جار التحميل...
وقد أحدث الواقع الافتراضي ثورةً في عالم الترفيه مُقدِّماً تجارب غامرةً تجاوزت حدود الواقع؛ إذ نقلت هذه التقنية المبتكرة المستخدمين إلى عوالِم افتراضيةٍ مذهلة، فأصبحوا مشاركين فاعلين لا مشاهدين فقط، وفيما يأتي بعض الابتكارات الرئيسة التي أحدثها الواقع الافتراضي في عالم الترفيه:
تشمل الفعاليات الحية الحفلات الموسيقية، والمباريات الرياضية، والعروض المسرحية، وغيرها من الأنشطة التي يحضرها الجمهور عادةً شخصيّاً، وقد سَرَّعت جائحة كورونا من تبنّي تقنية الواقع الافتراضي في هذا المجال؛ فأصبح بإمكان الأشخاص الآن حضور هذه الفعاليات من منازلهم، مستمتعين بتجربة تُحاكي الحضور الفعلي؛ فيمكن لشخص في دولة الإمارات مثلاً حضور حفل موسيقيّ في نيويورك، والتّفاعل معه دون الحاجة إلى السفر، فقط باستخدام نظّارات الواقع الافتراضي.
أمَّا في مجال الرياضة فقد غيَّرت هذه التقنية وسيلة متابعة المباريات؛ إذ توفّر شركاتٌ -مثل (NextVR)- تجارب رياضيةً افتراضيةً متطوّرةً، يمكن للمُشجِّع فيها الآن اختيار موقعه في الملعب، وتغيير زاوية المشاهدة، ورؤية الإعادات الفورية، وذلك كلّه وهو جالس في منزله، ومن الفوائد المهمة لهذه التقنية أنّها تجعل الفعاليات مُتاحة لعدد أكبر من الناس، بمن فيهم الأشخاص ذوو الإعاقات الجسديّة، أو الذين يعيشون في مناطق بعيدة، ممّا يجعل الترفيه أكثر شموليةً، ومُتاحاً للجميع.
وتُقدِّم منصّات مثل (Horizon Worlds)، و(WaveXR)، فعاليات افتراضية متنوّعة تسمح للمشاهدين برؤية الحدث من زوايا مختلفة، وتُوفّر هذه التجارب فرصاً للتفاعل لا تتوفّر في الفعاليات التقليدية؛ ففي مجال الموسيقى تفتح هذه التقنية مجالات إبداعية جديدة؛ فعلى سبيل المثال قدَّمت فرقة (Gorillaz) تجربة فريدة عبر فيديو موسيقي تفاعلي لأغنيتهم (Saturnz Barz)، مكَّنَ المشاهدين من التحرُّك داخل عالم رُسومي ثُلاثي الأبعاد، والتفاعل مع عناصر الأغنية بوسائل مبتكرة.
بالإضافة إلى ذلك، تفتح هذه التقنية فرصاً جديدة لزيادة الإيرادات في صناعة الترفيه؛ إذ يمكن الآن بيع تذاكر افتراضية لعدد غير محدود من المشاهدين في العالَم كلّه، ويمكن استخدام هذه المنصّات لعرض إعلانات تفاعلية مبتكرة.
شهِدت صناعة الألعاب تحوّلاً جذريّاً مع دخول تقنية الواقع الافتراضي إلى الساحة؛ إذ غيَّرت هذه التقنية وسائل تفاعل اللاعبين مع الألعاب كثيراً، مُقدِّمةً تجارب مذهلة وتفاعلية لم تكن ممكنة من قبل، ويستطيع اللاعبون في ألعاب الواقع الافتراضي الانغماس كُلّياً في عوالم رقميّة مذهلة؛ فعند ارتداء خوذة الواقع الافتراضي يجد اللاعب نفسه مُحاطاً بالبيئة الافتراضية من كلّ جانب، ويمكنه تحريك رأسه للنّظر حوله، واستخدام وحدات التحكّم؛ لتحريك يديه وجسمه داخل اللعبة، ممّا يخلق إحساساً قويّاً بالوجود الفعلي داخل عالمها.
وتتميّز دولة الإمارات بريادتها في مجال الترفيه التكنولوجي باستخدام الواقع الافتراضي؛ إذ يُقدّم بلاي دي إكس بي (Play DXB) في دبي مول مثالاً رائعاً على ذلك؛ بما يُؤمِّنه من تجارب واقع افتراضي متطورة تشمل أكثر من 30 مغامرةً مثيرةً، وتتنوّع الألعاب بين مُحاكاة عوالِم خيالية، وتجارب تفاعُلية مُستَوحاة من أفلام شهيرة، ويجمع المكان بين الترفيه والتعليم، ممّا يجعله وجهة فريدة تعكس التزام دولة الإمارات بتقديم أحدث ما توصَّلت إليه التكنولوجيا في مجال الترفيه.
وتُقدِّم ألعابٌ مثل (Half-Life: Alyx) أمثلة بارزة على إمكانات هذه التقنية؛ إذ يُمكن للّاعبين في هذه اللعبة التفاعل مع البيئة المحيطة بوسائل واقعية جدّاً، كالتقاط الأشياء، وفحصها عن قُرب، أو الانحناء خلف الحواجز؛ للاختباء من الأعداء، وهذا المستوى من التفاعل يخلق تجربة لعب عميقة ومثيرة تتجاوز حدود الألعاب التقليدية.
