جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
شراكة للتغيير

مكافحة البطالة في المجتمع واستثمار طاقات الشباب

30 يوليو 2024 / 3:00 PM
مكافحة البطالة في المجتمع واستثمار طاقات الشباب
download-img
يُشير مصطلح البطالة إلى حالة الأشخاص الذين يبحثون بنشاط عن عمل ولكنَّهم ما زالوا غير قادرين على العثور على وظيفة، وهي واحدة من أهم مُؤشِّرات صحَّة الاقتصاد في الدولة.

ويُعَدّ "مُعدَّل البطالة" المعيار الأكثر شيوعاً لقياس نسبة البطالة؛ ويجري حسابه من قسمة عدد الأشخاص العاطلين عن العمل على عدد الأشخاص النَّشِطين في سوق العمل في الدولة الواحدة، ويجدر بالذِّكر أنّ البطالة لا تشمل العاطلين عن العمل فقط، بل أيضاً الأشخاص الذين يعملون جزئياً ويبحثون عن عمل بدوام كامل، أو الأشخاص الذين يرغبون في العمل، ولكنهم لم يبحثوا بنشاط في الفترة الأخيرة.


وتتوقَّع مُنظَّمة العمل الدولية (ILO) في تقرير لها أنَّ عدد العاطلين عن العمل سيرتفع بمقدار 2 مليون شخص في عام 2024؛ أي أنّ هناك ارتفاعاً في مُعدَّل البطالة العالَمِيَّة لتصل إلى 5.2% مقارنة بـ 5.1% في العام السابق، ممّا يستدعي العمل الجاد لتخفيض مُعدَّلات البطالة، واستغلال طاقات فئة الشباب؛ من خلال التعاون والجهود المشتركة بين الحكومات والأفراد لتحقيق نتائج إيجابية.

كيف يمكن للحكومات أن تكافح مشكلة البطالة؟

إنّ استمرارية الجهود والمثابرة من قِبَل الحكومات والمُؤسَّسات في مواجهة مشكلة البطالة هي بالتأكيد الطريقة الأكثر فاعلية لتحقيق التحسُّن في الوضع الاقتصادي والاجتماعي؛ فكما قال العالم المشهور "توماس أديسون": "الطريقة الأكثر ضماناً للنجاح هي المحاولة من جديد".


ومن أبرز الجهود التي يمكن أن تُقدِّمها حكومات الدُّول في مكافحة البطالة ما يلي:

تطوير جودة التعليم ومخرجاته

إنّ عدم توفُّر المهارات اللازمة لدى بعض فئات المُتقدِّمين لفرص العمل المُتاحة يمكن أن يكون السبب الأول لارتفاع مُعدَّلات البطالة لدى هذه الفئة، أو في قطاعات مُعيَّنة، ومن الاستراتيجيات الفعّالة لحلّ هذه المشكلة ضمن دور الحكومات المسؤولة في الدولة: تحديث مناهج التعليم، وتطوير البرامج التعليمية؛ لضمان توفير المهارات التي يحتاج إليها سوق العمل الحالي.


ويتطلَّب تحقيق هذا الهدف التعاون بين الحكومات ووزارات التعليم والقطاع الخاص؛ لتحديث المناهج الدراسية، وتوجيه الطلاب نحو المجالات التي يحتاج إليها سوق العمل، ويمكن أن تشمل هذه الجهود تطوير برامج تعليمية تُركِّز على تطوير المهارات الأساسية، والمهارات الفنية والتقنية التي يحتاج إليها الاقتصاد الحديث، وهي من أهم خطوات استغلال طاقات الشباب وهم على مقاعد الدراسة.


بالإضافة إلى ذلك، يمكن للحكومات أن تُنظّم جلسات ومؤتمرات مع أصحاب العمل والمُؤسَّسات التعليمية؛ لضمان تلبية برامج التعليم والتدريب لاحتياجات سوق العمل، وملاءمتها للتطوُّرات الاقتصادية والتكنولوجية الحالية.

