كنا نتناقش أنا وبعض الخريجين الجدد من الجيل الحالي، وسألتهم عن ماذا تتمنون أن تعملوا في المستقبل؟ كلٌ ذكر ما يتمنى، وجاء دور آخر طالب قلت له:" أكيد تتمنى أن تكون معلماً مثل والدك" رد علي بنبرة جادة لا طبعاً!
ورده أخذني لسؤال حقيقي، لماذا أصبحت مهنة المعلم آخر الأمنيات والطموح؟
ولماذا لم نعد نجد معلماً في جلساتنا رغم أنه في الزمن الماضي كانت المجالس أغلبها من المعلمين الأفاضل؟
نعم، إن الأجوبة كانت واضحة، وهي أن معظم الوظائف حصل فيها تعديل، من مستقبل معيشي وبدلات وترقيات وسلم واضح طوال الخدمة، وإجازات اختيارية ومتنوعة عدا مهنة المعلم لازالت محلها، بل قَلّتْ إجازات المعلمين وزادت المتطلبات المفروضة عليهم، واقتصرت صلاحياتهم في التعامل مع طلابهم.
فسابقاً كانت إجازة الصيف 3 أشهر، وحالياً تقلصت إلى 5 أسابيع، وكأنها إجازة النصف من العام الدراسي، لدرجة أنه لا يلبث أن يأخذ فترة نقاهة حتى يدق جرس العام الجديد، لأن هذه المهنة تأخذ جهداً مضاعفاً وتركيزاً عالياً طوال العام.
لذا يحتاج المعلم إلى فترة كافية كي يستعيد نشاطه العقلي والبدني، إذ وصل بها الحال أن يتخذها المعلم كمرحلة مؤقتة حتى يحصل على مهنة أخرى ويتركها.
نعم نتمنى إعادة هذه المهنة للسطح، بتشجيع الأجيال لها من خلال حوافز مادية ومعنوية، وتقاعد مجزٍ ومسار يضمن لهم مستقبلاً واعداً.
نريد أن نرى المعلم يعود بيننا، لقد افتقدنا هذه المهنة، ولا شك أن بيئتنا تحتاج لسواعد أبنائنا، حتى يصبح أكلنا من مصدر زرعنا.