آلام الرقبة شكوى شائعة، حيث يعاني ما يقرب من 10 % من البالغين من آلام الرقبة في أي وقت، ويمكن ان يحدث ألم الرقبة بسبب عدد من العوامل، بما في ذلك إجهاد العضلات أو الأربطة، والتهاب المفاصل، وغالبًا ما يتم تصنيف آلام الرقبة على أنها "حادة" (تستمر أقل من 6 أسابيع) أو "تحت الحادة" (تستمر من 6 إلى 12 أسبوعاً) أو "مزمنة" (تستمر لأكثر من 12 أسبوعاً).

الأسباب:

هناك العديد من الأسباب المحتملة لألم الرقبة، ومن الصعب معرفة سبب الألم، وذلك لأن الفحص البدني، وحتى اختبارات التصوير، غير قادرين على التمييز بسهولة بين الأسباب المحتملة المختلفة. 

من أهم وأكثر الاسباب انتشاراً لألم الرقبة ما يلي:

1-إجهاد عضلات الرقبة 

يمكن أن يحدث إجهاد العضلات عند حدوث إصابة في عضلات الرقبة، مما يتسبب في حدوث تشنج (شد مفاجئ)، وقد ينتج الإجهاد كذلك بسبب الضغوطات الجسدية في الحياة اليومية، بما في ذلك وضعية الجلوس السيئة، وتوتر العضلات من الإجهاد النفسي، أو عادات النوم السيئة، استخدام جهاز الكمبيوتر أو الهاتف المحمول لساعات طويلة، وكذلك يمكن أن تؤدي الإصابات المرتبطة بالرياضة أيضاً إلى إجهاد العضلات.

2-داء الفقار الرقبية 

داء الفقار الرقبية هو حالة ناتجة عن التآكل غير الطبيعي في العمود الفقري العنقي، مما يؤدي إلى تضييق تدريجي لمساحة القرص (الديسك) والنتوءات العظمية (نمو في حواف العظام)، ويمكن أن تزيد هذه النتوءات الضغط على الأنسجة المحيطة وتؤدي إلى انضغاط الأعصاب. 

يمكن أن تشمل أعراض داء الفقار العنقي آلام الرقبة أو ضعفها أو خدر أو أحاسيس غير طبيعية في الذراعين أو الكتفين أو الصداع أو القدرة المحدودة على تحريك الرقبة، وقد ارتبط ألم الأذن أيضًا بداء الفقار العنقي العلوي في بعض الحالات.

3-آلام الرقبة القرصية 

قد يكون ألم الرقبة القرصي هو السبب الأكثر شيوعاً لألم الرقبة. وهو ناتج عن التغيرات التنكسية في واحد أو أكثر من الأقراص (الديسك) الموجودة بين فقرات الرقبة، وقد يزداد الألم سوءًا عند تثبيت الرقبة في وضع واحد لفترات طويلة، كما يحدث أثناء القيادة أو القراءة أو العمل على الكمبيوتر، وغالبًا ما يكون هناك شد في العضلات وتشنجات، وكذلك يمكن أن يسبب الألم الناجم عن القرص ألماً أو أحاسيس غريبة في الذراع أو الكتف.


4-الإصابة بالمصع  "Whiplash" 

المصع هو مصطلح يستخدم لوصف الإصابة الناجمة عن حدث صادم يتسبب في حركة مفاجئة للرقبة إلى الأمام ثم الخلف، والسبب الأكثر شيوعاً للإصابة هو حادث سيارة، كما يمكن أن تؤثر الاصابة على العديد من الهياكل في الرقبة، بما في ذلك العضلات والأربطة والمفاصل. يمكن أن تشمل أعراض الإصابة ألم شديد وتشنج وصداع وألم في الأذن وألم في الفك وفقدان نطاق الحركة في الرقبة.

5- اعتلال الجذور العنقية: 

يحدث اعتلال الجذور العنقية عندما يتهيج جذر العصب بسبب شيء يضغط عليه (قرص او ديسك بارز، أو التهاب مفاصل في العمود الفقري، أو كتلة أو كيس).

يمكن أن تشمل الأعراض: الألم أو الضعف أو تغيرات في الإحساس (مثل التنميل أو الوخز) في الذراعين. 

تشمل الأسباب الأكثر شيوعًا للإصابة باعتلال الجذور العنقي ما يلي:

● التغيرات التنكسية المتعلقة بالشيخوخة أو الإصابة
● فتق القرص العنقي

6- الاصابة ببعض الأمراض الحادة او المزمنة

 يمكن أن تسبب بعض الأمراض، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي أو التهاب السحايا أو السرطان، آلاماً في الرقبة.

