جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
فهم التضخم وكيفية مواجهته

ما هي أبرز أسباب التضخم؟ وكيف يمكن مواجهتها؟

30 يوليو 2024 / 5:18 PM
ما هي أبرز أسباب التضخم؟ وكيف يمكن مواجهتها؟
download-img
التضخُّم (Inflation) ظاهرة اقتصادية تُشير إلى ارتفاع عام في مستوى أسعار السلع والخدمات خلال فترةٍ زمنية معينة، والتضخم المرتفع يعني أنّ الأسعار ترتفع بسرعة، بينما يعني التضخم المنخفض أنّ الأسعار ترتفع بشكلٍ أبطأ، وللتضخم تأثيرات إيجابية وسلبية في الوقت نفسه؛ إذ يُحفّز التضخم المعتدل النمو الاقتصادي، ويُشجّع على الاستثمار والإنفاق، بينما يؤدي التضخم المرتفع جداً إلى فقدان القوة الشرائية للمال، وبمرور الوقت، يتطلب الأمر المزيد من المال لشراء السلع والخدمات نفسها.

أسباب التضخم: فهم شامل لأهم عوامل ارتفاع الأسعار

تعدّ ظاهرة التضخم ظاهرة اقتصادية مُعقَّدة تنجم عن تفاعل العديد من العوامل، وتشمل الأسباب الرئيسة الأكثر شيوعاً ما يأتي:

ارتفاع تكاليف الإنتاج

يحدث التضخم الناتج عن التكلفة؛ بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج لدى الشركات المُصنِّعة؛ إذ لا يتغيّر الطلب على السلع بصورة ملحوظة في هذه الحالة، بل ينخفض المعروض منها في السوق، وبالتالي يضطر المستهلك إلى دفع سعر أعلى للحصول على السلعة نفسها؛ لتغطية التكاليف الإضافية التي تتحملها الشركات المُنتِجة. 


وتواجه الشركات العديد من العوامل التي تُؤدّي إلى زيادة تكاليف الإنتاج، ومن أهمّها: ارتفاع أسعار الموادّ الخامّ والسلع الأساسية التي تعتمد عليها عمليات الإنتاج، مثل النفط والمعادن، وكذلك ارتفاع أجور العُمّال، وهي من النفقات الكُبرى للشركات وتُشكِّل النسبة الأكبر من تكاليف الإنتاج عادةً، وعندما يكون مُعدَّل البطالة منخفضاً، يُمكن أن ينتج عن ذلك نقص في العَمالة، ممّا يُجبر الشركات على زيادة أجورها لجذب المُرشَّحين ذوي المهارة، وهذا يُؤدّي بدوره إلى زيادة تكاليف الإنتاج.


بالإضافة إلى ما سبق، تُؤثّر الكوارث الطبيعية؛ كالأعاصير، والفيضانات، على عمليات الإنتاج بشكلٍ كبير، ممّا يُؤدّي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج أيضاً؛ فعلى سبيل المثال، قد يتسبَّب إعصار مُدمِّر في تلف محاصيل الذُّرة، ممّا يؤدّي إلى ارتفاع أسعار المُنتَجات التي تعتمد على الذُّرَة كمُكوّنٍ أساسيّ.

زيادة الطلب على السلع والخدمات

يحدث التضخم الناتج عن الطلب عندما يزداد الطلب الإجمالي على السلع والخدمات في عددٍ كبير من القطاعات ليتجاوز المعروض والمُتوفِّر في الأسواق، ممّا يؤدّي إلى ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم.


ولكن ما الذي يؤدّي إلى هذه الزيادة في الطلب؟ الأمر ببساطة أنَّ مُعدَّلات البطالة عندما تكون منخفضة ويحصل المُستهلِكون على دخلٍ جيّد، يزداد مستوى الإنفاق الاستهلاكي الخاصّ بهم، حتى لو كانت السلع والخدمات مُتوفِّرة بكمّياتٍ محدودة؛ إذ يُمكنهم دفع المزيد للحصول عليها، خاصّةً إن كانت ضرورية بالنسبة لهم، ممّا يمنح الشركات الفرصة لرفع أسعارها، وتحقيق هوامش ربح أكبر، وفي الوقت نفسه، ستسعى الشركات إلى توظيف المزيد من العُمّال لتلبية احتياجات الطلب المُتزايِدة، ممّا يؤدّي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، الأمر الذي يُشكِّل ضغطاً إضافياً على الشركات لرفع الأسعار.


ومن المهمّ ملاحظة أنَّ التضخم الناتج عن الطلب يتأثر بعدة عواملٍ أخرى تتجاوز مُجرَّد زيادة إنفاق المُستهلِكِين، وتشمل هذه العوامل تخفيض البنك المركزي لأسعار الفائدة، وزيادة الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية، وتبنّي الحكومات سياسات مالية توسُّعية تزيد مقدار الدخل التقديري لكلٍّ من الشركات والمُستهلِكِين، وذلك كلّه يُحفّز النموّ الاقتصادي، ويُعزِّز الطلب الإجمالي، ولكن إن تجاوز هذا الطلب المُتزايِد قدرة الاقتصاد الإنتاجية، فإنَّ ذلك يمكن أن يتسبَّب في الضغط الكبير على الموارد، ممّا يُؤدّي بدوره إلى ارتفاع الأسعار والتضخُّم.