وضع خطط لخلق فرص عمل جديدة

وهنا يتجلّى دور الحكومات في خلق فرص عمل جديدة، وتوفير فرص بأعداد مناسبة لإحصائيات البطالة، ومُتنوِّعة بما يكفي لتلائم الجميع؛ حيث يمكن أن تُطرَح البرامج التي من شأنها أن تسهم في رفع مُعدَّلات التوظيف، وزيادة نسبة الطلب على الوظائف المُتعلِّقة بها، مثل: برامج التوظيف الحكومية العامة، وبرامج إعانات الأجور والتدريب، وبرامج التدريب لأخذ الخبرة العملية بعد التخرُّج مدفوعة الأجر، وغيرها.

توسيع الشراكات العالمية 

بما أنَّ البطالة مشكلة عالَمِيَّة لا تؤثر في اقتصاد واحد بحدّ ذاته، فإنّ للحكومات والمنظمات أن تُوسِّع الشراكات بينها في قطاعات ومجالات مختلفة، ممّا يساعد على تطوير الاقتصادات، وزيادة فرص العمل أمام الشباب الباحثين عن العمل، بل واستغلال طاقاتهم في جميع المجالات الضعيفة اقتصادياً.

 وضع خطط للطاقة البديلة 

إلى جانب المحافظة على مستوى حياة صحِّية أفضل، وإنقاذ البيئة من التلوُّث، يمكن لخطط الطاقة البديلة أن تفتح مئات أو آلاف فرص العمل المختلفة والمُتنوِّعة أمام العاطلين عن العمل، ومن ثمّ تحقيق مستوى أعلى من التوظيف؛ استغلالاً لطاقات الشباب، وإسهاماً جدِّيّاً في مكافحة البطالة.


وهذا ما أكَّدته مُنظَّمة الأمم المُتَّحِدة في تقرير صادر لها في عام 2021؛ حيث أشارت إلى أنّ عدد فرص العمل التي تقدمها مجالات الطاقة البديلة تصل إلى ثلاثة أضعاف الفرص المتاحة فيما إذا ظلَّت الدول تستخدم مصادر الوقود الحالية.

التركيز على تعزيز قطاع التدريب المهني

عند الدخول في برامج التدريب المهني، فإنَّه يمكن الحصول على العلم والعمل في آن واحد؛ فالتدريب المهني يوفِّر فرصة  الانتساب إلى الفصول الدراسية إلى جانب التدريب العمليّ، ممّا يجعل المُنتَسِبين أكثر تأهيلاً وأقوى عند الدخول إلى سوق العمل.


 وهنا يمكن أن تدعم الحكومات مكاتب وزارات العمل لقطاع التدريب المهني مادِّيّاً وأكاديمِيّاً؛ لاستغلال طاقات الشباب في هذا القطاع، وتشجيعهم على الانضمام إليه. 

تحفيز الشركات وأصحاب العمل 

هناك العديد من الخطط الحكومية التي يمكن مكافحة البطالة من خلالها، ومن بينها تحفيز الشركات وأصحاب العمل مادِّيّاً؛ كتقديم مبلغ ماليّ سنويّ أو مكافأة للشركات أو الجهات التي تتبع استراتيجيات تُقلِّل من مُعدَّل البطالة، الأمر الذي سيجعل جهود الشركات أكثر تركيزاً على فتح الفرص للعاطلين عن العمل، ومن بينهم الشباب الذين لا يملكون خبرة عملية.

تنظيم معارض التوظيف

من الإجراءات الحكومية الفعّالة تنظيم معارض التوظيف، والتي تُعقد في أيام مفتوحة للبحث عن العمل؛ حيث يأتي أصحاب الشركات أو المندوبون عنهم إلى مكان الحَدَث أو ورشة العمل، ويعرضون الشواغر المُتاحة؛ لاستقطاب الشباب الباحثين عن العمل؛ بهدف تقديم سِيَرهم الذاتية، وبناء شبكة معارف، وإن كانوا مُؤهَّلين، فإنّهم سيتمكّنون من الحصول على فرص عمل في المجال الذي يبحثون فيه.