الأعراض:

هناك بعض الاعراض المصاحبة لآلام الرقبة منها:

1- يزداد الألم سوءًا عند ابقاء الرأس في وضعية واحدة لفترات طويلة، مثل القيادة أو العمل على الكمبيوتر
2- شد العضلات وتشنجاتها
3- ضعف القدرة على تحريك الرأس
4- الصداع 
5- الشعور بالوخز او التنميل في الذراع

التشخيص:

يتم تشخيص سبب ألم الرقبة عن طريق التاريخ الشخصي للمصاب بالإضافة إلى الأعراض للوقوف على الأسباب أو العوامل التي أدت إلى حدوث الألم، وكذلك الفحص البدني حيث سيتحقق الطبيب من مكان الألم والخدر وضعف العضلات، وكذلك سيرى إلى أي مدى يمكن للمصاب تحريك رأسه للأمام والخلف ومن جانب إلى آخر.

في بعض الحالات، قد يوصى الطبيب باختبارات التصوير (مثل الأشعة السينية، أو التصوير المقطعي (CT scan) أو التصوير بالرنين المغناطيسي [MRI]) ، أو اختبارات فحص العضلات والأعصاب (مثل تخطيط كهربية العضل [EMG]).

الوقاية:

قد تساعد بعض التغييرات البسيطة في الروتين اليومي إلى الوقاية من آلام الرقبة، ويمكن اتباع الارشادات والنصائح التالية:

1- -المحافظة على وضعية جيدة وسليمة أثناء الوقوف والجلوس وكذلك أثناء المشي عن طريق رفع الرأس وإبقاء الكتفين للخلف والأسفل، وكذلك حاول أن تحافظ على رقبتك متماشية مع جسمك وفي خط مستقيم مع الحوض وتجنب الانحناء للأمام. 

2- أخذ فترات راحة متكررة، خاصة عند السفر لمسافات طويلة أو العمل لساعات طويلة على جهاز الكمبيوتر أو الهاتف المحمول وغيره، فمن المستحسن النهوض والتحرك وتمديد الرقبة والكتف.

3- ضبط المكتب والكرسي وجهاز الكمبيوتر بحيث تكون الشاشة في مستوى العين، ويمكن استخدام كرسي يحتوي على مسند للذراع.

4-تجنب وضع الهاتف بين الأذن والكتف عند التحدث، ويفضل استخدم السماعات أو مكبر صوت بدلاً من ذلك.

5- تجنب حمل الحقائب الثقيلة بأربطة على الكتف، وتجنب حمل الأشياء الثقيلة.

6- استخدم مسند ذراع السيارة أو الكرسي لإبقاء الذراعين مدعومين وتأكد من أن مسند الرأس في وضع مريح للرقبة.

7-تجنب القيام بالأعمال الزائدة لفترات طويلة في كل مرة.

8-النوم مع وضع وسادة صغيرة أسفل مؤخرة رقبتك (إذا كنت تنام على ظهرك) أو النوم مع وسادات كافية لإبقاء رقبتك مستقيمة في خط مستقيم مع جسمك (إذا كنت تنام على جانبك ). إذا كنت تنام على ظهرك، فإن وضع وسادة تحت الركبتين يمكن أن يساعد في شد العمود الفقري وإرخاء عضلات الرقبة. تجنب النوم على بطنك مع توجيه رأسك إلى جانب واحد.

9-احمل أشياء ثقيلة بالقرب من جسمك وليس بأذرع ممدودة.

العلاج:

في معظم الحالات، يمكن علاج آلام الرقبة بشكل متحفظ باستخدام مسكنات الألم التي لا تستلزم وصفة طبية، والثلج، والحرارة، والتدليك، وتمارين التقوية أو التمدد في المنزل. 

1-مسكنات الألم 

قد يساعد الأسيتامينوفين أو أحد الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية (NSAID) مثل الإيبوبروفين أو نابروكسين في تخفيف آلام الرقبة الخفيفة إلى المتوسطة، ويفضل استشارة الطبيب عن النوع المناسب حسب الحالة.

2- استخدام الثلج 

بالنسبة لبعض الأشخاص، يمكن أن يساعد وضع الثلج على المنطقة المؤلمة في تخفيف آلام الرقبة، وبشكل عام، بالنسبة للإصابات الحادة، يوصى باستخدام الثلج كعلاج أولي، خاصة في حالة وجود تورم.

3- استخدام الحرارة 

يمكن أن تساعد الحرارة أيضاً في تقليل آلام الرقبة، فيمكن استخدم الحرارة الرطبة لمدة 10 إلى 15 دقيقة باستخدام دش أو حمام ساخن أو منشفة رطبة دافئة في الميكروويف، كما يجب الحذر عند استخدام منشفة ساخنة بحيث لا تكون ساخنة جداً لتجنب حدوث الحروق.

4-تمارين الإطالة 

يمكن استعادة نطاق حركة الرقبة والحفاظ عليها من خلال التمارين التي تمد عضلات الرقبة وتقويها. قد تساعد مجموعة من تمارين الحركة والإطالة في تقليل الألم الناتج عن إصابة العضلات. 

