جار التحميل...
كُثرٌ هم الذين يعانون من البطالة؛ فهذه الحالة المجتمعية منتشرة في العديد من البلدان حول العالم، وعوامل وأسباب عديدة وقفت خلف البطالة، حتى أصبحت على الواجهة وتحدياً كبيراً يواجه المجتمعات، فما هي هذه الأسباب؟ وكيف يمكن مواجهتها؟
لماذا البطالة موجودة؟
حسب إحصائية نشرتها منصة (statista) الألمانية المختصة ببيانات السوق، وصل عدد العاطلين عن العمل عام 2020 إلى نحو 235 مليون شخص حول العالم، وهذه الأعداد الضخمة التي تُسجَّل كل سنة جاءت نتيجة هذه الأسباب والعوامل:
بطء النمو الاقتصادي
"الوضع الاقتصادي ليس بحالة جيدة"، جملة ربما نسمعها كثيراً من الأشخاص الباحثين عن عمل أو حتى العاملين، وفي جوهرها تعني أنّ العلاقة ما بين الاقتصاد وتوفّر فرص العمل علاقة طردية.
ببساطة عندما يكون هناك بطء في النمو الاقتصادي، فهذا يعني أنّ الاقتصاد لن يتحرك بالسرعة التي يجب أن تكون أو يتوقعها الناس، وذلك يحدث عادةً نتيجة عوامل عدة، مثل انخفاض الطلب على المنتجات والخدمات، وقلة الاستثمارات، وضعف الإنتاج، وهذا سينعكس بشكل كبير على فرص العمل؛ فمع ضعف الإنتاج وقلة الطلب تميل الشركات إلى خفض عدد الوظائف، ممّا يؤدي في النهاية إلى زيادة معدلات البطالة.
الزيادة السكانية
قد يكون هذا من أوائل الأسباب التي تتبادر إلى الذهن عند الحديث عن البطالة، وهو بالفعل كذلك؛ فلا توجد دولة في العالم تستطيع تأمين وظائف لجميع سكانها، فكيف إن كان عدد السكان كبيراً جداً؟! لذا يكون عدد الوظائف المتاحة أقل من أعداد المتقدمين بنسبة واضحة، ويشمل ذلك أيضاً الزيادة في أعداد الخريجين، والذين ينتظرون قائمة قبولهم في الوظائف.
الموسم من السنة
قد يكون سببٌ كهذا غير وارد على الذهن كثيراً، لكن تتأثر حركة التوظيف في الأعمال والقطاعات التي تعتمد على الوقت من السنة بالمواسم، فمثلاً العاملون في القطاع السياحي كمرشدين سياحيين قد يصبحون عاطلين عن العمل في موسم انخفاض النشاط السياحي في بلدهم.
لذا في مثل هذه الصناعات يمكن أن يؤدي انخفاض النشاط خلال فترات معينة من السنة إلى عدم الحاجة للعمالة بالكمية نفسها التي تحتاجها فترات الذروة، هذا يمكن أن يؤدي إلى تسريح بعض العمال، أو إلى عدم توظيف مزيد من العمال خلال تلك الفترات، ممّا يؤثر على فرص العمل ومعدلات البطالة في هذه القطاعات.
التقدم التكنولوجي
هذا السبب انضمّ حديثاً إلى قائمة أسباب البطالة؛ فبعد الثورة الهائلة التي شهدها العالم على المستوى التكنولوجي والتقني، أصبحت توجهات أصحاب المؤسسات والشركات مواكبةً لها ومستجيبةً لمتطلبات السوق، ويعتقد البعض أنّها أثرت في أعداد العاملين بشكل ملحوظ، فالذكاء الاصطناعي مثلاً دفع الكثير من أصحاب العمل إلى التخلي عن موظّفيهم؛ لأنّ الآلة والروبوتات والتقنيات المتقدّمة حلّت محلّهم، وأثبتت كفاءتها في العمل.
ووفقًا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي حول مستقبل الوظائف لعام 2020، قد تحلّ الآلات محلّ 85 مليون وظيفة بحلول عام 2025، لكن من الممكن أن تظهر وظائف جديدة أخرى لم تكن موجودة من قبل.
العمالة الوافدة
كما يمكن أن تفكّر بترك بلدك للعمل في الخارج؛ لتحسين الأوضاع المادية، فإنّ الكثيرين يمكن أن يفكّروا بالطريقة نفسها، ويأتوا للعمل في بلدك، فكيف تؤثر العمالة الوافدة في نسبة البطالة؟ العمالة الوافدة تلعب دوراً مهماً في العديد من الاقتصادات حول العالم، فيتوجه الكثير من الأشخاص إلى العمل في بلدان أخرى، لتحسين وضعهم المادي، أو لاستغلال الفرص الوظيفية المتاحة.
تكون أجور العمالة الوافدة في بعض الحالات أقلّ من العمالة المحلية، ويمكن أن يكون لديهم استعداد لقبول وظائف قد لا تقبلها العمالة المحلية، بسبب اختلاف الظروف المالية، أو الظروف الاقتصادية في بلدانهم، وقد تكون لديهم أيضاً مهارات أو تدريبات مختلفة، تجعلهم قادرين على أداء أنواع مختلفة من الوظائف.
لذا فإن وجود العمالة الوافدة يمكن أن يؤثر في سوق العمل المحلي، من خلال توفير عمالة بتكلفة أقل، أو من خلال توفير مهارات وخبرات مختلفة تعزّز التنوع في القوى العاملة، وتلبي احتياجات السوق.