وتُعَدّ لعبة (Beat Saber) مثالاً بارزاً آخر يُمثِّل تجربة سريعة الوتيرة، تجمع بين المُؤثّرات البصرية، والموسيقى الحيوية، والمستويات المصمَّمة يدويّاً؛ فقد يحمل اللاعب سيفاً افتراضيّاً في كلّ يد، ومهمّته قطع الإيقاعات (المُكعَّبات) أثناء طيرانها باتِّجاهه، ويجب على اللاعب مطابقة اتِّجاه الضربة ولون السيف مع المكعبات؛ لإحراز النقاط، والحفاظ على الموسيقى، ومع تسارع وتيرة اللعب ينبغي على اللاعب تحريك جسده بأكمله؛ لتفادي العوائق القادمة، بالتنحّي جانباً والمراوغة.
تكمن أهمية الواقع الافتراضي في قدرته على جذب جماهير جديدة، وإشراكهم في هذا المجال بوسائل لا يمكن للوسائط التقليدية تحقيقها، بتقديم تجربة أكثر تفاعلية تأسر المشاهدين، وتبقيهم منخرطين مدّة أطول، ممّا يؤدّي في النهاية إلى نجاح أكبر لصُنّاع الأفلام ومُنتِجي المحتوى.
ففي مجال الإنتاج يستخدم صُنّاع الأفلام الواقعَ الافتراضي لتصميم المواقع الافتراضية، والتصوّر المُسبَق للمشاهد، ويتيح لهم هذا الأمر استكشاف البيئات وتعديلها قبل البدء بالتصوير الفعلي، ممّا يُوفّر الوقت والنفقة، ويُستخدَم في مرحلة ما بعد الإنتاج؛ للتحرير، وإضافة المؤثّرات البصرية بوسائل أكثر دِقّة وإبداعاً.
أمَّا في مجال الأفلام الوثائقية فيدفع الواقع الافتراضي الحدود إلى أبعد من ذلك؛ ففي الفيلم الوثائقي (The Displaced) مثلاً يمكن للمشاهدين تجربة حياة ثلاثة أطفال لاجئين، ممّا يمنحهم منظوراً مباشراً عن تحدّياتهم وقدراتهم على الصمود، وهذا النوع من التجارب يُعزّز التعاطف، ويخلق ارتباطاً عاطفياً قوياً بين المشاهد والموضوع.
وفي مجال المُؤثّرات الخاصّة والبصريّة يفتح الواقع الافتراضي إمكانات جديدةً،؛ إذ يُمكِّن المُخرِجين من الجمع بين اللقطات المباشرة، والصُّور المُنشأة بالحاسوب، وعناصر الواقع الافتراضي؛ لخلق تجارب بصرية سَلِسة ومذهلة.
أحدث الواقع الافتراضي تحوّلاً جذريّاً في مجال السَّرد القصصي، مُغيِّراً أسلوب التفاعل مع القصص والمحتوى الترفيهي؛ إذ إنّ هذه التقنية المبتكرة تتجاوز حدود الوسائط التقليدية، مُقدِّمة تجارب غامرة تضع المشاهد في قلب الحدث؛ فدور المشاهد في السرد التقليدي محدود إلى حَدّ كبير؛ إذ يتلقّى القصة كما يُقدِّمها المؤلف، أمّا في الواقع الافتراضي يكون المشاهد مشاركاً فعّالاً في القصّة، يمكنه التحرّك داخل البيئة الافتراضية، والتفاعل مع العناصر المحيطة.
كما يُمكنه اتِّخاذ قرارات تؤثّر في مسار القصة؛ إذ يُطلَب من المشاهد أحياناً اختيار مسار مُعيَّن، أو التفاعل مع شخصيات افتراضية، ممّا يؤدّي إلى نتائج مختلفة في القصّة، وهذا النوع من السرد يخلق تجارب فريدة لكلّ مستخدم، ويُشجّع على إعادة المشاهدة؛ لاستكشاف مسارات مختلفة.
ومن التقنيات الرئيسة المستخدمة السَّردُ بزاوية 360 درجة، وهذه التقنية تسمح للمشاهد بالنظر في الاتِّجاهات جميعها، ممّا يُوفّر رؤية شاملة للمشهد؛ فعلى سبيل المثال في فيلم وثائقي عن الحياة البرّية يمكن للمشاهد النظر حوله؛ لرؤية الحيوانات والبيئة المحيطة كاملةً، ممّا يخلق تجربة أقرب إلى الواقع.
ختاماً، يمكن القول إنّ الواقع الافتراضي ليس مجرّد وسيلة جديدة للمتعة والترفيه، إنّما نافذة تفتح للمستخدم أبواب التجربة والإبداع الواسعة؛ ليصبح كلُّ ما هو خيالي حقيقةً ملموسةً.
المراجع
[2] tech-exposed.com, Virtual Reality in the Entertainment Industry: A Revolution in the Making
[3] primarymarkets.com, Exploring the Transformative Power of Virtual Reality in Entertainment
[4] elblog.pl, The Rise of Virtual Reality in the Entertainment Industry