طريقة برايل غيّرت حياة المكفوفين

وكانت طريقة برايل قد اختُرِعت على يد لويس برايل في القرن التاسع عشر؛ رغبةً منه في إيجاد طريقة تُمكِّنه من قراءة الكتب العديدة التي كان يصعب عليه قراءتها آنذاك؛ لأنَّه كفيف، فجاء بطريقة برايل التي أصبحت أداة حيوية تُمكِّن فئة المكفوفين من التعلُّم واكتساب المعرفة بأسهل طريقة مُمكِنة.

ويُكتَب النصّ في برايل ضمن مستطيلات صغيرة يضمّ كلٌّ منها ستّ نقاط مُوزَّعة على خليَّتين عَموديَّتَين، ويضمّ كلّ عامود ستّ نقاط بارزة، ولكلّ نقطة من النقاط الستّ رقمٌ تبعاً لمكانها في الخلية، بالإضافة إلى أنّ كلّ خلية تُستخدَم لتمثيل حرف، أو كلمة، أو رقم، ومن خلال الآتي، سيجري توضيح دور طريقة برايل في تغيير حياة المكفوفين:

محو الأمية: نور المعرفة ينير دروب المكفوفين

تُؤدّي طريقة برايل دوراً حيوياً في مَحو الأُمِّية بين المكفوفين وضِعاف البصر؛ عبر توفيرها العديد من الوسائل الفاعلة في اكتساب المهارات اللغوية وإتقانها، مثل: تعلُّم القراءة، وعلامات الترقيم، والقواعد اللغوية، وساعدت أيضاً في تعليم المكفوفين قواعد الرياضيات والعلوم؛ ممّا ساهم في زيادة معرفتهم في المجالات العلمية، ومن ثَمَّ حصولهم على المعلومات واكتساب المعرفة في المواضيع المختلفة التي يرغبون فيها.

المساواة مع المُبصِرين في المجتمع: حقٌّ طبيعي، وبرايل هي الجسر

ساهمت طريقة برايل كثيراً في مساواة المكفوفين بالمُبصِرين في المجتمع؛ إذ فتحت لهم أبواب التعليم باستقلاليَّة، والوصول إلى الموارد التعليمية المكتوبة، ومن ثَمَّ القدرة على المشاركة في الأنشطة الثقافية والاجتماعية؛ ممّا ضيَّق الفجوة بين فئة المكفوفين وأفراد المجتمع، فضلاً عن اكتسابهم مهارات مُتنوِّعة منحتهم القدرة على إدارة أمورهم الشخصية التي تتطلَّب القراءة والكتابة.

الاعتماد على الذات وتعزيز الثقة بالنفس: هدية برايل للمكفوفين

تمنح طريقة برايل المكفوفين حُرِّية الوصول إلى المعرفة مباشرة دون الحاجة إلى وسيط؛ فهي تُمكِّنهم من قراءة الكتب والمجلّات والوثائق بأنفسهم، والوصول إلى الموادّ التعليمية بسهولة، وبفضل برايل، تحرَّر المكفوفون من القُيود التي تفرضها عليهم الإعاقة البصرية، وعيش حياة مليئة بالإنجاز، وهذا حَتماً يُعزِّز ثقتهم بأنفسهم، وبقدرتهم على اتِّخاذ القرارات الخاصَّة بهم، فيشعرون بأنَّهم جزء فعّال من المجتمع.

وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنّ المكفوفين قبل اختراع لغة برايل كانوا يعتمدون كثيراً على الآخرين للحصول على المعلومات؛ سواء بالقراءة لهم، أو بتوجيههم في المَهامّ اليومية، إلى أن ظهرت لغة برايل، وغيَّرت هذا الوضع جذريّاً.

المشاركة المهنية: برايل ترسم ملامح المستقبل الوظيفي

تُعَدّ طريقة برايل حجر الأساس في تمكين المكفوفين مهنياً؛ فهي تُزوِّدهم بالمهارات والمعرفة اللازمة للنجاح في عالَم العمل؛ إذ صار بإمكان المكفوفين التقدُّم لشغل وظائف تناسب قدراتهم ومُؤهّلاتهم، والمساهمة في تطوير المؤسسات التي يعملون فيها، ومُؤخَّراً أصبحت مُدوَّنات برايل الإلكترونية عاملاً مُساعِداً يُؤهِّل المكفوفين لحضور الاجتماعات، وتدوين الملاحظات.

لذا، يُنصَح المكفوف بتعلُّم طريقة برايل والتعمُّق فيها قدر الإمكان؛ لتجاوز الصِّعاب التي قد تُواجهه في العمل، ويجدر بالذكر أنّ فرص العمل مُتاحة أكثر للمكفوفين الذين يُتقِنون برايل مقارنة بأولئك الذين لم يتعلَّموها.

تحقيق الاندماج الاجتماعي: نحو مجتمع أكثر شمولية

تسهم طريقة برايل كثيراً في تغيير النظرة المجتمعية تجاه المكفوفين؛ فعَبر دمج التعليم بواسطة برايل بالتعليم المُقدَّم في الصفوف التعليمية التقليدية، يُمنَح الطلبة الأكِفّاء الفرصة للتواصل مع أقرانهم المُبصِرين في البيئة التعليمية، والاستفادة الشاملة من الإمكانات المُقدَّمة لهم في الغُرَف الصفِّية قدر الإمكان.

والجمع بين الطلبة المكفوفين والطلبة المُبصِرين في الغُرَف الدراسية ذاتها يمنح الكفيف فرصة المشاركة في أداء الأدوار المُقدَّمة للطلّاب المُبصِرين، مثل: تولّي المَهامّ في الغرفة الصفِّية، وتطبيق المهارات الاجتماعية؛ كالتعاون مع الزملاء، بالإضافة إلى التمكُّن من التجاوب مع الأسئلة المطروحة من قِبَل زملائهم ومُعلِّميهم، وهذا بدوره يُحقِّق التفاعل الاجتماعي للمكفوفين، ويكسر الحواجز الاجتماعية والنفسية المُرتبِطة بالإعاقة البصرية. 

 المراجع

[1] afb.org, What Is Braille?
[2] sightscotland.org.uk, Benefits of braille
[3] allyant.com, Advantages of Braille and Braille Keyboards
[4] rsbc.org.uk, 5 ways that Braille can unlock independence, confidence, and equality
[5] thinkerbelllabs.com, How Braille Literacy is an Important Step Towards Social Inclusion