جار التحميل...
ويُعَدّ التمويل الركيزة الأساسية للشركات الناشئة؛ إذ يسهم في دعم نُموِّها، وتطوير مُنتَجاتها أو خدماتها، وإن كانت الشركة تفتقر إلى التمويل اللازم، فلا بدّ من أنّها ستواجه صعوبات في تحقيق نُموٍّ مُستَدام، أو تحقيق أهدافها على النحو الأمثل، وعليه فإنّ جذب المُستثمِرين إلى الشركات الناشئة من أهمّ الاستراتيجيات التي يجب أن يكون رُوّاد الأعمال على دراية بها.
ولعلّ جذب المستثمرين إلى الشركات الناشئة يُعَدّ من أصعب التحديات التي تواجه رُوّاد الأعمال؛ لأنّه يتطلّب قدراً كبيراً من الإقناع والتواصل الفعّال، إضافة إلى تقديم خطة عمل مُقنِعة على المدى القريب والبعيد؛ لذلك يجب على رُوّاد الأعمال أن يكونوا على دراية بأهدافهم، وأن يقوموا ببناء علاقات جيّدة مع المُستثمِرين المُحتَمَلين، وأن يكونوا قادرين على تقديم استراتيجيات متينة تُبرز جاذبية شركتهم، وقدرتها على النجاح.
وفيما يأتي أبرز النصائح والطرق لجذب المستثمرين إلى الشركة الناشئة:
يُعَدّ المستثمرون أحد أهم عناصر نجاح الشركات الناشئة؛ لأنَّهم ببساطة يُوفِّرون رأس المال والموارد التي تفسح الطريق أمام الشركات الناشئة لكي تنجح، هذا بالإضافة إلى كلّ تلك الخبرات، وشبكة المعارف التي يمكن أن يُوفِّروها، والتي تُعزِّز ازدهار الشركة، وتواجدها واستمراريّتها في عالم الأعمال.
ولتحقيق ذلك، لا بدّ من فهم عقلية المُستثمِر المَبنيَّة على كسب الأرباح بشكل أساسي، واستغلال هذه النقطة وجعلها أولوية عند التحدُّث عن خطة الشركة الناشئة؛ أي التركيز على النتائج التي يمكنه الحصول عليها في النهاية، وإقناعه بأنّ هذه الشركة هي الأفضل؛ فمع أهمية الكثير من العوامل الأخرى، إلّا أنّ العوائد المالية تظلّ من أهم فوائد الاستثمار.
إذا كانت خطة العمل متينة ومُحكَمة بما يكفي، فإنّ رائد الأعمال سيتمكّن من كسر حاجز الخوف من المغامرة لدى المُستثمِر الذي يستهدفه، وسيكون قادراً على إقناعه بالاستثمار في هذه الشركة، ولكن يجب أن تكون خطة العمل واقعية ومنطقية؛ بالتركيز على مجموعة من الأمور، ومنها: فهم السوق المُستهدَف، أو العملاء المُستَهدَفين، ثمّ دراسته وتحليله بشكل تفصيليّ، وتدوين ذلك في مُستَنَدات، وتقديم وصف متكامل؛ سواء أكان للخدمات، أو المُنتَجات، التي تُوفِّرها الشركة الناشئة، بل وتوضيح القيمة التي ستخلقها في السوق، وأهمّ مزاياها ونقاط القوة الخاصَّة بها.
وللمزيد من الإقناع، فإنّ التركيز على وضع خطة تسويقية مُفصَّلة تُوضّح آفاق النُّموّ، والإيرادات التي يمكن تحقيقها في المستقبل، وما تحتاج إليه الشركة من موارد؛ لضمان نجاح هذه الخطة، يُعَدّ خطوة ذكيَّة، هذا إلى جانب وضع مُقتَرحات وأفكار لكيفية تجاوز العقبات؛ من منافسين، وتغييرات في السوق، وغير ذلك.