ضغوط التضخم المستورد وسعر الصرف للعملات

يحدث التضخم المُستورَد عندما ترتفع أسعار السلع والخدمات المُستورَدة من الخارج، أو حتى المُصنَّعة محلّياً ولكنّها تتطلَّب موادَّ أوّلية مُستورَدة، وينتج هذا الارتفاع في الأسعار عن انخفاض قيمة العملة الوطنية مقابل العملة الأجنبية للبلد المُستورَد منه.


بمعنى آخر، عندما يُصبح شراء السلع والخدمات من الخارج أكثر تكلفة بسبب ضعف العملة الوطنية، فإنَّ ذلك ينعكس على الأسعار داخل البلد، حتى بالنسبة للسلع والخدمات المُنتَجة محلّياً؛ فعلى سبيل المثال، إن كانت إحدى الدول تعتمد على استيراد القمح من بلدٍ آخر، فإنَّ انخفاض قيمة عملتها مقابل عملة البلد المُستورَد منه سيؤدّي إلى ازدياد تكلفة استيراد القمح، ممّا يعني ارتفاع سعر المُنتَجات التي تعتمد عليه في تصنيعها.

توقعات التضخم

تعكس توقُّعات التضخم نظرة الأفراد والشركات تجاه مستقبل الأسعار، وتؤدّي دوراً مهمّاً في تشكيل القرارات الاقتصادية الحالية، والتي تؤثِّر بدورها في مُعدَّل التضخُّم الفعليّ في المستقبل، ويُشار إليها أيضاً بـ "التضخُّم الداخلي" أو "دوّامة الأجور والأسعار".


وعلى سبيل المثال، إذا توقَّعت الشركات ارتفاعاً في التضخُّم خلال الفترة القادمة، فإنَّها قد تُبادر إلى رفع أسعار سلعها وخدماتها استباقيّاً، وبالمثل، قد يُطالِب العُمّال بزيادة أجورهم؛ لمُواكبة التضخُّم المُتوقَّع، وارتفاع تكاليف المعيشة، وتجنُّب الخسارة المُتوقَّعة.


وتُصبح الحلقة أكثر تعقيداً عندما تُؤثِّر توقُّعات التضخُّم على سلوكات المُستهلِكِين؛ فإذا توقَّع المُستهلِكون ارتفاع الأسعار، فإنّ عمليات الشراء قد تزداد؛ خوفاً من مزيد الارتفاع، ممّا قد يُؤدّي إلى زيادة الطلب وضغوطٍ إضافية على الأسعار.

كيفية التغلّب على التضخم ومواجهة أسبابه

تتَّبِع الجهات المسؤولة العديد من الطرق لمواجهة التضخم والسيطرة عليه، ومن أهمِّها ما يأتي:

تطبيق السياسة النقدية الانكماشية

تلجأ البنوك المركزية إلى السياسة النقدية الانكماشية (Contractionary Monetary policy) عندما يزداد النمو الاقتصادي بوتيرةٍ مرتفعة مع ارتفاع معدل التضخم، وهي بهذا تهدف إلى السيطرة على التضخم؛ من خلال تقليل المعروض النقدي والسيولة في الاقتصاد، باستخدام عِدة أساليب، أهمّها تقليل الإنفاق الحكومي، ممّا يُقلِّل الطلب الكُلّي على السلع والخدمات، أو رفع الضرائب؛ للتقليل من الدخل المُتاح لدى الأفراد والشركات، وبالتالي التقليل من قدرتهم على الإنفاق، أو حتى زيادة مُعدَّلات الفائدة؛ للتقليل من الاقتراض والاستثمار، والتشجيع على الادِّخار.

ضبط الأسعار لسلعٍ وخدماتٍ معينة

تلجأ الحكومات إلى تحديد أسعار سلع وخدماتٍ مُحدَّدة كأداةٍ فعّالة للسيطرة على التضخم، خاصَّةً في فترات الارتفاع السريع وغير المُنضبِط للأسعار، وتتمثَّل هذه الأداة بوضع حدود قُصوى لأسعار بعض السلع والخدمات، ممّا يُسهم في تقييد قدرة الشركات على رفع أسعارها بشكلٍ غير مُبرَّر، والحفاظ على استقرار الأسعار، والتخفيف من الأعباء المالية على المُستهلِكِين، وحماية ذوي الدخل المحدود من تأثيرات التضخم السلبية؛ من خلال ضمان حصولهم على السلع والخدمات الأساسية بأسعارٍ معقولة، بالإضافة إلى الحفاظ على القدرة الشرائية للعملة، ومنع تراجعها.

 


وختاماً، يجدر الذكر أنّ دولة الإمارات العربية المُتَّحِدة تتبنّى العديد من السياسات؛ لإبقاء التضخم تحت السيطرة، ودعم استقرار الاقتصاد الإماراتيّ، ومن أهمِّها تشديد السياسة النقدية؛ من خلال رفع البنك المركزي الإماراتي أسعار الفائدة بمقدارٍ يضبط ارتفاع الأسعار ورغبة الأفراد أو الشركات في الحصول على قروض أو تمويل من البنوك، كما تستفيد الدولة من مستويات التضخم المعتدلة لدى أهم الشركاء التجاريين؛ كالهند، واليابان، والصين، ممّا يُخفِّف التضخُّم المُستورَد بشكلٍ خاصّ.

 


 

المراجع
[1] investopedia.com, What Causes Inflation? How It's Measured and How to Protect Against It
[2] imf.org, INFLATION: PRICES ON THE RISE
[3] rba.gov.au, Causes of Inflation
[4] investopedia.com, How Do Governments Fight Inflation?
[5] amf.org.ae, آفاق الاقتصاد العربي

July 30, 2024 / 5:18 PM

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.