جار التحميل...
ورغم أن الهدف الرئيسي من تصنيع هذه الأطعمة هو توفير طعام مريح واقتصادي، إلا أن ذلك غالباً ما يكون على حساب صحة المستهلك، خصوصاً حينما تكون الأطعمة معالجة بشكل كبير أو ما تسمى ب "الأطعمة فائقة المعالجة"، لذلك لا بد من التوعية بالأضرار الصحية المحتملة لها، وفيما يأتي أبرز هذه الأضرار.
تعد الأطعمة المصنعة من أبرز العوامل المسببة للسمنة، فهي عادةً ما تكون غنية بالسعرات الحرارية، والدهون غير الصحية، والسكر، هذه الخصائص تجعلها محببة لدى البعض، وتؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام وزيادة الوزن، بالإضافة إلى فقرها بالعناصر الغذائية الأساسية، والألياف التي تعزز من الشعور بالشبع، كما غالباً ما تكون الأطعمة المصنعة أرخص وأسهل في التحضير، مما يجعلها خياراً شائعاً للكثيرين.
تُسهم الأطعمة المصنعة بشكل كبير في زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية من خلال عدة أسباب؛ أبرزها:
يرتبط الاستهلاك المرتفع للأطعمة فائقة المعالجة بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، فهي تحتوي على الدهون المتحولة، وهي دهون ضارة لا يحتاج إليها الجسم ولا يستفيد منها، وتؤدي إلى رفع مستوى الكوليسترول الضار (LDL) في الدم وتخفيض مستوى الكوليسترول الجيد (HDL)؛ هذا التوازن غير الصحي يمكن أن يؤدي إلى تراكم الكوليسترول في الشرايين، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية.
تحتوي الأطعمة المصنعة على كميات عالية من الصوديوم، وهو ما يشكل تهديداً كبيراً لصحة القلب والأوعية الدموية. حيث يؤدي الصوديوم الزائد إلى احتباس الماء في الجسم، مما يزيد من ضغط الدم، والذي يشار إليه بأنه "القاتل الصامت" لأنه قد يكون من دون أعراض، ولكنه يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب.
كما توصي جمعية القلب الأميركية (American Heart Association) بعدم تجاوز 2300 مليجرام من الصوديوم يومياً، مع التوجه نحو الحد المثالي البالغ أقل من 1500 مليجرام يومياً لمعظم البالغين، لتقليل الصوديوم في النظام الغذائي، من المهم اختيار الفواكه والخضروات الطازجة أو المجمدة، وتجنب الأطعمة المصنعة مثل اللحوم الباردة والوجبات السريعة.
الأطعمة المصنعة عادة ما تكون ذات مؤشر جلايسيمي مرتفع، ممّا يؤدي إلى استجابات سكرية سريعة وزيادة في مخاطر الإصابة بالعديد من المخاطر المرتبطة بأمراض القلب، مثل زيادة الدهون والوزن، وزيادة الالتهابات، وضعف الأوعية الدموية، ومقاومة الإنسولين، والسكري من النوع الثاني.
يمكن أن يكون لتناول الأطعمة شديدة المعالجة تأثير واضح في مستويات السكر في الدم، حيث يجري تحويل الكربوهيدرات المكررة في هذه الأطعمة بسرعة إلى جلوكوز، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم، وغالباً ما يتبع هذا الارتفاع السريع انخفاض حاد، مما يجعل الأفراد يشعرون بالتعب والانفعال والرغبة في تناول المزيد.
كما أن التعرض المتكرر لهذه التقلبات يمكن أن يسهم في مقاومة الإنسولين، مما يجعل الإنسولين أقل فعالية في تنظيم مستويات السكر، وقد يؤدي ذلك إلى مرض السكري من النوع الثاني أو ما قبل السكري.
وقد جرى توثيق العلاقة بين الأطعمة المصنعة وخطر الإصابة بمرض السكري، وخاصة مرض السكري من النوع الثاني في العديد من الدراسات، ومثال عليها دراسة نُشرت في عام 2019 من قبل مجلة (JAMA Internal Medicine)، ربطت بين استهلاك الأطعمة المصنعة للغاية وزيادة خطر الإصابة بمرض السكري، بعد متابعة أكثر من 100,000 شخص على مدى ست سنوات، تبين أن الأشخاص الذين تناولوا أكبر قدر من هذه الأطعمة كانوا أكثر عرضة للإصابة بالسكري بنسبة 15٪ لكل زيادة قدرها 10 % في استهلاك الأطعمة المصنعة.
معظم الأطعمة شديدة المعالجة منخفضة جداً بالألياف الغذائية، وهي ضرورية للحفاظ على الهضم الصحي، إذ تساعد الألياف في تعزيز حركات الأمعاء المنتظمة، والشعور بالشبع، ودعم نمو البكتيريا المعوية المفيدة.
بالإضافة إلى أن المواد الحافظة ذات الخصائص المضادة للميكروبات قد تؤثر في بكتيريا الأمعاء، عن طريق قتل بعض البكتيريا المفيدة التي تعيش فيها، وقد يؤدي ذلك إلى اضطراب التوازن الطبيعي للميكروبات في الأمعاء، مما يفتح المجال للبكتيريا الضارة لتتكاثر وتسبب مشاكل صحية.
يرتبط تناول الأطعمة فائقة المعالجة بزيادة خطر الإصابة باضطرابات الصحة العقلية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق، وفي حين أن هناك حاجة إلى دراسات أكثر لإثبات العلاقة السببية، فإن مجموعة الأدلة الحالية تدعم فكرة أن النظام الغذائي الغني بالأطعمة فائقة المعالجة يمكن أن يؤثر سلباً في الصحة العقلية.
ختاماً، تُعد محاربة التأثير السلبي للأطعمة فائقة المعالجة خطوة مهمة للحفاظ على الصحة العامة، وذلك بتجنب شرائها قدر الإمكان، والتركيز على الأغذية الطبيعية، كما ينبغي أيضاً قراءة مكونات المنتجات الغذائية بعناية، وتجنب شراء أي منتج يحتوي على مكونات غير معروفة أو غير مستخدمة في الطهي المنزلي، ومن المهم مراجعة النظام الغذائي الشخصي، وتقييم مدى استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة ومدى تأثيرها في الصحة على المدى الطويل.
المراجع
[1] biologicalsciences.uchicago.edu, Common food preservative has unexpected effects
[2] medicalnewstoday.com, Processed foods: Health risks and what to avoid
[3] obesity-care-clinic.com, Processed Foods and Obesity: Unraveling the Connection
[4] harvard.edu, Heavily processed foods tied to diabetes - Harvard Health
[5] slofoodbank.org, Nutrition for Hypertension and Heart Disease - SLO Food Bank