يجب أن يكون رائد الأعمال واعياً لفكرة أنَّ المُستثمِر لا يُفكِّر في الخدمات والمُنتَجات فقط، بل إنّ له عيناً ثاقبة تدرس الفريق الذي يعمل لصالح الشركة الناشئة؛ لذا فإنّ بناء فريق عمل قوي ومُميّز يعني الحصول على ثقة أكبر وبالتالي زيادة احتمالية نجاح هذه الشركة، كما أنَّ من المهم التركيز على كيفية عرض الخبرات، والمُؤهّلات، والإنجازات، التي قام بها، أو التي يمتلكها أعضاء الفريق.
وبالحديث عن الفريق، فمن الأفكار المهمة التي يمكن الاستفادة منها فكرة الشريك المُؤسِّس (Co-Founder)؛ ذلك أنّ تواجد شريك عمل قويّ في الجانب المالي للشركة، إلى جانب شريك مُتحدِّث يُمثِّل الشركة، أو شريك مُؤسِّس لديه علاقات واسعة في مجال ريادة الأعمال، سيكون له بالغ الأثر في تمكين الشركة في سوق العمل، ممّا يعني فرصة أكبر في نجاحها، والوصول إلى المُستثمِرين سيكون أكثر سهولة.
فالتواصل وشبكة المعارف يُعدّان من أهم الأمور التي قد يحتاج إليها أيّ مدير شركة في عالم الأعمال بشكل عامّ، وفي بداية الشركات الناشئة بشكل خاصّ؛ إذ تُعزِّز شبكة العلاقات القوية من موقف الشركة الناشئة، وتجعلها أكثر مصداقية وموثوقية.
ومن الخطوات التي يمكن تعزيز شبكة المعارف من خلالها: الانضمام إلى مجتمعات الشركات الناشئة بجميع أشكالها؛ سواء أكانت على أرض الواقع، أو رقميَّة (أونلاين)، والبحث عن فعاليات ومؤتمرات وندوات في مجال الصناعة وريادة الأعمال والذهاب إليها؛ للتعرُّف إلى المُستثمِرين، أو إلى من يمكن أن يكون صلة الوصل بهم.
كما يمكن الاستفادة من التواصل مع رُوّاد الأعمال الآخرين؛ لاكتساب بعض خبراتهم ومعارفهم، والبحث عن فرص مختلفة في الإرشاد للشركات الناشئة، والتي يمكن أن توفِّر فرصة الالتقاء مع مُستثمِرين مُحتَمَلين، وبالطبع التواصل مع المُؤسَّسات الحكومية التي تدعم نُموّ الشركات المحلية والشركات الناشئة؛ إذ قد تكون مُرشِداً جيّداً لتقديم النصائح، أو قد تفتح فرصة التعرُّف إلى المُستثمِرين.
سيحتاج المُستثمِرون إلى رؤية أرقام حقيقية وملموسة، بل وأن تعكس هذه الأرقام مدى الدِّقَّة والجِدِّية في العمل؛ وذلك من خلال تقديم سِجِلّات تُثبت أنّ هذه الشركة حَقَّقت بعض الأرباح ببيع المُنتَجات أو الخدمات، ممّا يعني أنّ لها وجوداً في الأسواق المُستهدَفة، وهي تحتاج إلى الدَّعم كي تتطوَّر.
ومن المهمّ توفير حسابات دقيقة حول تكاليف بدء المشروع؛ من الموادّ الخام، ومُعَدّات التشغيل، وتكاليفه، والتوقعات للإيرادات المُحتَمَلة، كما يجب الاحتفاظ بسِجِلّات النفقات الحالية والمُتوقَّعة؛ سواء لاستمرارية العمل، أو لتطوير الخطة التسويقية، بل وأن يتمّ عرض النجاحات في مجال التسويق، وخطط النُّموّ في المستقبل.
نحن الآن في عصر التكنولوجيا، لذا بات من المهمّ أن يضع رُوّاد الأعمال في اعتبارهم فكرة إنشاء علامة تجارية إلكترونية خاصة بالشركة الناشئة، والمحافظة على الحضور القوي والإيجابي عبر الإنترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مواقع العمل المختلفة، مثل موقع (LinkedIn)؛ إذ يمكن أن ترفع هذه الخطوة من احتمالية جذب المُستثمِرين المُحتَمَلين، بل يمكن أن تقنعهم أيضاً عند البحث عن الشركة على الإنترنت.
