جار التحميل...
منذ اليوم الأول لحكمه، لم يكتفِ سموه بالبناء والإدارة، بل اختار أن يبدأ من الإنسان، من قلبه وعقله وكرامته. رأى في التعليم حقًّا، وفي الثقافة حياة، وفي الضعيف مسؤولية.
لم تكن مشاريعه مجرّد أرقام على الورق، بل كانت أحلاماً تُبنى بيديه، وتُسقى من وجدانه.
صاحب السمو الشيخ سلطان، ليس مجرد قارئ نهم، بل مؤلف ومؤرخ، يستخرج من كتب التاريخ دروساً للأجيال، ويقدّم المسرح والكتاب والجامعة، لا للتفاخر، بل ليزرع الوعي وينشر النور. كتبه ليست أوراقاً تُباع، بل رسائل للإنسان، تتحدث عن العدل، والهوية، والانتماء.
من يشاهد الشارقة اليوم، يدرك أن وراء هذا المشهد قائداً لم يكتفِ بتجميل المكان، بل اهتم بتجميل الفكر. جامعات، معارض كتب، مهرجانات، متاحف، مسارح، كل ركن فيها يهمس باسم سلطان. جعل من الإمارة نموذجاً عربياً نادراً، حيث تتصافح الحداثة مع الأصالة، ويُكتب المستقبل بقلمٍ يحفظ الماضي.
هو القريب من الجميع: من العامل البسيط، ومن الطالب الذي يحلم بمقعد جامعي، ومن الأرملة التي تنتظر دعماً، ومن المثقف الذي يبحث عن منبر. يتحدث بلهجة الصدق، ويعمل بصمت المحبة. يعرف الناس تفاصيله لا من خلال الإعلام، بل من خلال أثره في حياتهم.
حين يخفت ضجيج الأصوات، يعلو صوته بالحق، نقياً صلباً لا ينكسر. كان دوماً سندًا للمستضعفين، ونصيراً مخلصاً للغة العربية، وحامياً لكرامة الإنسان العربي. لم يكن مجرد متحدث، بل كان ضمير الأمة اليقظ، ومثقفها الواعي.
من أبرز ما يميّزه، ذلك الحب العميق لدولة الإمارات العربية المتحدة، وللشارقة على وجه الخصوص، لا بوصفها إمارة فحسب، بل كقصة نابضة، وتفصيل حميم في ذاكرة الوطن الكبير. يتعامل مع البيت القديم كما يتعامل مع المنجز الحديث، بنفس العناية والاهتمام، إيماناً منه بأن الشجرة لا تشتد إلا بجذورها، وأن الإنسان لا يُزهِر إلا إذا عرف من أين بدأ.
هو نموذج فريد في القيادة، حاكم يُعلّمنا أن القوة في الثبات، وأن الحكم مسؤولية لا امتياز، وأن الثقافة روحُ الأمم لا زينتها. في حضرته، تدرك أن الاحترام لا يُنتزع، بل يُنال بالحب، وأن القلوب لا تُفتح بالسطوة، بل تُفتح بالمودة والإنسانية.
وفي الختام؛ فإننا لا نحتاج إلى كثير من التوصيفات لنفهم من هو سلطان القاسمي، يكفي أن ننظر في وجوه أهل الشارقة، وفي عيون من قرأ كتبه، أو من سمع كلماته، لنوقن لماذا استحق هذا اللقب عن حب ورضا: "سلطان القلوب".