نقص المهارات
إنّ التغيّر المستمر في الحياة يتطلب منا أن نكون مرنِين ومواكبِين لهذا التغير قدر المستطاع، وذلك ببذل الجهد لاكتساب مهارات جديدة تتناسب مع متطلبات سوق العمل وحاجياته، حتى تكون الفرص المتاحة أكثر، لذا فإنّ نقص هذه المهارات عند فئة كبيرة من الناس يرفع معدّل البطالة.
خطوة شخصية
قد تكون أنت من بين الأشخاص الذي يرفضون فكرة البقاء في وظيفة واحدة فترة طويلة، رغبةً في اكتساب خبرة جديدة ومهارات أكثر، أو سعياً إلى تحسين الأوضاع المادية، فتترك وظيفتك وتبدأ بالبحث عن أخرى، وخلال البحث عن وظيفة جديدة تزداد معدلات البطالة لفترة قصيرة، لأنك جزء من سوق العمل.
مع ذلك، يجب الانتباه إلى أن هذه البطالة غالباً ما تكون قصيرة الأمد، إذ يمكن العثور على وظيفة بديلة في وقت قريب بناءً على الخبرات والمهارات السابقة.
كيف يمكن مواجهة البطالة؟
تحتاج مواجهة البطالة إلى تكاثف الجهود بين الجهات المختصة والأفراد لإيجاد الحلول، ومنها:
مشاريع جديدة
لا بدّ أن يسعى أصحاب رؤوس الأموال ورواد الأعمال إلى فتح مشاريع جديدة تلبّي الاحتياجات المحلية لخلق فرص العمل، فلا شك في أن أي مشروع جديد يحتاج إلى موظّفين وعمّال.
تقنية الإنتاج
يعني ذلك اعتماد تقنية الإنتاج التي تركز على احتياجات البلد ووسائله، واستبدال الأعمال ذات رأس المال العالي بالأعمال التي تحتاج إلى قوى عاملة مرتفعة.
التعليم المهني
من الحلول التي يمكن اللجوء إليها لمواجهة البطالة التركيز على التعليم المهني، إلى جانب التعليم المعرفي، لتمكين الأفراد من الحصول على فرص عمل في مجالات مختلفة.
مراقبة سوق العمل
يكون ذلك بتحديد الفجوات في سوق العمل، والبدء بتحديد وجود نقص في العمالة الماهرة أو مجالاتٍ تكنولوجيةٍ محددة، ثم تقديم حلول إبداعية لها، يمكن أن تساعد على الحدّ من مشكلة البطالة، مثل تطوير برامج تدريبية مخصصة للعاطلين عن العمل، أو دعم ريادة الأعمال في المجالات التي تعاني من نقص العمالة.
التحكم بالزيادة السكانية
بما أنها من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى البطالة، فلا بدّ من محاولة السيطرة على الزيادة السكانية وتنظيم الأسرة، وذلك حتى تتلاءم فرص العمل المتوفّرة مع أعداد سكان البلد.
قبول الوظائف
يعني ذلك ألا يتردد الأشخاص في قبول وظائف أقلّ ممّا يطمحون بقليل؛ فالوظائف التي قد تبدو أقل من طموحات الفرد في بعض الأحيان، يمكن أن تكون خطوة مهمة في تحقيق أهدافه المهنية على المدى الطويل، خاصة عند بداية مسيرته المهنية، من خلال اكتسابه مهارات جديدة، وكسب خبرة وسمعة جيدة في سوق العمل.
الأعمال التطوعية
تساعد المشاركة في الأعمال التطوعية على اكتساب الخبرة والتسلّح بمهارات مختلفة، فهذا من شأنه أن يفتح أمام الفرد فرصاً أكثر في سوق العمل.
تطوير المهارات
لا بدّ من تطوير المهارات باستمرار، والبقاء على اطّلاع بآخر التطورات والتحديات في سوق العمل، فهذا يساعد على التقدم والتطور المهني، وتحقيق النجاح في بيئة العمل المتغيرة بسرعة، وبالتالي زيادة فرصة الحصول على الوظائف.
جهود دولة الإمارات في مواجهة البطالة
تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن جهودها في التنمية والتطوير على توفير فرص عمل متنامية، وسوق توظيف مناسبة للجميع، وقد وضعت خطة استراتيجية لتعزيز برنامج التوطين، بمشاركة مختلف القطاعات والمؤسسات فيها، فأُطلقت مبادرات عديدة هدفها التقليل من نسبة البطالة، ووصولها إلى أدنى مستوياتها في الدولة، ومنها مبادرة أبشر.
وتهدف مبادرة أبشر التي تعمل جنباً إلى جنب مع الجهات الحكومية في دولة الإمارات إلى زيادة معدل مشاركة المواطنين الإماراتيين في سوق العمل والحصول على الوظائف، من أجل تحقيق ميزة تنافسية للاقتصاد الوطني، وذلك من خلال إطلاق برامج التدريب والتطوير، وبرامج هدفها إيجاد الوظائف للمواطن الإماراتي.
وفي هذا السياق قالت سعادة نورة المرزوقي، وكيل الوزارة المساعد لقطاع السياسات والاستراتيجية في وزارة الموارد البشرية والتوطين: "نضع نصب أعيننا توفير السبل الضامنة لتأهيل وتمكين الكوادر الإماراتية للالتحاق بقوة وكفاءة ضمن سوق العمل، وتوفير فرص وظيفية تمكّنهم من توظيف خبراتهم في مختلف القطاعات ذات الأولوية والداعمة لاقتصاد المستقبل".
المراجع
[1] wallstreetmojo.com, Unemployment
[2] testbook.com, What is Unemployment? – Know Definition, Types, Causes & Measurement of Unemployment
[3] thebalancemoney.com, 7 Causes of Unemployment
[4] aicontentfy.com, Combating Unemployment through the Power of Entrepreneurship
[5] byjusexamprep.com, Explain the Measures to Solve Unemployment Problems