جار التحميل...
ووفقاً لتقديرات موقع ستاتيستا (Statista) المُتخصِّص في الإحصائيات العالَميَّة، يُتوقَّع في عام 2027 أن تصل قيمة مَبيعات التجارة الإلكترونية العالَمية إلى أكثر من 8 تريليون دولار، بما نسبته 25% من إجمالي مَبيعات التجزئة العالَميَّة، مُقارَنة بـ 5.8 تريليون دولار في عام 2023 بما نسبته 19% من إجمالي مَبيعات التجزئة العالَميَّة.
أمّا على المدى البعيد، فيُتوقَّع أن تحلّ التجارة الإلكترونية محلّ التسويق التقليدي على نطاقٍ واسع، دون أن يكون ذلك بصورة كُلِّيَّة؛ فالأمر لا يتعلَّق بالاستبدال بقدر ما هو مُتعلِّق بالتكامل؛ أي أنّ استخدام التجارة الإلكترونية والأساليب الرقمية إلى جانب الأساليب التقليدية والجمع بينهما بشكلٍ فعّال يُحقِّق الأهداف التسويقيَّة، ويزيد المَبيعات، ويُقدِّم أفضل تجربة للعملاء؛ فعلى سبيل المثال، يُمكن استخدام لوحةٍ إعلانيةٍ -التسويق التقليدي- لزيادة الوعي بالعلامة التجارية، وموقع ويب -التسويق الرقمي- لتوفير معلوماتٍ مُفصَّلة عن المُنتَجات، وتسهيل عمليات الشراء عبر الإنترنت.
تُوفِّر التجارة الإلكترونية مزايا هائلة للمُستهلِكِين والتُّجّار على حدٍّ سواء، وستصبح خياراً أكثر جاذبية في المستقبل لعِدَّة أسباب، أبرزها ما يأتي:
مع زيادة انتشار الإنترنت والهواتف المحمولة وسهولة استخدامها، أصبحت زيارات مواقع التجارة الإلكترونية العالَميَّة تُسهم في الحصَّة الكُبرى من طلبات الشراء عبر الإنترنت؛ فمع نهاية عام 2023، وصلت نسبة استخدام الهواتف الذكية لتصفُّح مواقع التجارة الإلكترونية إلى 78% على مستوى العالم، بينما كانت مسؤولة عن توليد 66% من إجمالي طلبات التسوُّق عبر الإنترنت.
ويُعَدّ البيع بالتجزئة عبر الإنترنت باستخدام الهاتف الذكي أو الجهاز اللوحي من الفئات الرئيسة للتجارة الإلكترونية في دولة الإمارات تحديداً؛ إذ شَكَّلت نسبة مَبيعات التجزئة عبر هذه الفئات حوالي 44% من إجمالي حجم سوق التجارة الإلكترونية الخاص بالدولة في عام 2021، ويُتوقَّع أن تصل إلى ما نسبته 50% بحلول عام 2026.
تُوفِّر التجارة الإلكترونية منصَّةً عالَميَّةً لعرض المُنتَجات والخدمات، تتخطّى بها حدود المسافات لتصل إلى العملاء المُحتَمَلِين من مختلف أنحاء العالم، ومن خلال تقنيات الذكاء الاصطناعيّ وغيرها من أدوات تحليل البيانات المُتقدِّمة، يُمكن استهداف العُمَلاء بدقَّةٍ عالية، وتحليل بياناتهم وتفضيلاتهم، على عكس التسويق التقليدي الذي يعتمد على نطاقٍ جغرافيٍّ محدود، ويستهدف العملاء بشكلٍ عامّ وغير مُحدَّد غالباً، ممّا قد يُقلِّل من فعاليَّته.
