جار التحميل...
قبل اتِّخاذ قرار الاستقالة، على الموظف التحقُّق ممّا إذا كان استياؤه من العمل حقيقيّاً، أم مُجرَّد مشاعر سلبية مُؤقَّتة؛ فإ، كانت مُؤقَّتة، فبإمكانه التعامل مع المشكلة وإدارتها، وطلب المساعدة من المسؤولين أو الأشخاص المُقرَّبين.
هناك العديد من العلامات التي تُشير إلى أنّ هذا الوقت هو المناسب لترك العمل، وهي على النحو الآتي:
ستكون الاستقالة حلّاً في بعض الحالات؛ كأن يكون المدير غير كُفء، أو ليس أهلاً للثقة، أو خائناً للأمانة، أو فاسداً، أو ظالماً، أو كثير اللَّوم والانتقاد والتطلُّب، ويكون من الصعب انتقال الموظف إلى فريق آخر تحت إدارة مسؤول غيره، بالإضافة إلى الخلافات التي تنطوي على مشكلات أخلاقية أو قانونية يُمارسها صاحب العمل، أو المسؤولون، أو نظام المُنشَأة بصورة عامَّة؛ ممّا يؤدّي إلى ترك العمل.
عند الرغبة في ترك العمل، يُنصَح الموظف بإجراء تقييم حقيقي؛ لبحث مدى تأثير عمله على المُنشَأة، ومعرفة ما إذا كان وجوده فيها يصنع فارقاً حقيقياً وأهمّية واضحة، أم لا؛ فإن لم تكن لمُساهماته قيمة تُذكَر، فإنّ الوقت مناسب للبحث عن عمل آخر يستطيع فيه تقديم فائدة أكبر تُطابق قِيَمه وأهدافه الشخصية.
ومن جهةٍ أخرى، يُمكن أن يُؤدّي الموظف عملاً جيّداً، إلّا أنّ هذا العمل يفتقر إلى الإبداع، ولا يدفعه إلى التقدُّم والتطوُّر على المستوى الشخصيّ؛ كتحسين المهارات، ولا يُقدِّم فُرصاً جديدة للتعلُّم، ولا تطوُّراً في السلَّم الوظيفي؛ ممّا يعني توقُّف فرص النمُوّ مع هذه المُنشَأة.
الشعور بالقلق والتوتُّر أو الخوف الدائم في بيئة العمل إشارة على أنّ الأمور تسير في الاتِّجاه الخاطئ، وهنا لا بُدّ من فهم سبب هذه المشاعر؛ لمحاولة مُعالَجتها أوّلاً، أو اتِّخاذ قرار الاستقالة ما لم يكن الخيار الأوّل مُمكِناً، مع الإشارة إلى أنّ أسباب هذه المشاعر قد تعود إلى فقدان الشغف، أو عدم السعادة، بصرف النظر عن مشاعر المُوظَّف الأولى التي بدأ بها وظيفته؛ فمن الطبيعيّ أن تتغيَّر القِيَم والاهتمامات والمشاعر بالتزامُن مع مرور الوقت، واختلاف الظروف والأفكار.
وقد تظهر بعض العلامات الناتجة عن تأثير مشاعر القلق والتوتُّر في بيئة العمل، ومنها: صعوبة التعامل مع ضغوط العمل، أو تدهور العلاقات مع الزملاء، أو انخفاض جودة الأداء، ويُمكن أن ينعكس التأثير السلبيّ للتوتُّر أيضاً في الحياة الشخصية؛ إذ يُمكن للموظّف أن يُعاني آلاماً مُستمِرَّة في الرأس، أو آلاماً في المَعِدة، أو شعوراً بالضعف العامّ أو الخمول، إلى جانب مشكلات النوم؛ كالأرق، والتي تُؤثِّر بدورها في الصحَّة النفسية، والعلاقات الاجتماعية.
يشمل شعور الموظف بالتقدير الجانبَين؛ المعنويّ، والماديّ؛ إذ لكليهما الأهمّية ذاتها، ويتمثَّل التقدير المعنوي بالمديح، أو الثناء، أو الاحتفال بالإنجازات من قِبَل المسؤولين، أمّا من الناحية المادّية، فيجب أن يكون الأجر المُستحَقّ يُوازي ما يبذله المُوظَّف من مجهود أثناء عمله، وإلّا، فإنَّ المُنشَأة لا تُعبِّر عن احترامها وتقديرها له بما يكفي.
أمّا الانتماء، فينشأ في نفس الموظف؛ جَرّاء التوافُق بين قِيَمه وقِيَم المُنظَّمة، إلى جانب اعتراف المدير بأهمّيته وتقديره للأعمال التي يُؤدّيها؛ إذ إنّ هناك صلة وثيقة بين الانتماء والتقدير، وتُعَدّ مشاعر الانتماء مُحفِّزاً للاستمرار في العمل، والشعور بالإنجاز، وفي المقابل، يُعَدّ الافتقار له أحد الأسباب الرئيسة التي تدفع المُوظَّفين إلى الاستقالة.
