جار التحميل...

°C,

بدر الخالد البدر...الدبلوماسي الكويتي الذي قدم الكثير للإمارات

December 08, 2020 / 11:09 AM

عندما بدأت بكتابة صفحة تاريخية عن تاريخ المنطقة، في جريدة الخليج في بدايات عام 2000م، لفت نظري تكرار اسم بدر خالد البدر في كثير من الوثائق البريطانية التي تتحدث عن المساعدات الكويتية للإمارات، خلال فترة الستينيات من القرن العشرين.
ومع مرور الوقت، وباستمرار عرض الوثائق، بدأت ألاحظ أن البدر قام بتقديم خدمات كبيرة، وبذل جهوداً ضخمة، فهناك صور له وهو يجوب بسيارته المناطق البعيدة في الإمارات في تلك الفترة، ويتواصل مع الحكام، ويشرف على المساعدات الكويتية المقدمة والمشاريع المقامة، ولذلك كنت حريصاً على الالتقاء به، وبحثت عن رقمه إلى أن استطعت الوصول إليه.

وفي بدايات عام 2002 كنت في زيارة إلى الكويت، وقمت بالاتصال به وطلبت مقابلته، ومن خلال الاتصال الهاتفي تبينت لي شخصية البدر المتواضعة، حيث رحب بي وأصر أن يأتيني بنفسه للفندق للتعرف علي، ورغم إلحاحي بعدم تكليفه المجيء إلا أنه أصر على القدوم، وبالفعل أتى البدر لزيارتي في الفندق، وكانت المفاجأة أن البدر رجلاً طاعناً في السن، ويقارب سن التسعين، فخجلت كثيراً على تكبده مشقة المجيء وبعد السلام دعاني البدر للقاء في منزله، ودعا أيضاً الباحث الكويتي المعروف الدكتور يعقوب يوسف الحجي، لتتحول جلستنا إلى جلسة علمية تاريخية مشوقة، نقلنا فيها البدر إلى سنوات متفرقة من حياته العملية في الكويت والإمارات.

حيث تحدث بإسهاب عن جهوده ومهامه في إمارات الخليج التسع، وحدثنا أيضاً عن كتابه المرتقب الذي سيروي فيه كل شيء، ووجدت صورة للقائنا هذا، في صفحة بدر البدر على الإنستغرام.

إن البدر شخصية متواضعة، ورجل مثقف جداً، أخذ يحدثنا في ذلك اللقاء عن الكثير من الجهود التي قام بها في الإمارات بصفته مبعوثاً شخصياً من قبل الشيخ عبدالله السالم حاكم الكويت، ثم أخيه الشيخ صباح السالم، وتطرق حديثنا إلى ما ذكرته الوثائق البريطانية عنه، وعن المساعدات الكويتية.

وبدر البدر تقلد مناصب رفيعة في الكويت منذ حداثة سنه، ولا يمكنني تغطية كل ما قام به للإمارات والخليج في هذا المقال، نظراً للحجم الكبير لتلك الجهود، ولكن سأحاول أن أوجز بعض أعماله التي تخص الإمارات.

من أبرز ما قام به البدر هو تأسيسه وإشرافه على مكتب دولة الكويت في دبي أواخر عام 1962، وكانت الكويت التي أنشأت أول مدرسة نظامية في الشارقة عام 1953م، وهي المدرسة النظامية الأولى في الإمارات التي انطلق من خلالها التعليم النظامي.

وقد كلفت مرشد العصيمي وهو أحد المسؤولين الكويتيين المقيمين في دبي، والذي سمي سوق مرشد بدبي باسمه، بمهمة الإشراف على بناء المدارس ومشاريع الكويت الأخرى في الإمارات طوال فترة الخمسينيات، ولكن مع بداية الستينيات كان الوضع قد تغير مع التوسع الكبير في التعليم، ووفود بعثات عربية عديدة، مما استوجب وجود مكتب كويتي للإشراف على المشاريع، التي شملت أيضاً بناء المستشفيات والمساجد وغيرها. 

