جار التحميل...
لا شكّ في أنَّ تعليم الطفل الحروف والأرقام يُعَدّ الخطوة الأولى نحو بناء أُسُس قويّة لتطوُّره اللغوي والرياضي في المستقبل، وتحديد السنّ المناسب لبدء هذا التعليم خطوةً في غاية الأهمية؛ فهو يحمل في طيّاته تأثيراً عميقاً في تطوُّر الطفل العقلي والاجتماعي، مع التأكيد على وجود فروق فردية بين الأطفال؛ فلكلّ طفل جاهزيّته المختلفة للتعلُّم؛ إذ يمكن أن يُظهِر بعض الأطفال استعداداً للتعلُّم في سنٍّ مُبكِّرة، بينما قد يحتاج بعضهم الآخر إلى المزيد من الوقت، لذا من الضروري أن يتفهّم الأهل ذلك ويُقدِّموا الدعم اللازم بما يتناسب مع احتياجات الطفل الفردية، وعدم مقارنته بأقرانه، وفيما يأتي توضيح العمر المناسب لتعليم الأطفال الحروف والأرقام في المتوسّط العامّ.
يستطيع الأطفال تعلُّم الحروف الأبجدية في سِنّ الثالثة في المُتوسّط العامّ، إلّا أنّ هذا لا يُعَدُّ قاعدةً ثابتة دائماً، فقد يتمكَّن بعض الأطفال من تعلُّمها في سِنّ الثانية، بينما قد يتعلّمها أطفالٌ آخرون في عمرٍ أكبر، ويبدأ الأطفال عادةً في التعرُّف إلى الحروف من خلال التكرار، كما يحدث عند ترديد الأمّ أغنيةَ الحروف العربية "ألف.. باء.. تاء.. ثاء.. إلخ" -مع اللحن- أمام طفلها عدَّة مرّات، وهذا التكرار يساعد الأطفال على التقاط الحروف بشكلٍ أسرع، تماماً كما يتعلَّمون كلمات الأغاني الأخرى.
بحلول سِنّ الثالثة إلى الرابعة، يصبح معظم الأطفال قادرين على تعلُّم الحروف الأبجدية، وغالباً ما يتعرَّفون في البداية على الحروف التي تُشكِّل أسماءهم أوّلاً؛ فمثلاً الطفل الذي يُدعى "أحمد" قد يتعرَّف بسرعة على الحرف "أ" قبل بقية الحروف، ويمكن للأهل تعزيز هذه المهارة بتشجيع طفلهم على تعلُّم الحروف المختلفة للأشياء المتنوعة من حوله، كما هو الحال مع حرف "ت" في كلمة تفاحة، وهكذا، مع تكرار ذلك عدَّة مرّات.
من سِنّ الرابعة إلى الخامسة، يبدأ الأطفال في تطوير مهارات الكتابة لديهم، فيتعلَّمون في هذه المرحلة كيفية كتابة الحروف في مرحلة ما قبل المدرسة أو مرحلة رياض الأطفال، ويمكن للآباء تعزيز هذه المهارة بتشجيع الأطفال على الكتابة في المنزل.
وفي هذا العمر، يبدأ الأطفال بتعلُّم كتابة الحروف -من خلال فهم أنّ الرموز المكتوبة تُمثِّل حروفاً-، فيبدأ اهتمامهم بالكتابة بمفردهم، علماً بأنّ إحدى الطرق الفَعّالة لتعليمهم الكتابة هي البدء بتتبُّع الحروف؛ بتمرير الطفل قلمه على حروف مكتوبة بشكل مُنقَّط أو باهت.
بحلول سِنّ الخامسة، يبدأ الأطفال بربط الحروف بالأصوات المُصاحِبة لنُطقها، وهي مهارة تُعرَف بمهارة علم الصوتيّات "Phonetics skill"، وفي هذه المرحلة، يبدأ الأطفال بالتفكير في الأصوات التي تصدرها الحروف الأولى من الكلمات؛ فمثلاً، عند سماع كلمة "سيّارة"، يستطيع الطفل التفكير في أنّ الكلمة تبدأ بحرف "س"، ويُعَدّ تعلُّم أصوات الحروف خطوة حيويَّة في تحليل النصّ المكتوب والبدء بالقراءة.