بهذه الطرق يمكن للشباب مكافحة البطالة 

يمكن للشباب الباحثين عن العمل أن تكون لهم خطواتهم في مكافحة البطالة أيضاً، وذلك من خلال ما يأتي:

تطوير المهارات

يجب على الشباب عدم التوقُّف عند مرحلة الحصول على شهادة تعليمية مُعتَمَدة من المعهد، أو الكلِّيَّة، أو الجامعة، بل عليهم العمل بجدّ على تطوير المهارات المختلفة، وتطوير السيرة الذاتية؛ من خلال الانضمام إلى دورات معتمدة، أو حتى تلك المجانية عبر الإنترنت؛ ممّا يسهم في تطوير المعرفة، وصقل المهارات، وتنمية شبكة المعارف، الأمر الذي يجعل الشباب أكثر تأهيلاً لسوق العمل.

اللجوء إلى العمل قصير المدى 

يُعَدّ العمل بعقود جزئية، أو الانخراط في العمل الحر، فرصة مهمة لتوسيع نطاق الخبرة، وتطوير المهارات؛ فبدلاً من الانتظار لفترات طويلة في البحث عن فرص عمل بعقود كاملة، يمكن استغلال الفرص المُتاحة حتى وإن كانت أقلّ من التوقُّعات؛ وذلك لخوض مجموعة مُتنوِّعة من التجارب في سوق العمل، بالتَّزامُن مع عملية البحث عن فرصة عمل مناسبة. 


ويجدر التنويه هنا إلى أنّ هذه التجارب من شأنها أن تُمكِّن الفرد من تعلُّم مهارات جديدة، والتعرُّف إلى أنواع مختلفة من الصناعات، والبيئات العملية، وبناء شبكة علاقات مهنية واسعة النطاق، كما يمكن لهذه الفرص أن تفتح الباب أمام فرص عمل أفضل في المستقبل، إضافة إلى أنّها توفّر دخلاً إضافياً لتحقيق الأهداف الشخصية والمهنية. 

خوض تجربة التطوع 

بعد الجامعة لا يملك الخرِّيجون الجُدد أيّ خبرة، وهنا تكون الفرصة متاحة لفتح أبواب جديدة قد يكون التطوُّع أحدها؛ فهو فكرة ملهمة ورائعة يمكن من خلالها اكتساب مهارات جديدة، وخبرات إضافية، وتكوين شبكة واسعة من المعارف، ممّا يعني زيادة فرصته في الحصول على فرصة عمل مناسبة.


وبالحديث عن التطوُّع فقد نشر موقع (sciencedirect) دراسة لمجموعة من الباحثين في عام 2021، تُؤكِّد أنّ الأشخاص الذين يعملون كمُتطوِّعين تزيد فرصتهم بنسبة 45% في تلقِّيهم استدعاءات لمقابلات العمل.

الانضمام إلى وكالات ومعارض التوظيف

تساعد وكالات التوظيف على تقديم الإرشاد الوظيفي بما يضمن سيرة ذاتية قوية، كما تعمل على البحث عن الفرص المناسبة وربط الشباب بها، بينما تساعد معارض التوظيف على التواصل مع أصحاب العمل؛ لإيجاد الفرصة المناسبة.


ولا بدّ لنا في نهاية الأمر من الإشارة إلى أنّ طاقات الشباب هي جوهر الطاقات المجتمعية الموجودة، والتي يمكن استغلالها والاستفادة منها بعد تطويرها وتشكيلها بما يتناسب وحاجة سوق العمل، ليس لمكافحة مشكلة البطالة فقط، بل لتطوير اقتصاد البلاد، وتحقيق مفهوم التنمية المستدامة.

المراجع

[1] weforum.org, 3 ways we can tackle youth employment
[2] urban.org, Five Steps to Cut Unemployment
[3] merrionstreet.ie, 10 government measures for tackling unemployment
[4] flexjobs.com, How to Overcome Unemployment: 6 Strategies
[5] skillsacademy.co.za, Top 9 Ways to Beat Unemployment

July 30, 2024 / 3:00 PM

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.