رحلة عبر أنواع أنظمة التشغيل في عالم الحواسيب

أنظمة التشغيل في عالم الحاسوب: رحلة عبر الزمن

تمّ تطوير أوّل نظام لتشغيل الحواسيب خلال خمسينات القرن الماضي؛ إذ كانت الحواسيب حينها بدائيَّة لا تُؤدّي إلّا مهامّ مُحدَّدة تتطلَّب إدخالاً يدويّاً، ثمّ ظهر نظام التشغيل (IBM OS/360) في عام 1964، ممّا أحدث ثورة في مُعالَجة المهامّ المُتعدِّدة بشكلٍ تسلسُليّ، الأمر الذي سمح بتشغيل برامج مُتعدِّدة على الجهاز نفسه.

وفي السبعينات من القرن نفسه، ظهر نظام التشغيل يونكس (Unix) الذي أصبح فيما بعد أساساً لأنظمة التشغيل الحديثة القائمة على مُعالَجة أكثر من مهمّة معاً في الوقت نفسه، وفتح المجال أمام تطوير حواسيب شخصية تعمل بأنظمة تشغيل خاصَّة بها، وكان أوّلها نظام التشغيل دوس (MS-DOS).      

أشهر أنواع أنظمة تشغيل الحاسوب وأكثرها استخداماً

هناك عِدَّة أنواع من أنظمة تشغيل الحواسيب، على الرغم من أنّها ليست جميعها بالشهرة أو الفاعليّة نفسها، والفقرات الآتية تُوضِّح ثلاثة من أبرز أنظمة التشغيل حول العالم؛ وفقاً لإحصائيات موقع ستاتيستا (Statista) المُتخصِّص بالإحصاءات العالَمِيَّة لعام 2024:

نظام ويندوز Windows

أُطلِق أوّل إصدار من نظام ويندوز في عام 1985 من قِبل شركة مايكروسوفت، وهو يُعَدّ في الوقت الحاليّ أحد أكثر أنظمة تشغيل الحواسيب شيوعاً واستخداماً حول العالم؛ إذ يحتلّ ما يُقارب 72% من حِصَّة السوق العالَمِيّ لأنظمة تشغيل سطح المكتب، وذلك حتى فبراير من عام 2024؛ وفقاً لموقع ستاتيستا (Statista).

أمّا أسباب هذا النجاح والاستخدام واسع النطاق، فتعود إلى عِدَّة أمور، من أهمِّها: سهولة الاستخدام؛ إذ يُوفِّر نظام ويندوز واجهة مُستَخدِم واضحة وبسيطة تُناسب المُستَخدِمِين جميعهم؛ سواء المُبتَدِئِين منهم، أو المُتقَدِّمِين، بالإضافة إلى التوافُق الكبير مع البرامج والأجهزة المختلفة، ممّا يجعله خياراً مُتعدِّد الاستخدامات، كما أنَّه نظام آمن يحمي الحاسوب من الفيروسات والبرامج الضارَّة.        

وعلى الرغم من مُميِّزات نظام ويندوز، إلّا أنّه لا يخلو من بعض العيوب؛ فمثلاً، تحتاج بعض أجهزة الحاسوب إلى إمكاناتٍ حديثة ومُتقدِّمة لاستخدام نظام ويندوز، وخاصَّة الإصدارات الحديثة منه، مثل ويندوز 11، ممّا يعني أنّ كثيراً من المُستَخدِمِين لن يتمكَّنوا من الحصول على مُميِّزات التحديثات جميعها، ولن يتمكَّنوا من تحميل بعض الألعاب، أو تحديث البرامج الموجودة لديهم مُسبَقاً، أو قد تواجههم مشكلة في تعريف الأجهزة المُلحَقة، مثل الطابعة أو الماسح الضوئيّ، وهذا يعني تكلفة إضافية لشراء جهاز حاسوب جديد تتوفَّر فيه مُتطلَّبات الإصدارات الحديثة.

نظام ماك MacOS   

يُعَدّ نظام التشغيل ماك نظاماً خاصّاً بالحواسيب المكتبيَّة والمحمولة لشركة آبل (Apple) فقط، وكان أوّل إصدار له عام 1984، علماً بأنّ كلّ عام تقريباً يصدر له تحديث جديد، وهو يُعَدّ ثاني أنظمة التشغيل انتشاراً حول العالم بعد نظام ويندوز؛ حسب موقع ستاتيستا (Statista).

ويتمتَّع نظام ماك بمجموعة من المُميِّزات التي تجعله خياراً مثاليّاً للعديد من المُستَخدِمِين، مثل قِلَّة الأعطال والمشكلات التقنية مُقارَنةً بالأنظمة الأخرى، وهذا يعني استخداماً أسهل وأكثر كفاءة، بالإضافة إلى أنّ التحسينات الدائمة على برامج النظام تُقدِّم أداءً ممتازاً وكفاءة في إدارة ذاكرة الجهاز وتقسيمها، كما أنَّه آمن جدّاً؛ لأنَّه يُشفِّر بيانات المُستَخدِمِين، ويتأكَّد من مصادر البرامج والملفّات قبل تنزيلها.

