يعد السكن من الاحتياجات الضرورية للبشر، وحصول الأسر على المسكن الملائم لاحتياجاتها، وقدرتها على امتلاكه يعد من المتطلبات الأساسية، فالمسكن أحد الركائز المساهمة في تكوين الأسرة وتعزيز استقرارها وتمكينها، بالإضافة إلى أنه يحقق المأوى اليومي للأسرة ويؤثر إيجاباً على الاستقرار الأسري والاجتماعي والاقتصادي.

والمسكن ليس مجرد مأوى، بل هو بمثابة مؤسسة عائلية كبيرة تحتوي إن صح التعبير على خدمات ووظائف عديدة تُبنى عليها الأسرة من الداخل وتأثيرها الخارجي على المجتمع، ومن ثم لا عجب أن نرى الشغل الشاغل في إمارة الشارقة في توفير العيش الكريم من خلال توفير السكن الهانئ لمواطنيها، وأن نرى حكومتنا الرشيدة تتبنى سياسات تحفّز على امتلاك المساكن والاستقرار فيها، بل تسعى إلى توفير هذه المساكن على أحدث التصاميم العصرية والمتطلبات الحياتية اللازمة.

وفي ظل التحديثات المتتالية في برامج الإسكان الحكومي؛ تحتاج اليوم هذه السياسة الإسكانية إلى تحديث في المنظومة الإسكانية من عدة جوانب من أهمها فتح المجال لتعدد مصارف التمويل السكني لفئة القروض لاستيعاب أكبر عدد من الطلبات الحالية والمستقبلية، كذلك تبني فكرة إقامة مجمّعات سكنية عمودية على شكل بنايات سكنية مع مراعاة الخصوصية لكل مستفيد منها، وصحيح أن هذه الفكرة جديدة ويصعب تقبلها لدى البعض؛ لكنها تبقى فكرة إسكانية مستقبلية بديلة ولكن بنمط جديد وخصوصية أكثر من الفكرة السائدة الآن وذلك تحسباً لشحّ المخزون في الأراضي السكنية في بعض المناطق مستقبلاً .

ومن التحديثات والأفكار الجديدة التي لابد من الأخذ بها؛ مشاريع الإحلال للمساكن القديمة التي لا تزال على شكل عشوائيات في بعض المناطق وإعادة تدويرها بطريقة تتناسب مع منظومة الإسكان الحديث والمستدام مع مراعاة التناسق الاجتماعي المهم في ذات المنطقة أو الحي، حيث لا تزال بعض الأسر متمسكة بالعرف الاجتماعي السائد والنسيج الأسري وعدم رغبتها بالانتقال إلى أحياء سكنية أخرى بعيدة عن أهلها وذويها. 

كذلك من المقترحات الجديدة في منظومة الإسكان، إنشاء صندوق استثماري سكني يتم طرح الاشتراك فيه مما يخفف العبء على المستفيدين من فئات القروض مستقبلاً عند تملك المسكن، حيث تتبلور الفكرة في اقتطاع مبلغ بسيط مثلا بحدود 5% من راتب الراغبين في الاشتراك لكل مولود جديد لرب الأسرة لمدة معينة طويلة الأجل ومن ثم الاستفادة من هذا الاشتراك في الدعم السكني أو كجزء منه. 

أخيراً لو طُرحَت الأفكار في جلسة عصف ذهني من أهل الاختصاص والبرامج الإسكانية المختلفة لنتج عنها كثير من الإبداعات والخطط والأفكار التي ستخدم الهوية السكانية في الإمارة وتحقق الاستدامة في المنظومة الإسكانية مما يعزز الاستقرار الأسري ويوفر حلول عصرية لمستقبل إسكاني متطور ومستدام.