الجدير بالذكر، بشكل عام في حالة آلام الرقبة لأي سبب من الاسباب وكذلك في حالة الاصابة الخطيرة للرقبة، يجب عدم عمل أي تمرين قبل استشارة الطبيب عن التمارين المناسبة للحالة، حيث ان بعض التمارين قد يتم منعها حتى لا تزداد الحالة سوءاً.

5-تقليل الإجهاد 

يمكن أن يزيد الضغط العاطفي من توتر الرقبة ويتداخل مع عملية التعافي أو يؤخرها. قد يساعد تقليل التوتر في منع تكرار آلام الرقبة. يمكن لتقنيات الاسترخاء أن تخفف من التوتر العضلي الهيكلي. مثال على تمرين الاسترخاء هو أن تأخذ نفساً عميقاً، واحتفظ به لبضع ثوان، ثم قم بالزفير. تنفس بشكل طبيعي لبضع ثوان، ثم كرر.

تشمل الأنشطة الأخرى التي قد تساعد في تقليل التوتر، التأمل، أو برامج الحد من التوتر أو العلاج السلوكي المعرفي.

6-العلاجات الإضافية التي قد تكون مفيدة 

في حين أن هناك أدلة محدودة على علاجات مثل التدليك والوخز بالإبر في علاج آلام الرقبة، يجد بعض الناس أنها مفيدة (على الأقل على المدى القصير)، ومن غير المحتمل أن تكون ضارة.

7-العلاج القائم على الحركة 

اعتمادًا على الحالة، قد يوصي الطبيب بالعمل مع معالج فيزيائي (علاج طبيعي)  لتطوير برنامج تمرين فردي. يتضمن عادةً مجموعة من تمارين الإطالة والتقوية والتثبيت. يمكن لأخصائي العلاج الطبيعي أن يعلمك تمارين يمكنك الاستمرار في ممارستها في المنزل بين جلسات العلاج.

8- الأنشطة التي تركز على العقل والجسم:

يجد بعض الناس أن هذه الأنشطة، مثل تاي تشي واليوجا، مفيدة. مهما كان برنامج التمرين الذي تتبعه، فإن الهدف ليس فقط تحسين الألم ولكن مساعدتك على استعادة الوظيفة والقدرة على القيام بأنشطتك اليومية العادية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد البقاء نشطاً في تقليل التوتر والقلق.

9- التلاعب بالعمود الفقري والعلاج اليدوي  "Spinal manipulation" 

هو أسلوب يستخدمه أحياناً مقومو العمود الفقري والمعالجون الفيزيائيون والأطباء والمعالجون بالتدليك وغيرهم لتخفيف آلام الرقبة أو الظهر؛ يمكن أن يكون فعالاً عند استخدامه مع التمرين. يعد العلاج اليدوي من الأنواع المعالجة التي يمكن أن تساعد في تحسين حركة المفاصل والأنسجة الرخوة ومرونتها.

بينما يجد بعض الناس أن التلاعب بالعمود الفقري يساعد في تخفيف آلامهم، فقد وجدت بعض الدراسات أن العلاجات التي تتضمن "الدفع" السريع للرقبة مرتبطة بخطر محتمل للإصابة الخطيرة. يجب تجنب التلاعب أو التعديلات العدوانية في العمود الفقري العنقي لدى الأشخاص الذين يعانون من حالات معينة بما في ذلك اعتلال النخاع الفقاري العنقي أو اعتلال الجذور العنقية.

10- العلاجات التي لا يوصى بها بشكل روتيني:

ربما تكون قد سمعت عن علاجات أخرى تدعي أنها تخفف آلام الرقبة لكن لم يتم إثبات فاعلية معظمها أو أنها فعالة فقط في مواقف محددة. الأمثلة تشمل:

● طوق الرقبة (Cervical collar)

 عبارة عن قطعة مغطاة بقماش يتم ارتداؤها حول الرقبة لدعم الرأس. في حين أن الاستخدام القصير للطوق قد يكون مفيداً في مواقف معينة، فإنه لا ينصح بالاستخدام طويل الأمد أو الروتيني لأن هذا قد يؤخر الشفاء أو يسمح لعضلات الرقبة بالضعف.

● التحفيز الكهربائي 

التحفيز الكهربائي للأعصاب عبر الجلد (TENS) هو علاج يتضمن تطبيق تيار كهربائي خفيف على الجلد بهدف تقليل الألم وزيادة الحركة والقوة. الأدلة على فعاليتها مختلطة.

● الجراحة 

 الجراحة ليست مفيدة في علاج معظم أنواع آلام الرقبة. ومع ذلك، قد يكون للجراحة دور في تخفيف الأعراض المتعلقة بانضغاط العصب الناجم عن انزلاق غضروفي (اعتلال النخاع الفقاري العنقي أو اعتلال الجذور العنقي) إذا لم يكن العلاج المحافظ فعالاً.

● جر او سحب الرقبة (Traction) 

يتم استخدام الأوزان أو البكرات لتمديد الرقبة برفق، ويتم هذا العلاج، تحت إشراف أخصائي طبي ومعالج فيزيائي.