جار التحميل...
يُعرف احتياطي الذهب "Gold reserves" بأنَّه سبائك من الذهب الخالص تُخزِّنها الدول في البنوك المركزية، وتُعبِّر قيمتها عن الثروة الوطنية لكلّ بلد، ويُشار إلى أنّ الذهب كان قد ارتبط تاريخياً منذ أقدم العصور بالسُّلطة والقوة، وكان امتلاكه من أهمّ أسباب قيام الدول واستمرارها، وهذا يُفسِّر سَعي الدول بجِدّ نحو زيادة احتياطي الذهب الخاصّ بها؛ بهدف تأمين حمايتها في ظلّ الظروف الاقتصادية العالمية المُعقَّدة.
ولدى مقارنة الذهب بالأوراق النقدية التي ليست لها أصول ثابتة -على سبيل المثال-، يمكن التوصُّل بسهولة إلى أنّ رأس المال واقتصاد الدولة، حين يرتبط بالذهب يكون أكثر موثوقية وثباتاً، حتى عند تدهور قيمة العُملة وحدوث التضخُّم غير المنطقي؛ إذ يمكن الاعتماد عليه في سداد الدُّيون المُتراكمة، والحصول على سُيولة مالية.
وتتولّى أفرع البنك المركزي المُوزَّعة في مختلف أنحاء العالَم مسؤولية إدارة احتياطي الذهب الذي تمتلكه الدول، وتُقدَّر قيمة احتياطي الذهب الذي يحتفظ به بنحو 30 ألف طُنّ، وتجدر الإشارة إلى أنّ عمليات البيع والشراء التي يُمارسها البنك المركزي تضطلع بدور مُهِمّ في تحديد أسعار الذهب المعروض في الأسواق، خُصوصاً وأنّ بعض الدول تحاول زيادة الاحتياطي الخاصّ بها باستمرار، مثل الصين.
وبالرغم من فوائد احتفاظ البنك المركزي باحتياطي الذهب الكثيرة، فإنَّه يُشكِّل تحدِّياً له؛ إذ من الضروري التزامه بتخزين الذهب وحماية أمنه، إلّا أنّ هذا بالطبع ليس أمراً سهلاً، بل مُكلِف أيضاً، بالإضافة إلى أنّ البنك المركزيّ يتحمَّل أعباء تتعلَّق بتذبذُب أسعار الذهب؛ انخفاضاً، وارتفاعاً، والتقلُّب المُستمِرّ في قيمة احتياطيّاته؛ ممّا يعني الحاجة إلى السعي دائماً؛ للموازنة بين احتياطي الذهب، والموارد المُخصَّصة للمشاريع المختلفة.
تزداد رغبة الدول في امتلاك مخزون أكبر من احتياطي الذهب في الظروف الحرجة، مثل: الظروف الجيوسياسية غير المُستقِرَّة، وتدهور قيمة العُملة الوطنية؛ لتنويع أُصولها المالية، والتمكُّن من مواجهة التضخُّم، أما البنك المركزي، فتزداد رغبته أيضاً في زيادة احتياطي الذهب المُخزَّن لديه بوصفه إجراءً وقائياً للحيلولة دون حدوث المشكلات الاقتصادية المُتوقَّعة، ولزيادة مستوى الأمن القومي.
وتاريخيّاً، هناك أمثلة عِدَّة تُؤكِّد ارتفاع أسعار الذهب في ظلّ الحروب، وعدم الاستقرار العسكري، والجيوسياسي، ومنها: الارتفاع الكبير في قيمته أثناء الحربَين العالميَّتَين، وحرب الخليج؛ لقبوله الدولي -بغضّ النظر عن التغييرات الاقتصادية الناجمة عن حالات التوتُّر غير المفهومة-، إلى جانب محدوديّته، ونُدرته؛ إذ يُلاحَظ التوجُّه نحو زيادة القوة؛ بزيادة احتياطي الذهب الذي تملكه الدول حتى قبل وقوع الحرب، أو بمُجرَّد التنبُّؤ بها.
وتجدر الإشارة إلى أنّ جائحة كورونا كانت قد أثَّرت أيضاً في رغبة دُول العالم في امتلاك احتياطي ذهب أكبر بصورة ملحوظة؛ بسبب الضغوط الاقتصادية، والأزمات المالية الكبيرة التي واجهها العالَم، مع عدم القدرة على التنبُّؤ بتوقيت انتهائها، أو نشاط الأسواق في تلك الفترة؛ ممّا ساهم في جعل الذهب أحد أهمّ الأُصول الاحتياطية التقليدية التي يمكن من خلال امتلاكها الصمود بأمان، بل ويمكن تحقيق عوائد جيِّدة، وخاصَّة مع ارتفاع أسعار الذهب آنذاك.