تحظى فئة كبار السن بدعم كبير من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، "حفظه الله" ومتابعة حثيثة من سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي العهد – نائب حاكم الشارقة، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة، للوصول إلى ترجمة كل ما هو جديد في عالم الخوارزميات والاستفادة منها لصالح فئة كبار السن.
وفي ملتقى كبار السن الــ 13 والذي تنظمه دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة تحت شعار "الذكاء الاصطناعي في خدمة كبار السن" حرصتُ كل الحرص على متابعة ما جاء في الملتقى الذي شارك فيه نخبة من الخبراء في مجالات الرعاية الصحية والمجالات التقنية لمناقشة أفضل الممارسات والتحديات المتعلقة بتقديم خدمات شاملة ومتطورة لكبار السن، حيث تنوعت فيه المشاركات ووجهات النظر ما بين حلول تتناسب مع كبار السن وما بين تطوير وتقديم خدمات أفضل لهم، مستخدمةً مجال الذكاء الاصطناعي لتوظيفها على فئة كبار السن.
وكما نعلم أن التكنولوجيا تتطور بسرعة كبيرة تلبيةً للاحتياجات المختلف لفئات المجتمع، بما في ذلك كبار السن، ومن بين هذه التطورات البارزة، توظيف الخوارزميات، التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فهي تعمل على تحسين جودة الحياة لتقديم الرعاية المستمرة لكبار السن، ومن المثير للاهتمام أن نرى كيف تتلاقى هذه التقنيات الحديثة مع المبادئ والقيم التي أرستها الشريعة الإسلامية في رعاية المسنين، حيث نجد أن الشريعة الإسلامية تُعنى بشكل كبير برعاية كبار السن، ويحظى المسنون بمكانة عظيمة في الإسلام.
وقد وردت العديد من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على احترامهم وتقديم الرعاية لهم، يقول الله تبارك وتعالى:(وَقَضَى رَبُّكَ ألّا تّعبُدُوا إلّا إيَّاهُ وَبالولدَين إحسنا) الإسراء: 23، وجاء في الحديث الذي رواه الحاكم في مستدركه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:(ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف حقَّ كبيرنا).
إن هذه التوجيهات الإسلامية تؤكد على أهمية احترام وتقديم الرعاية المستمرة لكبار السن، سواء من خلال تقديم الدعم النفسي أو الجسدي لهم، ومع تقدم العصر؛ يمكن أن تسهم التكنولوجيا الحديثة في دعم هذا الواجب الاجتماعي والديني.
وفي هذا العصر الرقمي، تُقدم الخوارزميات حلولاً مبتكرة لتحسين حياة كبار السن، بدءاً من الرعاية الصحية إلى تعزيز التواصل الاجتماعي، وإليكم بعض المجالات التي بالإمكان أن تُستخدم فيها الخوارزميات لخدمة كبار السن، والتي تتماشى مع روح الإسلام في العناية بهم.
أولاً: الرعاية الصحية الذكية، حيث يجب أن يستفاد من التطبيقات الطبية الحديثة من الخوارزميات لمراقبة حالة كبار السن الصحية، وعلى سبيل المثال: الأساور الذكية أو من خلال استخدام أجهزة الاستشعار التي تقيس مؤشرات مثل معدل ضربات القلب، ومستوى الأوكسجين في الدم، وغيرها من المؤشرات الحيوية، والتي يمكن لهذه الأنظمة الذكية إرسال تنبيهات فورية إلى الأطباء أو أفراد الأسرة عند الحاجة، هذه الخدمات تسهم في تطبيق مبدأ "الإحسان" إلى الوالدين ورعايتهم بشكل أفضل.
ثانياً: بالإمكان الاستفادة من الروبوتات المساعدة: حيث تسهم الروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي في تسهيل حياة كبار السن عبر مساعدتهم في أداء الأنشطة اليومية، مثل تناول الأدوية في مواعيدها، أو المساعدة في التنقل، ويمكن لهذه الروبوتات أن تكون وسيلة إضافية لتحقيق الرعاية الشاملة.
ثالثاً: يمكن عمل ما يسمى بالبيوت الذكية أو مراكز الرعاية الذكية : التي تقدم حلولاً تكنولوجية تعتمد على الخوارزميات لضمان راحة وأمان كبار السن، على سبيل المثال: يمكن للنظام الذكي التحكم في الإضاءة ودرجة الحرارة بناءً على احتياجات الشخص، كما يمكن لهذه الأنظمة أن تعزز من إمكانية استمرار بقاء المسن في بيته مع الحفاظ على استقلاليته، أو في مراكز الرعاية المعنية، وهو ما يعزز من قيم البر والإحسان التي حثت عليها الشريعة الإسلامية.
وأخيراً، من أبرز التحديات التي يواجهها بعض كبار السن هي: العزلة الاجتماعية، ولكن باستخدام الخوارزميات، يمكن لكبار السن البقاء على اتصال دائم مع العائلة والأصدقاء من خلال التطبيقات الذكية التي تسهل في التواصل مع غيرهم، فتعزز الحفاظ على الروابط الاجتماعية التي تتماشى مع وصية الإسلام بصلة الرحم، فقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أحب أن يبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه".
والخلاصة فيما ذكرناه: أن الخوارزميات تمثل وسيلة حديثة وفعالة لتقديم الرعاية لكبار السن، بما يتوافق مع القيم الإسلامية التي تؤكد على احترام المسن ورعايته، وهذه الحلول التكنولوجية يمكن أن تكون امتداداً دينياً وقيمةً أخلاقيةً فاضلة لمبدأ الإحسان والبر، إذ أنها توفر وسائل عملية لتحقيق هذه القيم في ظل العصر الرقمي، فيتعين علينا كأفراد ومجتمع ومؤسسات، الاستفادة من هذه التقنيات لتأمين حياة كريمة ومستقلة لكبار السن.