جار التحميل...
من أشهر الأمثلة عليها: البيتكوين "Bitcoin"، والإيثريوم "Ethereum"، وتُصاحِب هذه العُملات توقُّعات بالتطوُّر والتغيير في طبيعة النظام الماليّ العالَمِيّ، كما أنَّ مُستقبَلها ما يزال مَحطّ جَدَلٍ وتحليلٍ من قِبَل الخُبَراء.
قد يتَّفِق الكثيرون على أنَّ العملات الرقميَّة هي مُستقبَل المال، وسوف يستخدمها معظم الناس خلال العقد القادم، ومن بينهم "جاك دورسي"؛ رجل الأعمال والرئيس التنفيذي السابق لتويتر، والذي يُراهِن على مُستقبَل عملة البتكوين بالتحديد؛ وهي العملة الرقمية الأكثر شُهرة، إذ يتوقَّع أن يرتفع سعرها ليتجاوز مليون دولار بحلول عام 2030، وقد قال في هذا الصَّدد: "رُبَّما يكون الجانب الأكثر إثارة في بيتكوين أنَّ كلّ مَن يتقاضى أجراً منها، أو يشتريها لنفسه، يستثمر جهده لجعل نظامها التكنولوجيّ أفضل، ممّا يزيد من قيمتها".
واشترك مع "دروسي" في هذه التوقُّعات كلٌّ من سيِّدة الأعمال "كاثي وود"؛ الرئيس التنفيذي لشركة آرك إنفست (Ark Invest)، و"جوريان تيمر"؛ مدير الاستراتيجية العالَمِيَّة في شركة فيديليتي للاستثمارات (Fidelity Investments)، وجاء ذلك في إطار المَزايا والتسهيلات التي تُقدِّمها العملات الرقمية، ومن بينها أنَّ عملية التحويل الماليّ من بلد إلى آخر ستصبح أسرع، فغالباً ما تستغرق الطرق الحالِيَّة وقتاً أطول، خاصَّةً أثناء عطلات نهاية الأسبوع وخارج ساعات العمل الرسميَّة، والتي تكون فيها البنوك مُغلَقة فلا يُمكِنها تأكيد المُعامَلات، لكن مع العملة الرقمية، ستُجرَى المُعامَلات بسرعة على مدار 24 ساعة في اليوم، وسبعة أيّام في الأسبوع، وبتكلفة أقلّ أيضاً.
ومن جانب آخر، هناك توجُّهات عديدة لاعتماد الدُّوَل العملات الرقمية للبنك المركزي "CBDC" -أي نسخ رقميَّة من النقود تُصدِرها البنوك المركزية وتُنظِّم العمل بها-، وقد ظهرت مجموعة من العُملات، لكنَّها ما زالت قَيد الدراسة والتجريب، مثل اليوان الصيني الرقمي، وما زالت البنوك المركزية تسعى إلى إصدار عملات رقمية في غضون السنوات القليلة المقبلة.
واعتماد العملات الرقمية للبنك المركزي يعني دعم الأشخاص الذين لا يملكون حسابات مصرفيَّة ويضطرون إلى دفع رسوم مُرتفِعة مُقابِل المُعامَلات الماليَّة المختلفة التي يحتاجون إليها؛ فمع العملات الرقمية، سيتمكَّنون من الوصول إلى أموالهم، ودَفع فواتيرهم دون رسوم إضافيَّة.
ويرى البعض أنَّها عُملة آمِنة وموثوقة، وبعيدة عن مخاطر الاحتيال والقرصنة وغسل الأموال، وهذا كلُّه يُسهم في تحسين السياسة النقدية والإدارة الاقتصادية للدولة التي ستعتمد العملات الرقمية، وبالتالي الحفاظ على الاستقرار الماليّ فيها.
ومع ذلك كلّه، فإنَّ الأيّام القادمة والوقت وحده هو ما سيُحدِّد التأثير الحقيقي الذي ستُحدِثه العُملات الرقميَّة على الاقتصاد العالَمِيّ وكيفية التعامُل مع الأموال.
في مقابل تلك المُميِّزات والتوقُّعات بتوسُّع العملات الرقمية مُستقبَلاً وزيادة التعامل بها، يظهر فريق آخر من الخبراء الذين يُشيرون إلى أنَّها لن تصمد طويلاً، وأنَّها ليست المُستقبَل كما توقَّع البعض، ويعود ذلك إلى وجود العديد من المخاطر والتحدِّيات التي تُمثِّل عائقاً أمام تثبيت أركان العُملات الرقميَّة، وهي تتضمَّن ما يأتي:
زاد النشاط في سوق العملات الرقمية بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية، ورُبَّما كان الانبهار بها بهدف تحقيق الربح أكثر من ارتباطه باستخدامها كنظام جديد وفريد من نوعه للتداول، وعلى الرغم من ذلل، إلّا أنّ أسعار العديد من العملات الرقمية شَهِدَت تقلُّبات واضحة؛ فعلى سبيل المثال، ارتفع سعر البيتكوين من نحو 30 ألف دولار أميركي في منتصف عام 2021 إلى نحو 70 ألف دولار أميركي في نهاية العام نفسه، لكنَّه عاد فانخفض في أوائل عام 2022 إلى نحو 35 ألف دولار أميركي، لذا ما زالت هناك شكوك حول ما إذا كان بإمكان العملات الرقمية أن تحل محل طرق الدفع التقليدية أو العملات المحلية.