ويمكن عمل ملفّ تعريفي جذّاب يعكس القِيَم والمزايا؛ سواء على موقع إلكتروني، أو صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي، أو مُدوَّنة، أو غير ذلك، والانضمام إلى المجموعات المشتركة، أو التي تتخصَّص في المجال نفسه، والتفاعل معها، ممّا يساعد على توسعة شبكة المعارف، ويزيد من فرصة جذب المُستثمِرين.
لا شكّ في أنّ العرض التقديمي أمر مهمّ؛ لذا فإنَّ جعله جذّاباً ومفيداً يمكن أن يترك انطباعاً أوّلياً إيجابيّاً لدى المُستثمِرين المُحتَمَلين، كما أنّ فكرة تخصيص العرض التقديمي للمُستثمِر ستكون فكرة ذكية وقوية؛ فمثلاً يمكن الاطِّلاع على قائمة الاستثمارات والمشاريع السابقة للمُستثمِر المُحتَمَل، ثمّ تخصيص العرض بما يناسب اهتماماته وأنشطته واستثماراته السابقة؛ أي استغلال النقاط المُشترَكة، والتحدُّث عنها لصالح الشركة الناشئة، الأمر الذي من شأنه أن يساعد في إقناعه.
من الأفكار الأخرى لجذب المُستثمِرين، وضع قائمة بالمخاوف أو التحديات التي يمكن أن يفكر فيها المُستثمِر المُحتَمَل، والتي قد لا تجعله راغباً في الاستثمار في هذه الشركة الناشئة، ثمّ البحث عن إجابات مُقنِعة لها، وخطوة مثل هذه يمكن أن تجعل رائد الأعمال أكثر شفافية وموثوقية، بل وتجعل طريق الإقناع بما يعرضه أقصر.
يمكن الاستعانة بمُستشاري الشركات الناشئة الذين يختصّون بجانب التمويل، أو حتى المحامين والمُستَشارين الماليّين؛ للحصول على إرشادات وتوجيهات قيّمة في مجال البحث عن مُستثمِرين؛ فغالباً ما تكون لديهم الخبرة الكافية التي قد تساعد إمّا في تمكين أمور الشركة الناشئة قانونيّاً، أو المساعدة في تنظيم صفقة، أو التَّعرُّف إلى المُستثمِرين في المجال الذي تعمل فيه الشركة.
ويمكن أيضاً الانضمام إلى المعارض التي تجمع رُوّاد الأعمال معاً، وأصحاب الخبرة الذين يُقدِّمون المشورة والدَّعم للشركات الناشئة؛ كما في "برنامج عروض الابتكار" الذي أطلقه مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي، بالشراكة مع صندوق محمد بن راشد للابتكار في دولة الإمارات، والذي يهدف إلى إشراك رُوّاد الأعمال في تطوير الأعمال الحكومية، ودعم الشركات الناشئة، والعمل على تحويل الأفكار المبتكرة إلى مشاريع وحلول مُعتَمَدة.
من الأفكار المُبتَكَرة في عملية جذب المُستثمِرين البحث عن ملفّاتهم الشخصية، وتتبُّع اهتماماتهم، والمواضيع أو الفيديوهات التي يتحدَّثون فيها أو يشاركونها في هذه الملفّات، أو على المُدوَّنات الشخصية الخاصَّة بهم، ثمّ جعل هذه المواضيع مفتاحاً للنقاش والأحاديث معهم، وتطوير العلاقة؛ للتعامل معهم مستقبلاً، وإن كانوا يُقدِّمون أيّ ورش أعمال أو ندوات، فيمكن الذهاب إليها شخصياً؛ لتعزيز العلاقات معهم، ومع المحاولات المُستمِرَّة يمكن الحصول على موعد معهم لعرض الفكرة المطلوبة.
المراجع
[1] carbongroup.com.au, 10 strategies for entrepreneurs to get investors and fund their start-up
[2] capforge.com, How to Attract Investors to Your Startup
[3] gsquaredcfo.com, How to Attract Investors and Get Funding for Your Startup Business
[4] timesofindia.indiatimes.com, How to get funding for your startup: Effective strategies to attract investors
[5] boardeffect.com, How to Attract Investors for a Startup