جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
تُهدّد سلامة كوكبنا

المقصود بالتلوث الضوضائي وأثره على البيئة

11 أغسطس 2024 / 3:13 PM
المقصود بالتلوث الضوضائي وأثره على البيئة
download-img
يُعرف التلوث الضوضائي بأنّه أحد أنواع التلوث البيئي؛ إذ تتمثَّل الأسباب المُؤدّية إليه بشكلٍ عامّ بالأسباب الطبيعية التي لا يُمكن التحكُّم فيها كثيراً؛ كصياح الديوك، ونُباح الكلاب ليلاً، والأسباب البشرية؛ كالحركة الجوّية للطائرات والمِروَحِيّات، وخاصّةً تلك التي تطير على ارتفاعٍ قريبٍ من الأرض، وأعمال البناء التي تحتاج إلى استخدام آلات الحفر الثقيلة، وكذلك ازدحام حركة المرور، ممّا يجعله مصدر قلق كبير.

يؤثّر التلوث الضوضائي على النظام البيئي وطبيعة توزيع الحياة البرّية على اليابسة، وفي البحار، لذا بات من الضروري تنفيذ تدابير فعّالة للحَدّ منه الآثار السلبية على المدى البعيد.

ماذا يعني التلوث الضوضائي؟

يُسمّى التلوث الضوضائي (Noise Pollution) أيضاً بالتلوث السمعي؛ وهو يتضمّن الأصوات المزعجة وغير المرغوب فيها، ويُقاس بوحدة قياس شِدّة الصوت الديسيبل (dB)، وعندما يُسجّل الصوت شِدّة تزيد عن 80 ديسيبل، يُصنَّف على أنَّه ضوضاء مُؤذِية؛ كما هو الحال مع صوت قطارات الأنفاق التي تتراوح شِدّة أصواتها بين 90-115 ديسيبل.


وهو يُعَدّ أيضاً من أنواع التلوث غير المرئيّة، لذلك لا يحصل على الكثير من الاهتمام كغيره من أنواع التلوث، مثل تلوث الهواء والماء، إلّا أنّ تأثيراته السلبية لا تقتصر على الإنسان فحسب، بل تمتدّ إلى عناصر النظام البيئي جميعها بما في ذلك الحيوانات والنباتات.

تأثير التلوث الضوضائي على البيئة: ضجيجٌ يُهدد هدوء الطبيعة

تشمل آثار التلوث الضوضائي مختلف النُّظُم البيئية والكائنات الحية فيها على النحو الآتي:

الحيوانات والطيور

تعتمد الحيوانات والطيور على حاسّة السمع كثيراً في حياتها، ووجودها لفترةٍ طويلة في بيئةٍ مليئة بالضوضاء يُعرّضها للخطر، ويُعيق قدرتها على التواصل وسماع بعضها بعضاً بشكلٍ جيّد، بما في ذلك ضوضاء الطائرات، وآلات الحفر، وأصوات أبواق المركبات؛ فعلى سبيل المثال، يؤدّي التلوث الضوضائي إلى إرباك الحيوانات الليلية التي اعتادت العيش في بيئةٍ منخفضة الإضاءة، مثل الخفافيش التي تعتمد على موجات الصدى لتحديد الفرائس والمخاطر في المناطق المحيطة بها، إلّا أنّ الضوضاء الناجمة عن حركة المرور مثلاً تُقلّل من فاعلية هذه الموجات.

 

كما تُصدِر ذكور العديد من الأنواع البرّية، مثل: الطيور، والضفادع، عند التزاوج نداءات معينة لجذب الجنس الآخر، وهذه النداءات بطبيعتها ذات طبقة صوتية منخفضة، وعلى الرغم من أنّ الذكور يضطرّون إلى رفع أصواتهم كي تُصبح مسموعة أثناء الضوضاء، إلّا أنّ ذلك يجعلهم أقلّ جاذبية ويُقلّل قدرتهم في العثور على شريكة والاحتفاظ بها، وهذا يؤدّي إلى انخفاض مُعدّلات التكاثر بمرور الوقت، كما أنّ الضوضاء تؤثّر على نظام تغذية الحيوانات التي تعتمد على السمع لتحديد مكان الفريسة، مثل: القطط، والبوم، والتي يصعب عليها العثور على فريستها في مناطق الضوضاء.