وعلاوةً على ذلك، يُوفِّر نظام التشغيل ماك العديد من البرامج المُميَّزة، مثل: برنامج فيس تايم (FaceTime) الذي يسمح للمُستَخدِمِين بالتواصل معاً بسهولة عن طريق البرامج المرئيّة، والصوتيّة، والنصِّيّة، بالإضافة إلى برنامج آي كلاود (iCloud) الذي يُوفِّر خدمة تخزين سحابيّ آمنة لمختلف أنواع الملفّات، والوصول إليها من أيّ جهازٍ آخر، إلى جانب ميزة الأوامر الصوتيّة (VoiceOver)؛ لتحويل النَّصّ إلى كلام، والانتقال بين البرامج بالأوامر الصوتيّة.

وعلى الرغم من مُميِّزات نظام ماك القويّة، وتصميمه الجذّاب، إلّا أنّ الأجهزة التي تعمل به ومُلحَقاتها قد تكون باهظة الثمن بالنسبة للكثير من المُستَخدِمِين، وخاصَّةً ذوي الميزانية المحدودة، كما أنّ أسعار الإصلاح والترقية مرتفعة، بالإضافة إلى أنّ البرامج والألعاب المدعومة عليه محدودة؛ لأنَّه غير مُتوافِق مع كثيرٍ من أنظمة التشغيل الأخرى، ولا تسمح أنظمة ماك إلّا بتخصيصٍ محدود للإعدادات، مُقارَنةً بأنظمة التشغيل الأخرى.

نظام لينكس Linux

طُوِّرَ نظام لينكس عام 1991؛ ليكون بديلاً مَجّانيّاً لأنظمة التشغيل الأخرى، وهو يُعَدُّ الخيار الأوّل لمَن يُفضِّلون استخدام البرامج مفتوحة المصدر (القابلة للتخصيص)؛ بمعنى أنّه يُمكِن لأيّ مُبرمِج استكشاف الأخطاء التقنية والثغرات الأمنية فيه، وإصلاحها، ومشاركة التعديلات مع الآخرين، دون الحصول على أُذوناتٍ من جهةٍ مُعيَّنة، وهذا يجعله من أكثر الأنظمة أماناً، وهو أيضاً لا يحتاج إلى برامج مُكافَحة الفيروسات، بالإضافة إلى أنَّه سريع، ونادراً ما يتباطأ أو يحتاج إلى إعادة تشغيل، ويُنفِّذ المهامّ جميعها بدِقَّة حتى لو كانت المساحة في القرص الصلب (Hard Disk Drive) محدودة.

ويجدر بالذِّكر أنّ السلبيات أو الصعوبات التي قد يُواجهها البعض عند استخدام نظام التشغيل لينكس -لكونه مفتوح المصدر- تشمل وجود الكثير من الإصدارات وواجهات المُستَخدِم فيه؛ لذا يَصعُب عادةً على المُبتَدِئِين التعامل معه، أو تثبيته، أو تعديله؛ فهو يُعَدّ أكثر تعقيداً مُقارَنةً بنظام التشغيل ويندوز مثلاً، كما قد يواجه بعض المُستَخدِمِين صعوبة في الحصول على دعم فنّي سريع عند مُواجَهة أيّ مشكلة في النظام، وخاصّةً لدى استخدام الإصدارات الأقلّ شُهرةً؛ لعدم وجود إصدار رسميّ واحد مدعوم من شركةٍ مُعيَّنة، بالإضافة إلى أنَّه يُقدِّم دعماً محدوداً أو غير كافٍ لبعض الأجهزة الطرفية، مثل الطابعات، أو الماسحات الضوئية، وخاصّةً تلك القديمة، أو المُتخصِّصة جدّاً.

وفي الختام، تُعَدّ أنظمة التشغيل اللَّبِنة الأساسيَّة لأيّ حاسوب مهما كان نوعه، وهي بمثابة جسر بين المُستَخدِمِين والحواسيب والبرامج؛ لأنَّها المسؤولة عن إتمام المهامّ المطلوبة جميعها بدِقَّةٍ وسُرعة، ومنذ ظهورها، بدأت تتطوَّر سريعاً لتُواكِب النهضة التكنولوجية المُتَسارِعة؛ بدءاً من الحواسيب التي كانت تحتاج إلى غرفةٍ كاملة، وحتى اليوم الذي أصبحت فيه الحواسيب المكتبيَّة والشخصية صغيرة وأنيقة، أمّا بالنسبة إلى أفضل نظام لتشغيل الحواسيب، فإنَّه لا يُمكن أن يتغلَّب نظام على آخر تماماً؛ لأنَّ لكلّ نظام مُميِّزات وعُيوب وإمكانات يستفيد منها المُستَخدِمون على اختلاف حاجاتهم.

المراجع

[1] wgu.edu, 5 Most Popular Operating Systems
[2] prepbytes.com, Windows Operating System
[3] techtarget.com, DEFINITION macOS
[4] geeksforgeeks.org, What is Linux Operating System
[5] almabetter.com, List of Operating System: Top Operating System List for 2024