ونتيجةً لهذه التقلُّبات الكبيرة في الأسعار، والتي تُعَدّ واحدة من أبرز التحدِّيات التي تُواجِه العملات الرقميَّة، يتجنَّب الكثير من المُستَثمِرِين الاستثمار فيها، وخاصَّةً أولئك الذين ما زالوا في بداية طريقهم الاستثماريّ؛ خوفاً من تعرُّضهم لخسائر فادحة.
بالرغم من أنَّ العملات الرقمية تتبع أنظمة أمان وحماية عالية، وتقنيات تشفير قوية، وتقنية البلوكشين "blockchain"؛ وهي تقنية حديثة تهدف إلى تسجيل البيانات وتأمينها بشكل آمِن، فلا يتمكَّن أحد من تعديلها، إلّا أنَّها ليست خالية تماماً من المخاطر، وهناك احتماليَّة بتعرُّضها للهجمات الإلكترونيَّة؛ إذ يمكن الاستيلاء على رموز التشفير المُستَخدَمة للوصول إلى المُمتَلَكات، ممّا يعني احتماليَّة صرف الأنظار عن استخدامها مُستَقبَلاً؛ ففي عام 2021، أطلقت شركة الأمن السيبرانيّ "Kaspersky" تحذيراتها من زيادة احتماليَّة تعرُّض عملة "البيتكوين" للسرقة؛ بوصفها العملة المُشفَّرة الأكثر شيوعاً، كما حَذَّر بعض الخبراء في العام نفسه من زيادة عمليات الاحتيال في مجال العملات الرقمية.
تُواجِه العملات الرقمية صعوبات في القدرة على نَيل القبول العامّ والانتشار المطلوب بين الناس، ويبدو أنَّها لن تستطيع تجاوُزها في المستقبل القريب؛ فمن المُرجَّح أن تمتنع نسبة كبيرة من الأشخاص عن استخدام هذه العملات؛ لما تتَّسِم به من تعقيد نسبيّ، فضلاً عن وجود فئات كبيرة في بعض المُجتَمَعات غير قادرة على مواكبة التحوُّل الرقمي.
ففي أكتوبر من عام 2020، كان هناك نحو 4.66 مليار مُستَخدِم نَشِط على الإنترنت في مُختَلف أنحاء العالَم، وهو ما يُعادِل 59% فقط من سُكّان العالَم، أمّا نسبة 41% المُتبَقِّية، فهي للأشخاص الذين لا يستخدمون الإنترنت حول العالم؛ لذا فإنَّ وجود أشخاص لا يستخدمون الإنترنت في بعض المناطق حول العالَم ما يزال يُشكِّل عائقاً أمام توسُّع العملات الرقمية وانتشارها.
قد تُواجِه العملات الرقمية تحدِّيات في القوانين والتنظيمات المَحلِّيَّة والدوليَّة؛ إذ يمكن أن تفرض بعض الدُّول قُيوداً على استخدامها؛ بسبب مَخاوِف عِدَّة تتعلَّق بأمنِها الاقتصاديّ والماليّ، الأمر الذي يُؤثِّر في قبول هذه العملات واستخدامها، وهذا ما أكَّدَته "صوفي جيلدر"؛ المدير العام لقسم "Blockchain & Digital Assets" في بنك الكومنولث (Commonwealth Bank)؛ إذ قالت: "إنَّ التنظيم (القوانين والقيود) سيكون القضية الرئيسة لأيّ عملة رقمية مُهَيمِنة في المستقبل، وحتى الآن ليس من الواضح كيف ستبدو الخُطَّة التنظيمية".
يُعرَف تعدين العملات الرقمية بأنَّه عملية إنتاج العملات الرقمية من خلال حَلّ مجموعة مُعيَّنة من المُعادَلات الرياضية باستخدام حواسيب خاصَّة حديثة ومُتطوِّرة، وهي عملية مُهِمَّة لضمان أمان العُملة الرقمية، وتقليل فُرَص التلاعُب أو التزوير فيها، ومع ذلك يتطلَّب التعدين موارد كبيرة من الطاقة والتكنولوجيا، وقد يتسبَّب في تأثير بيئيّ سلبيّ؛ نتيجة الاستهلاك العالي للطاقة.
المراجع
[1] keiseruniversity.edu, understanding digital currency and its far-reaching impacts
[2] investopedia.com, Digital Currency Types, Characteristics, Pros & Cons, Future Uses
[3] rba.gov.au, Digital Currencies
[4] hoover.org, Digital Currency And The Future