أولت دولة الإمارات منذ نشأتها الاهتمام بالدفاع عن الوطن لاعتبارات مرتبطة بالقوة الجيوسياسية للدولة وهويتها الوطنية؛ حيث ترجمها الدستور منذ عام 1971 في مادته (43) بأن جعل "الدفاع عن الاتحاد فرضٌ مقدس على كل مواطن، وأداء الخدمة العسكرية شرف للمواطنين ينظمه القانون"، وقد صدر القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2014 بشأن الخدمة الوطنية والاحتياطية وتعديلاته؛ لتحقيق مجموعة من الغايات والأهداف الاستراتيجية والتي تمثلت في المحافظة على سيادة الدولة واستقرارها، وتعزيز قدراتها الأمنية والدفاعية، والمحافظة على استمرارية الأعمال، وتعزيز قدرة التعافي في حالات الطوارئ والأزمات، وزيادة الوحدة والتلاحم في المجتمع الإماراتي، وربط المواطنين بالتوجهات والطموحات الوطنية، والإسهام في تحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية، وانعكس هذا الاهتمام في رؤية الإمارات 2021 من خلال عنصر "مجتمع أكثر تماسكاً" عبر ترسيخ قيم الولاء للوطن والقيادة، وكذلك في رؤية نحن الإمارات 2031 التي تسعى بأن تكون الدولة في المركز الأول عالمياً في شعور الأفراد بالأمان، ووثيقة مبادئ الخمسين الهادفة إلى ترسيخ السلم والاستقرار الإقليمي والعالمي وتعزيز روح الانتماء والولاء وقيم التسامح والتعايش والخير والعطاء الإنساني، بناء أقوى وأنشط اقتصاد في العالم، وتوفير أفضل حياة للشعب الإماراتي، فضلاً عن ما أشارت إليه مئوية الإمارات 2071 إلى تعزيز التلاحم المجتمعي، وإعداد وتمكين الشباب على مستوى عال من الكفاءة.
الملامح العامة لقانون الخدمة الوطنية والاحتياطية
أكد القانون على أن الخدمة الوطنية تعد فرضا على كل مواطن من الذكور شريطة أن يكون قد بلغ الثامنة عشرة من عمره وألا يتجاوز الثلاثين وأن يكون لائقاً طبياً، وذلك لمدة تتراوح بين 11 شهراً و3 سنوات بحسب شهاداته ومؤهلاته الدراسية، كما جعل القانون التجنيد اختياري للإناث شريطة موافقة ولي الأمر ولمدة 11 شهراً فقط، وتؤدى الخدمة الوطنية في وزارة الدفاع، ووزارة الداخلية، وجهاز أمن الدولة، والهيئات والمؤسسات ذات النظام العسكري وغيرها، والتي تُحدد بقرار من نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في دولة الإمارات.
انعكاسات الخدمة الوطنية على الشباب الإماراتي
عززت الخدمة الوطنية القدرات الدفاعية والعسكرية لدولة الإمارات العربية المتحدة في مواجهة الأزمات والكوارث، وأسهمت في إذكاء الحس الأمني لدى الشباب الإماراتيين، وتحصينهم ضد الأفكار الهدامة، إلى جانب تعريفهم بالتهديدات الأمنية الداخلية والخارجية، وتمثل ترجمة صادقة للنموذج الفريد من الترابط والتماسك بين القيادة وأبناء الوطن، فضلا عن دورها في إعادة شخصية الشباب المواطن وتنميتها؛ حيث تركز الخدمة الوطنية في مرحلتها الأولى على تحويل المجندين من الصبغة المدنية إلى الصبغة العسكرية، من خلال التدريبات العسكرية وحمل السلاح واستخدامه، وتعويدهم على الضبط والربط العسكري، وتعزيز مستوى لياقتهم البدنية، وترسيخ القيم الوطنية في نفوسهم، وصقل مهاراتهم القيادية وتطويرها، لتبدأ بعد ذلك مرحلة التدريب التخصصي التي يتم التدريب فيها على مهن وتخصصات محددة تخدم القوات المسلحة، ليتم توزيعهم بعد التخصص على وحدات القوات المسلحة، ليمارسوا بصورة فعلية هذه المهن والتخصصات بحرفية عالية، جنباً إلى جنب مع إخوانهم العاملين في وزارة الدفاع، بما ينعكس على تعزيز قيم الولاء والانتماء للوطن.
For an optimal experience, please
