جار التحميل...
تدلّ الاستقالة الصامتة على أنّ الموظف غير سعيد في عمله، وقد يُعاني من الإرهاق، وعدم الشغف في أداء المهام، ويجد في الاستقالة الصامتة منفذاً للتخلص من أعباء العمل وضغوطاته، وبالرغم من محافظته على أداء الواجبات الوظيفية، إلا أنّه لا يشعر بالانتماء للعمل، بل يلتزم فقط بما هو مدرج في الوصف الوظيفي لمهنته.
إنّ الاستقالة الصامتة تُبنى على أسباب مختلفة، تتمثل بالأجور المتدنية، أو أعباء العمل المتراكمة التي لا يمكن تحملها، أو قلة فرص التطور في مكان العمل، ولا بدّ للموظف في هذه الحالة من اتباع عدد من الإجراءات للتغلب عليها، والعودة للعمل من جديد بشغف ومعنويات عالية.
وهذه الإجراءات منها ما يقع على عاتق الموظف، ومنها ما يقع على عاتق أصحاب العمل أنفسهم والمسؤولين فيه، يمكن توضيحها بالمجمل في النقاط الآتية:
من مسؤولية الموظف الذي يتعرض لحالة الاستقالة الصامتة أن يبحث عن الأسباب التي أوقعته في ذلك، فمعرفة سبب المشكلة عنصر أساسي للتمكُّن من حلها، فقد تكون الأسباب شخصية، مثل الإرهاق، وعدم القدرة على تحمُّل المهام، وقد تكون معتمدة على طبيعة العمل، مثل الشعور بعدم التقدير للمهام المنجزة، فلا يمكن البقاء في حالة طويلة من الاستقالة الصامتة؛ فهي لا تُحقق للموظف أهدافه، ولا تمنحه التقدير الذي يرغب به.
من ناحية أخرى يتوجب على أصحاب العمل البحث حول الأسباب التي دفعت الموظف لهذه الحالة، ففهم العوامل التي تدفع الموظفين إلى الانسحاب العاطفي من مهامهم يمكن أن يساعد الإدارة على اتخاذ إجراءات فعالة، لتمكينهم من العودة من جديد للعمل بشغف وطموح أكبر، فالقيادي الناجح في العمل يجب أن يُبادر بسؤال الموظف حول أسباب عدم انخراطه في العمل، وعدم تفاعله مع الزملاء، والابتعاد عن الفرضيات والحكم من بعيد.
حين يشعر الموظف بالاستياء تجاه العمل، وعدم القدرة على الإكمال، والاستمتاع بالمهام الموكلة إليه، يجب عدم الاستسلام لهذه الحالة، والعمل بجد للتخلّص منها، ويتمثل ذلك بمجاهدة النفس للانخراط في العمل، والتفاعل مع الزملاء في أداء المهام.
ومما يساعد على ذلك إنشاء روتين عمل محفز، بجعل العمل أكثر تنظيماً وتنوعاً لتجنب الروتين الممل، ويتمثل ذلك بتغيير مكان العمل من فترة إلى أخرى مثلاً إن كان ذلك ممكناً، أو إعادة ترتيب المهام، وتحديد أهداف واضحة من شأنها أن تزيد من الشغف والحماس في العمل.
قد يتّجه بعض الأفراد الذين يشعرون بالاستياء من الوظيفة التي يعملون بها إلى مواقع التواصل الاجتماعي، للتعبير عن غضبهم واستيائهم، بدلاً من التوجه إلى أصحاب العمل، أو المسؤول المباشر، وهذا خطأ كبير لا يُحقق أي فائدة في التغلب على الاستقالة الصامتة.
فالأَولى بالموظف أن يكون صريحاً مع نفسه ومع المسؤولين عنه في العمل، والتوضيح بشكل مباشر عن احتياجاته، والتحديات التي تواجهه في العمل بشكل مفصّل، فهذه الطريقة الأساس في حل مشكلة الاستقالة الصامتة والتغلب عليها، ومن الجدير بالذكر أنّ البقاء في حالة من الصمت، وانتظار أن يشعر الآخرون بما يحتاج إليه الموظف لا يؤدي إلى أي نتائج حقيقية، بل قد يزيد من حدة الوضع، والوصول إلى طريق مغلق.
إنّ تحفيز الموظف والتأكيد على انتمائه للعمل من أهم العوامل التي تسهم في التغلب على ظاهرة الاستقالة الصامتة، فحين يشعر الموظف بالتقدير والاعتراف بجهوده ينمو لديه الدافع للعمل والابتكار، ومن الممكن تحقيق هذه الاستراتيجية من خلال تقديم الحوافز الملائمة، مثل المكافآت، والبرامج التدريبية، وإتاحة فرص التطور المهني.
فالموظفون يحتاجون إلى الشعور بأن جهودهم معترف بها ومقدرة، وأنّهم جزء من الفريق، وأن آراءهم تُحترم، فعندما يفهم الموظف كيف يسهم عمله في تحقيق الأهداف العامة للشركة يشعر بقيمة عمله، مما يُعيد إليه الشغف تجاه المكان الذي يعمل فيه.
إنّ تحميل الموظف الأعباء الإضافية في العمل دون مراعاة قدرته على الأداء، يُمكن أن يؤدي إلى زيادة مستويات الإجهاد والإرهاق الجسدي والنفسي، لذا من الضروري توزيع المهام بشكل عادل ومتوازن، والتحقق من تقييم الموظف لمهامه ومشاعره تجاه الأعمال الإضافية، إذ يشجع الاعتدال على تعزيز الرضا الوظيفي، والشعور بالانتماء، مما يقلل من حالات الاستقالة الصامتة.
وفي الوقت نفسه من الضروري التوضيح للموظف من اللحظة الأولى في عمله أنّ المهام قد تتطور في المستقبل، وتُصبح مسؤولياته أكبر، لئلّا يتعرض للمفاجآت، ويجد نفسه تحت الأمر الواقع، وفي حال إضافة أعمال غير متفق عليها، فمن حق الموظف الحصول على حوافز تشغيلية، أو رفع قيمة الراتب الذي يتقاضاه، فالشعور بالأمان في العمل يسهم في منع الموظف من الدخول في حالة الاستقالة الصامتة.
إنّ التأثير السلبي الكبير على أوقات راحة الموظف، وحياته الشخصية، من أبرز الأسباب التي تدفعه للاستقالة الصامتة، فبعض أصحاب العمل هدفهم الأول إنجاز المهام بغض النظر عن حدود أوقات العمل، والحياة الشخصية للموظف، فقد يتم تجاوزها في بعض الأوقات، مما يؤثر سلباً في نفسية الموظف، وقدرته على الأداء الجيد.
فالإداري الناجح يختار الأوقات الملائمة لإنجاز المهام، ويعطي الموظف الوقت الكافي للراحة، ولا يتطفل على أوقاته الخاصة.
المراجع
[1] investopedia.com, What Is Quiet Quitting—and Is It a Real Trend?
[2] techtarget.com, Quiet quitting explained: Everything you need to know
[3] cnbc.com, ‘Quiet quitting’ isn’t always the best option — try these 3 things first, experts say
[4] insperity.com, Is your employee quiet quitting? Here’s your action plan
[5] personio.com, Quiet Quitting: A proper guide to a very real trend