تُوفِّر تقنية الواقع الافتراضيّ (VR)، وتقنية الواقع المُعزَّز (AR)، إمكاناتٍ هائلةً في تجربة التسوق الإلكتروني، وخَلق تجربة شراء غامرة وممتعة في المستقبل؛ إذ يُمكن للمُتسوِّقِين استكشاف المتاجر الافتراضيَّة في بيئةٍ ثنائية أو ثلاثية الأبعاد، ومُعايَنة المُنتَجات بدقَّةٍ عالية وكأنَّهم يتجوَّلون في متجرٍ حقيقي؛ فعلى سبيل المثال، لدى الشراء من متجرٍ إلكترونيّ مُخصَّص لبيع الأثاث ويدعم تقنية الواقع المُعزَّز، يُمكن للعملاء تصوُّر قطعة الأثاث التي يرغبون في شرائها وإضافتها إلى منازلهم، وتقييم كيفيّة امتزاج ألوانها وملمسها بالتصميم الداخلي للمنزل، ومقدار المساحة التي ستشغلها.
على الرغم من التقدُّم والتطوُّر المذهل الذي تُحقِّقه التجارة الإلكترونية، إلّا أنَّ إلغاء التسويق التقليدي بشكلٍ كامل في المستقبل القريب ليس بالأمر السهل؛ لأنَّه يُوفِّر مزايا تسويقية لا يُمكن أن تُوفِّرها التجارة الإلكترونية غالباً مهما تقدَّمت واعتمدت على تقنياتٍ حديثة؛ فعلى سبيل المثال، ينظر بعض العملاء إلى التسويق التقليدي عبر الإعلانات المطبوعة أو الإعلانات التلفزيونية على أنَّه أكثر موثوقيةً من التسويق الرقمي، ويشعرون بالثقة والأمان أكثر لدى التعامل مع العلامات التجارية التي تمتلك متاجر تقليدية، وتستخدم الطُّرق التقليديَّة للإعلان عن مُنتَجاتها وخدماتها.
بالإضافة إلى أنَّ التسويق التقليدي يُعَدّ أكثر فعاليةً في الوصول إلى المُستهلِكِين في المناطق التي تفتقر إلى إنترنت قويّ أو موثوق بشكلٍ دائم، كما أنَّ تفاعل الأشخاص والفئات العمرية المختلفة مع التكنولوجيا لا يحدث بالطريقة نفسها، إلى جانب أنّ بعض الفئات لا تُفضِّل استخدامها من الأساس، خاصَّة كبار السنّ الذين لا يُفضِّلون استخدام الإنترنت أو التسوُّق من المتاجر الإلكترونية بالقدر نفسه الذي تُفضِّله الفئات العمرية الأصغر.
ومع ذلك، يظلّ احتمال اختفاء التسويق التقليدي في المستقبل البعيد أمراً وارداً، خاصَّة مع التطوُّرات التكنولوجية المُتسارِعة والمُذهِلة في مختلف المجالات، خصوصاً الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي، بالإضافة إلى احتمالية ظهور تقنيات جديدة أخرى غير مُتوقَّعة، بحيث تُصبح الأساليب التقليدية للتسويق أقلّ فاعليَّة وجاذبيَّة مع مرور الوقت، وقد تختفي على المدى البعيد.
وختاماً، لا يُمكن النظر إلى التجارة الإلكترونية والتسويق التقليدي على أنَّهما ضِدّان مُتنافِسان، أو يجب أن يُلغي أحدهما الآخر؛ لأنّ كلّاً منهما يُقدِّم مزايا فريدةً تُناسِب احتياجاتٍ وتفضيلاتٍ مُختلفةً لدى المُستهلِكِين، وعلى الرغم من المكانة الكبيرة التي تحتلُّها التجارة الإلكترونية في عالم البيع بالتجزئة، إلّا أنَّها من الصعب أن تحلّ محلّ التسويق التقليدي تماماً في المستقبل القريب، بل ستحتاج الشركات إلى دمج كلا الأسلوبين للتسويق بفعاليَّة، وخلق تجربة عملاء مُتكاملة تُلبِّي احتياجات العصر الرقميّ.
المراجع
[1] dubaichamber.com, UAE e-commerce market forecast to reach $9.2 billion by 2026
[2] clearskiesmarketing.com, Will Digital Marketing Replace Traditional Marketing?
[3] crayondata.ai, 5 Reasons Why Ecommerce is Going to Take Over the Retail Market
[4] leapoutdigital.com, Is E-commerce Going to Replace Traditional Retail?