جار التحميل...

°C,

ما رأيته بأذني " الجزء السادس"

February 28, 2021 / 9:47 AM
مر بي زمن ليس بالقليل في السلك الوظيفي، حيث مررت من خلاله بعشرات المواقف والتجارب، وهذا مما رأته عيناي وما تلاته بصيرة ما رأيته بأذني.
وحكايتي بدأت عام 1996، حينما تم تعييني كموظف بهيئة كهرباء ومياه وغاز الشارقة بإدارة خورفكان، وكانت إعاقتي البصرية بسيطة، وتم تعيني بقسم الموارد البشرية، وكانت تسمى شؤون الموظفين، وكنت متحمساً جداً لتعلم كل شيء.

 وبالفعل كان الزملاء متعاونين معي، وتعلمت خلال أشهر معظم المعاملات ابتداء من دفتر الحضور والغياب، حتى الموازنة السنوية، والتحقت بالجامعة في نفس الفترة ببيروت وتخرجت عام 2001. 

 وكبرت وكبر طموحي معي، لكن أثناء حلمي استفاقت كل أحاسيسي عدا البصر توقف بشدة، وودعني في مفترق الطريق، بعد أن أُجهد بالعمل والجامعة وأصبحت في صحراء الأحلام أتخيل الماء دون أن أرتوي منه.

وأصبحت أول إعاقة بالعمل لشاب في مقتبل الحياة، وفي حقيقة الأمر احتاروا كيف وأين المكان الذي يناسبني؟ 

وأنا كنت مقدراً موقفهم ومقدراً لإمكانياتي بأن أستمر بلا بصر، تخيلوا بعد أن تكون أقرب لرئيس قسم كوني جامعي، وكنا معدودين.

 وبدأ تخيري وأنا كفيف بين الجلوس كالمقعد، أو أن أكون موظف بدالة، وقررت ألاّ أستسلم للفكر التقليدي وأنهض بنفسي وطلبت فرصة لتدوري بين الأقسام، وبالفعل وجدت ضالتي بموقع متابعة المشتركين، وقطع التيار الكهربائي سواء لاستحقاق مبلغ، أو لبراءة الذمة.

 ووجدت العمل غير منظم لبساطة موظفيه، واستطعت تغيير نمط العمل إلى نظمنا العمليات من خلال أرشفة كل شيء، ومتابعة كل شيء بشكل مجدول، وارتقى حتى أصبح شرياناً مهماً في قسم المستهلكين إلى وقتنا الحالي.

 ومما عانيت بصراحة شديدة هو التباين بين المسؤولين بين المعجب وبين المتعاطف وبين المبتسم أمامي والعكس.

 وأصبح الضباب أمام عيني حتى في تباين الشخصيات لذا التحقت بدورات مكثفة لقراءة الشخصيات دون أن أراها وأكون بشخصية لها خط مميز.

 وأثناء تلك الأيام كانت الترقيات تصل لزملائي ولا تصلني وتأخرت عن الركب بسبب أن الترقيات محدودة واسمي يؤجل بسبب الإعاقة التي كانت تؤثر على تقييمي مقارنة بغيري حسب التفكير القاصر وقتها.

 ورغم ذلك كنت صاحب رسالة وهي إيجاد وضع للمعاقين الذين سيلتحقون بعدي وأنا كنت ناشطاً بالجانب الرياضي مساءً، وتعلمت الكثير والتقينا أكثر من مناسبة بصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، حاكم الشارقة  وأثر فيني بكلمة لن أنساها ما حييت بأننا سنرتقي بالمجتمع ولن نترككم.

  فأنتم نسيج بناء مهم معاً سنعلو، وأصبحت هذه الكلمات نبراساً لي ولزملائي حتى وصلت اليوم كأول كفيف نائب رئيس نادي خورفكان للمعاقين، وأثناء افتتاح سموه للمبنى الجديد للنادي قبل أشهر أشاد بعمل الإدارة وتميزها لله الحمد.

 وأعود للعمل بدأت أكون كريزما تعوض البصر وأقوي البصيرة كي أتعايش وأوجد لنفسي موقعاً بخريطة التناقضات وقتها.

 ومرت الأيام وأصبحت كاتب مقالات أسبوعي بموقع الشارقة 24 ومتابعيني كثرٌ وأطرح قضايا بين نقد وإشادة حتى لفتت انتباه المسؤولين وأمسكوني رئيس وحدة الإعلام وأذني تسمع المهنئين بأشكالهم.

 وبعيداً عن ذلك حاولت إيجاد كيان لهذا الموقع بين داعم وبين غير ذلك حتى أصبح واقعاً ثم أصبحت اليوم رئيس قسم الاتصال الحكومي، هنا أصبح للهيئة قابلية وبيئة مناسبة لاحتضان الموظف المعاق من خلال تجربتي وصمود الظلام أن يبصر.

 والأمر تطور كثيراً في تقدير نوع الإعاقة وتسكينها والاهتمام من والدنا نصير المعاقين حاكم الشارقة، الذي دعمنا في شتى المجالات الحياتية.

 واليوم ها نحن أصحاب خبرة جيدة، حيث أنني مررت بخمسة مراحل، إذ أعددت تغيرات وأفكاراً إدارية بين جزر ومد وتفاصيل مفصلية تحتاج لصفحات في تاريخ الهيئة ومساراتها، متمنياً دائماً وأبداً التوفيق والسداد لما تقوم به من جهود جبارة في الارتقاء بخدماتها.

 وأن تكون قدوة يحتذى بها في تقدير الموظف من ذوي الإعاقة والمساواة الحقيقية بين الجميع من حيث الكفاءة. 
February 28, 2021 / 9:47 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.