وهنا يجدر التنويه إلى أنّ تعليم الحروف الأبجدية عملية تدريجية تتطلَّب الصبر والممارسة المُستَمِرَّة، وبتوفير بيئة داعمة ومُحفِّزة، يمكن للآباء والمُعلِّمين مُساعَدة الأطفال على تطوير مهاراتهم اللغوية وتعلُّم فنّ القراءة بأسلوب فَعّال ومُمتِع.
اكتشاف الأرقام مُبكِّراً يفتح الأبواب أمام الطفل لاستيعاب المفاهيم الأساسية بطريقة ممتعة ومُشوِّقة، فما هو العمر المناسب لذلك؟
يُعَدّ عمر الثالثة وقتاً مناسباً لبدء تعليم الأرقام للأطفال؛ إذ يبدأ الأطفال في هذه المرحلة العمرية باستيعاب المفاهيم الأساسية بفاعليَّة، ولكن يُنصَح بتعريفهم الحروف أوّلاً، ثمّ الانتقال إلى الأرقام؛ إذ يمكن أن يساعد ذلك في فهم الفرق بين الحروف والأرقام بشكلٍ أفضل.
فيما يتعلَّق بتعليم الأرقام، لا ينبغي أن يشعر الأطفال بالضغط لتعلُّم كلّ شيء بسرعة؛ فالتعليم التدريجيّ هو المفتاح، ويُنصَح بأن يتمكَّن الأطفال في هذه السِّنّ من العَدّ حتى 20، وتتبُّع الأرقام من 1 إلى 10 قبل البدء بمرحلة رياض الأطفال؛ أي التعرُّف إلى الأرقام وترتيبها من 1 إلى 10 بشكلٍ صحيح، فمن شأن هذا النهج أن يُتيح لهم التعلُّم بشكل طبيعيّ دون ضغوط.
ومن الجيّد الاستعانة بالأنشطة الممتعة والألعاب التفاعُليَّة لتعليم الأطفال الأرقام؛ فعندما يجري دمج الأرقام بالألعاب اليومية والأنشطة الترفيهية، يُصبح التعلُّم أكثر سهولة ومتعة، ومن خلال هذه الأنشطة، يمكن للأطفال تعلُّم العَدّ وتحديد الأرقام بشكل طبيعيّ دون جهد كبير؛ فمثلاً يمكن عَدّ الملاعق اللازمة لصُنع كأس الحليب في الصباح، أو عَدّ أصابع اليد، أو عَدّ المُكعَّبات أثناء اللعب بها وعمل أشكال منها، وما إلى ذلك.
وإذا توفَّرت بيئة تعليمية مليئة بالأنشطة المُثيرة المُتعلِّقة بالأرقام، فإنَّ الأطفال سيكونون على استعدادٍ جيِّد لرِياض الأطفال، وهذا الإعداد المُبكِّر يُسهِّل المراحل التالية من تعليمهم، ويساعد على بناء أساس يُمكِّنهم من فهم الرياضيات جيِّداً في المستقبل.
وختاماً، تجربة تعليم الطفل الحروف والأرقام ليست مُجرَّد فكرة نظرية، بل هي بوّابة لاكتشاف عَوالِم جديدة من المعرفة والإبداع؛ فكلّ حرف يتعلَّمه الطفل، وكلّ رقم يُتقنه، يمثّل خطوة نحو بناء عقل فضوليّ ومُستَعِدّ لاستكشاف الحياة، فيُصبح كلّ يوم فرصة جديدة للتعلُّم والنُّمُوّ.
المراجع
[1] mindinthemaking.org, When to Teach Letters, Colors and Numbers to Babies
[2] smallerscholarshouston.com, At What Age Should a Child Know the Alphabet?
[3] teachmytoddlers.com, When to Teach What: A guide for teaching your toddler colors, shapes, letters, and more…
[4] beginlearning.com, Should My 2-Year-Old Know Her Letters and Numbers Yet?
[5] understood.org, When do kids know the alphabet?