الغطاء النباتي

كلّ شيء في الطبيعة مترابط، والتلوث بأنواعه جميعها ومنها التلوث الضوضائي يمكن أن يضرّ بالحياة النباتية؛ لأنّ مستويات الديسيبل العالية السائدة في البيئات الصاخبة يُمكن أن تؤدّي إلى انخفاض كثافة النباتات والتنوُّع البيولوجي؛ بسبب إزعاج الطيور والحشرات المسؤولة عن نقل حبوب اللقاح التي تُعَدّ ضرورية لنجاح التكاثر وانتشار العديد من الأنواع النباتية.

 

كما تؤدّي اهتزازات الآلات الثقيلة، مثل الجرّافات والشاحنات، إلى تغيير بنية التربة والتقليل من تماسك جزيئاتها مع الوقت، ممّا يجعلها أكثر عرضة للتآكل بفعل الرياح والمياه، وهذا يعني أنّها ستفقد العناصر الغذائية القَيّمة وتُصبح غير صالحة لزراعة النباتات، وهذا كلّه يؤثّر أيضاً في النظام العامّ للمناطق الطبيعية التي تعيش فيها الكائنات الحية.

 

ووفقاً لدراسة نُشِرَت في مجلة الجمعية الملكية للعلوم المفتوحة (Royal Society Open Science) الرائدة في نشر الأبحاث العلمية المتخصّصة في العلوم عام 2021، وكانت قد أُجرِيَت على مجموعة من الشَّتلات التي جَرت زراعتها إلى جانب مصدر ضوضاء ناتج عن حفر آبار الغاز الطبيعيّ وظلّت هناك لمُدّة 15 عاماً، وُجِد أنّ نُمُوّ هذه الشَّتلات وتكاثُرها لم يكن بالمستوى نفسه لنُمُوّ الأشجار البعيدة عن مصدر الضوضاء، وحتى بعد إزالة ذلك المصدر، أخذت الطيور والحشرات وقتاً للعودة إلى تلك الأشجار ونشر حبوب اللقاح بينها.

الأحياء البحرية

غالباً ما تكون الرؤية تحت الماء غير ممكنة للكائنات البحرية جميعها؛ لذا فهي تعتمد كثيراً على حاسّة السمع للتواصل وتحديد مكان الفريسة، أو تجنُّب التهديدات والحيوانات المفترسة، إلّا أنّ الضوضاء الناجمة عن حركة السُّفن والبواخر العملاقة، وإجراء الدراسات والتجارب العلمية، أدّى إلى تعارُضٍ كبير في طبيعة البيئة البحرية، والتأثير سلباً على العديد من الكائنات فيها، وخاصَّةً الحيتان والدلافين.

 

وعلى سبيل المثال، تتسبَّب أجهزة السونار البحرية المُستخدَمة لتحديد المواقع عن طريق إصدار موجات صوتية قوية بتردُّدات صدى تصل إلى 235 ديسيبل، في تغيُّر سُلوك الحيتان وإصابتها بالذُّعر؛ فأصبحت تندفع إلى سطح الماء للهروب من تردُّدات الصوت، كما تُسبّب أجهزة المُسوحات الزلزالية أضراراً كبيرة في حاسّة السمع لدى العديد من الكائنات البحرية؛ لأنّها تُصدِر انفجاراتٍ صوتية عالية.

 

 

وختاماً، لا بُدّ من اتِّخاذ إجراءات فِعليَّة للحَدّ من التلوث الضوضائيّ؛ لحماية البيئة من تأثيره السلبيّ الذي لا يقتصر على الإزعاج العابر، بل يستمرّ على المدى الطويل؛ ويمكن ذلك بإدارة حركة المرور، وخاصَّةً في المناطق الحَضَريّة، ووضع حواجز الضوضاء (عَوازل صوتية) على طول الطرق المُزدَحِمة، وتقليل الضوضاء الناتجة عن آلات الحفر الثقيلة؛ من خلال تغليف مُعدّاتها بموادّ عازلة للصوت، والتخطيط الحَضَريّ وبناء المناطق الصناعية بعيداً عن المباني السكنية أو الأماكن الطبيعية التي تعيش فيها الكائنات الحيّة.

 

 

المراجع
[1] wildlifehc.org, 4 Ways that Noise Pollution Can Impact Wildlife (and 4 Ways to Help)
[2] sigmaearth.com, Effects Of Noise Pollution On Environment
[3] cpdonline.co.uk, All about noise pollution
[4] education.nationalgeographic.org, Noise Pollution
[5] eea.europa.eu, Noise

August 11, 2024 / 3:13 PM

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.