وتم تكليف البدر بمهمة افتتاح ذلك المكتب، ويقول البدر إن الشيخ صباح الأحمد الذي كان وزيراً للإرشاد والأنباء (الإعلام)، وأصبح فيما بعد أميراً للكويت، هو الذي كلفه بهذه المهمة، وتوجه البدر إلى دبي في ديسمبر 1962، حيث تم استئجار شقة في وسط المدينة لتكون مقراً للمكتب، وتم الاستئذان من الشيخ راشد بن سعيد حاكم دبي لرفع علم الكويت على المكتب، الذي وضعت عليه لافتة كتب عليها (مكتب دولة الكويت).

وتم إطلاع المعتمد البريطاني مستر جيمس جريك على مجريات الأمور، وتم افتتاح المكتب في 2 يناير 1963، وحضر الحفل الكبير الذي أقيم بهذه المناسبة في مسرح سينما الوطن بدبي، حكام الإمارات السبع، وكبار المسؤولين، حيث كان افتتاح ذلك المكتب، انطلاقة أخرى للتعليم النظامي، لينمو بشكل أكبر وأسرع، وتم تعيين مسؤولًا كويتيًا كمدير للمكتب وهو محمد السعيد، ثم تسلم رئاسته عام 1969 الشيخ بدر محمد الأحمد الصباح، واستمر عمل ذلك المكتب، حتى إعلان قيام دولة الإمارات في ديسمبر 1971.

ومن المهام الكبيرة أيضاً التي قام بها البدر، مشاركته في وفد الجامعة العربية الذي قدم للإمارات عام 1964 بناءً على قرار من الجامعة العربية، لتقديم مساعدات للإمارات ويعتبر ذلك الوفد أول وفد عربي رسمي يصل للإمارات، طوال فترة الحماية البريطانية للمنطقة، ولذلك تم استقباله بحفاوة بالغة رسمياً وشعبياً.

وكان الوفد برئاسة عبد الخالق حسونة الأمين العام للجامعة العربية، وبعضوية ممثلين عن الكويت التي يمثلها البدر، والسعودية والعراق، ووصل الوفد إلى أبوظبي في 26 أكتوبر 1964 وبدأ جولة في الإمارات السبع. 

وسجل البدر كل يوميات الزيارة التاريخية تلك في كتابه "رحلة مع قافلة الحياة"، وأهداني مجموعة من الصور التي التقطها بكاميرته الخاصة أثناء جولاته في الإمارات، وشارك البدر أيضاً في مباحثات الاتحاد التساعي، وفي جهود الوساطة الكويتية التي تمت بعد بروز خلافات أثناء المحادثات.

كما شارك البدر في جهود الوساطة الكويتية بين البحرين وإيران، وعندما طالب شاه إيران بالبحرين عام 1968، وكان البدر المبعوث الرئيسي للوساطة في هذا الموضوع، ويتناول البدر في كتابه، تفاصيل رحلاته المكوكية بين البحرين وإيران حول هذا الموضوع.

والبدر يجيد اللغة الإنجليزية، ويتحدث في كتابه عن مختلف مراحل حياته، ومنها رحلته في عالم الطيران، حيث يعتبر أول طيار كويتي خليجي مرخص من بريطانيا عام 1934، وعمل بعدة مناصب، أهمها سفيراً وعضواً منتدباً بلجنة الخليج واليمن.

وشارك بتأسيس جريدة الكويت اليوم، كما ساهم في تأسيس مجلة "العربي" المعروفة، وله إسهامات كتابية ومقالات صحفية بارزة، وكان قد تم تعيينه كأول وكيل لوزارة الإعلام الكويتية في أول تشكيل وزاري عام 1962، ثم أصبح الممثل الشخصي للشيخ عبدالله السالم.
 
وكتابه "رحلة مع قافلة الحياة" الذي يروي فيه مراحل حياته ونشاطه، يتكون من 3 أجزاء، كما أن له كتاباً آخر عن معركة الجهراء التي عاصر أحداثها. 

والبدر عاش عمراً مديداً حيث تخطى سن المئة من (1912-2015م)، وعندما قابلته عام 2002، كان يتحدث كما لو كان شاباً.

رحم الله بدر البدر الذي عاش حياة حافلة بالأحداث والإنجازات، وترك سيرة طيبة وخالدة.

December 08, 2020 / 11:09 AM

مواضيع ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.