ولا ترتاح ضمائرنا ولا نطمأن، إلا إذا انتصرنا وكسرناهم، ولا تغفو جفوننا وننام، إلا إذا أخذنا حقوقنا وفضحناهم، باتت المحاكم السبيل لكل حلّ، والقضاء الملاذ للردعّ والتنكيل، لا نصبر ّعلى أن ينتقدنا أحد، ولا نرضي بأن ينصحنا منهم أحد في مجتمعٍ باتت الأخبار تتسارع، وتشعل مواقع التواصل الاجتماعي.
ونقرأ لكثير من المواقف والأحداث، عمن يقوم بالشكاية، لأسباب قد لا تكون ذات منطق وقبول، وبات من لا يضيق صدره أن يُنتقد، ولا يحتمل أن يقال عنه أو له شيئاً.
فحين نسمع عن كاتب يصنفّ من المثقفين، يشتكي على إعلامية لأنها، انتقدت كتابه، ولم يعجبه ما قالت عنه، وقد منحتها المحكمة صك البراءة مما نسب إليها، وحوادث بين الأزواج، الأسباب فيها مضحكة، ومشكلات وسباب على مواقع التواصل.
وأضحت مثل هذا السلوكيات الاجتماعية الغريبة، تشيع في المجتمعات، من ضيق الأفق، في التعامل مع الآخرين، هي من باتت تتصدر العلاقات الإنسانية.
إن سعة الصدر صفة رائعة، قلما تتوفر في الناس هذه الأيام، حيث ضاقت النفوس، بضيق أساليب الحياة ومشكلاتها وهمومها، وباتت لا تتسع إلا للمشاحنات والخلافات، والقضايا والمشكلات والبلاغات.
أما التغاضي عن الهفوات والعفو عنهم، بتنا لا نراها إلا من القليل، والصبر على الأذى وعدم الحقد والتغاضي، صفات لم نعدّ نلتمسها أو نشاهدها.
فما أسرع بأن نفتح بلاغات، في مراكز الشرطة والنيابة، وما أشد بأن نكون قاسين، في تصرفاتنا وردود أفعالنا، حتى بين الأقارب والأصدقاء.
ولم يعد لجبر الخواطر في النفوس مكاناً واحداً لهذه الصفات والعبادات، التي زهد الناس بها، واسترخصوها، وأصبح كسر القلوب وجرحها، والتفنن في إلحاق الأذى بالناس، وسيلة البعض يفضلونها، لأخذ حقوقهم من الناس، ويقول المولى عز وجل لنبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) {ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك...} ( سورة آل عمران 159).
فأفسحوا لصدوركم كي تسعكم صدور الآخرين.