هل يحتاج المرء إلى المبالغة في الأمور والتكلفّ، فيما يقوم به من تصرفات، ليس إلا لإمتاع أعين الناس، وإشباع رغباتهم ونزواتهم؟ وهل يحتاج إلى أن يظهر ذلك في سلوكياته وأفعاله؟ وأن تصبح المظاهر المادية وإظهارها، هي المسيطرة على واقعنا، الذي نعيشه ونتعاطى معه، وأن يقودنا ذلك إلى ما يشبه، العيش في واقع، لا يشبهنا ولا يحاكينا، إنما في ما يرضي ويشبع، ميول ورغبات غيرنا.
وبالتالي نغرقّ في حياتنا من فوضي غير مرغوبة ولا محسوبة، ووقعّ الماديات الزائفة، فهل أقنعنا أنفسنا بذلك، أم أجبرنا الآخرون، على ركوب هذا الواقع المقيت؟ وكبلنا أنفسنا في قيود، تشبه إلى حد بعيد، كمن ضرب نفسه بحجر وأضرّ بنفسه.
إن الجمال الحقيقي البسيط، هو أن تعيش الواقع على طبيعته، دون مبالغة ولا تزييفّ، وأن نكون بسيطين وميسرين حقاً، ونترك الماديات والكماليات، التي لن تضيف لحياتنا، أي تغيير أو تبديل فعلي، وحينما نتعامل مع ما حولنا، بكل سهولة ويسرّ.
وقد يقول البعض منا، أن الأحوال قد تغيرت وتبدلت، وهذه من متطلبات العصرّ، والتحولات الاجتماعية التي طرأت ولامست، الطبيعة البشرية في زماننا هذا، في فترة كانت فيه المجتمعات، تعيش على تلبية الاحتياجات والتكاليف البسيطة، ولم تكن لديها كل الالتزامات التي أخذتنا، لأن نعيش واقعاً مغايراً ومختلفاً.
وعن إحدى مشاهير التواصل الاجتماعي، من قد وضعت لها في حسابها الشخصي، صورة وهي على مقاعد الدرجة الأولى، أثناء سفرها في الطائرة، ولكن أحد المتابعين شاهد حقيقة الأمر، وصورها وهي تجلس على مقعد الدرجة الاقتصادية.
وغالباً ما نحاول أن ننسج حولنا، ما لا يكون من حقيقة واقعنا أصلاً، سوى أننا نرغب أن يدرك الناس عنا أمراً مغايراً ومختلفاً، ونصور ونروج لهم بذلك، وأصبح كل شيء اليوم، بعيداً عن البساطة الحقيقية والفعالة، وغدى الأمر ثقيلاً بتعقيداته، لأننا نود أن يرانا الناس بالكمال، وعلى غير الوجه الذي نحن عليه، مما قد يكلفنا الكثير من حياتنا، للركض واللهث خلفها، وللاستعراض المبالغ فيه.
إن إتيان الأشياء البسيطة، قد تُشعرنا غالباً، بالسعادة والطمأنينة والراحة، أكثر من الأشياء المبالغ فيها، وهذا ما قد يدفعنا إلى النظر، والإقبال على الحياة، بأمل وتجدد وتفاؤل، وأن نعيشها برونقها وبساطتها.