لا يُشترَط أن يكون قرار الاستقالة ناتجاً من عدم الرضا عن العمل الحالي فقط؛ إذ قد يكون لأسباب إيجابية، مثل: وجود مشروع خاص، أو عرض عمل جديد أفضل، وفي بعض الأحيان، قد تكون الاستقالة مُرتبِطة بتحقيق أهداف شخصية، مثل: الانتقال إلى مدينة جديدة، أو تحقيق أهداف مهنية أخرى.
من الحكمة التخطيط لتقديم الاستقالة في الوقت الذي يُتيح استلام مكافأة نهاية الخدمة إذا كانت مُتوقَّعة، وهذا يشمل معرفة مُتطلَّبات الإشعار، ومُدَّة الخدمة التي تُؤثِّر في استحقاق المكافأة، مع التنويه إلى اختلاف شكلها وتوقيتها من دولة إلى أخرى.
فمثلاً، حسب قانون دولة الإمارات، يستحِقّ العامل المواطن في القطاع الخاصّ مكافأة نهاية الخدمة عند إتمام عام كامل أو أكثر في الخدمة، أمّا العامل في القطاع الحكومي، فلا يخضع لنظام مكافأة نهاية الخدمة، بل لنظام التقاعد الذي يُمنَح حسب قوانين أبوظبي عند إتمام المُوظَّف خدمة 25 عاماً بعُمر لا يقِلّ عن 45 عاماً.
أمّا العامل الوافد في القطاعَين؛ الخاصّ، والحكومي، فتكون مكافأة نهاية الخدمة عند إتمامه عاماً كاملاً أو أكثر في الخدمة؛ أي إنّ الاستقالة بعد مرور أشهر على العمل قد لا يكون القرار الأكثر حكمة؛ لأنَّه يعني فقدان الحقّ في المكافأة، مع الإشارة إلى وجود استثناءات تقتضي تقديم طلب الاستقالة قبل إتمام شروط المكافأة، مثل: الخوف من خسارة فرصة وظيفية جديدة، أو الظروف الشخصية، أو الظروف ذات الصِّلة بسياسات الشركة.
يخضع اليوم الأفضل للاستقالة خلال الأسبوع لبعض التفضيلات الشخصية أو المهنية؛ إذ يرى بعض الأشخاص مثلاً أنّ أفضل وقت لتقديم الاستقالة خلال الأسبوع يكون في نهايته؛ إذ في هذا اليوم -من وجهة نظرهم- يتخلَّص الموظَّف من أيّ قلق أو ضغوط أو إجهاد يُمكن أن يُلاحِقه خلال عطلة نهاية الأسبوع، بالإضافة إلى أنّ أصحاب العمل سيكون لديهم الوقت الكافي لمراجعة قرار الاستقالة خلال العطلة بهدوء وحكمة.
أمّا بعضهم الآخر، فيرى أنّ الأنسب هو تقديم الاستقالة في بداية الأسبوع؛ لمنح الإدارة الوقت الكافي للتخطيط بشأن تأثيرات الاستقالة، وإيجاد حلول بديلة خلال الأسبوع، أو لإكمال المَهامّ المطلوبة من الموظَّف في أقرب وقت.
يُنصَح بالتصريح بقرار الاستقالة قبل نهاية يوم العمل بفترة وجيزة؛ فالتصريح به في بداية اليوم قد يُعرِّض الموظَّف لمزيد من الضغوط أو اللحظات المُحرِجة أو المواقف غير المُريحة خلال ساعات النهار المُتبقِّية.
عند اتِّخاذ قرار الاستقالة، لا بُدّ من مراعاة فترة إشعار صاحب العمل بالقرار؛ تجنُّباً للإضرار بمصلحة المُنشَأة، وتختلف فترة الإشعار من دولة إلى أخرى؛ ففي دولة الإمارات مثلاً، ينبغي إخطار صاحب العمل خَطّياً بالرغبة في ترك العمل، مع الاستمرار بالعمل في المُنشَأة كالمُعتاد خلال فترة الإنذار التي حَدَّدها القانون، والتي تمتدّ من شهر واحد على الأقلّ وحتى ثلاثة أشهر في الحَدٍّ الأعلى.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ بإمكان الموظَّف الاستقالة من العمل دون إشعار في حالات حَدَّدها القانون، مثل: تعرُّض الموظّف للعُنف، أو التحرُّش، أو الاعتداء، أو تكليف المُوظَّف بأعمال تختلف تماماً عن تلك المُتَّفَق عليها في العقد -عدا حالات الضرورة-، أو عند وجود خَطَر جسيم من شأنه تهديد سلامة المُوظَّف دون محاولة صاحب العمل إزالته.
المراجع
[1] online.usc.edu, Should You Quit Your Job? 5 Signs It’s Time to Hand in Your Resignation
[2] monarch.edu.au, 8 Signs it’s time to quit your job
[3] u.ae, التقاعد ونهاية الخدمة للوافدين العاملين في القطاعين الحكومي والخاص
[4] pension.gov.ae, معاشات ومكافآت التقاعد لإمارة أبوظبي وكافة الخدمات التي يقدمها صندوق المعاشات
[5] enhancv.com, When is the Best Time to Resign from Your Job?