر صفوك و"يُخربط مُودَكْ"، وهي دعوة للتعامل بحكمة مع السلبيات والمشكلات في حياتنا، من خلال ممارسة التغافل الذي سيعزز من العلاقات مع الآخرين، مما سيسهم في حياةٍ أكثر إيجابية وسعادة.
ولتعلم عزيزي القارئ، أن التغافل ليس مهارة فقط، بل هو أسلوب حياة يمكن أن يُحَسِّن من سلوكنا ويجعلنا أكثر مرونة وإيجابية في مواجهة تحديات الحياة بشتى أنواعها.