جار التحميل...
عادة ما تركّز أرقام التقارير الرسمية للبطالة على الأشخاص الذين لا يملكون وظيفة، ولكنهم يبحثون عن عمل بتقديم طلبات للحصول على وظيفة جديدة باستمرار، وهم على استعداد للعمل فوراً إن حصلوا على الفرصة المناسبة لهم.
ومع ذلك، فإنَّ هذه الأرقام الرسميَّة غالباً ما تستبعد مجموعة من الفئات الذين ينتمون إلى البطالة المخفيَّة، مثل الأشخاص الذين توقَّفوا عن البحث عن عمل؛ نتيجة الشعور بالإحباط وفقدان الأمل في العثور على عمل، أو لأسباب أخرى، وسواء كان هذا التَّوقُّف بشكل مؤقت أو دائم، فإنَّه لا يتم احتسابه ضمن مُعدَّل البطالة الذي تصدره الدولة حتى يُعاوِد هؤلاء الأشخاص البحث عن عمل؛ وهذا ما جعل الكثير من الدول تطلب من مواطنيها البحث بنشاط عن عمل حتى يُحسبوا ضمن تقارير البطالة.
أمّا الفئة الأخرى من البطالة المخفية، فهم الأشخاص الذين يعملون ولكن لا يساهمون فعليّاً في الإنتاجية الكلِّيَّة؛ بمعنى أنّ عملهم لا يضيف قيمة حقيقيَّة للمُخرَجات الاقتصاديَّة، وغالباً ما يكون هؤلاء العُمّال مُنخرِطين في أعمال مُكرَّرة أو غير ضروريَّة، ممّا يؤدّي إلى تضييع الموارد البشريَّة، وتخفيض الإنتاجية الكلِّيَّة للمجتمع.
وفي ظروف مُعيَّنة، قد تضمُّ البطالة المَخفيَّة مجموعة من الأشخاص الذين يعملون في وظائف جزئيَّة رغم رغبتهم في العمل في وظائف كاملة، أو في وظائف لا تناسب مهاراتهم وقدراتهم الفعلية، ممّا يؤدي إلى عدم استغلال قدراتهم كلِّها، ويمكن أيضاً الإشارة إلى هذه الفئة من البطالة المَخفيَّة باسم "البطالة الناقصة".
وكمثال توضيحيّ على البطالة الناقصة، قد تكون لدى الشخص مهارات وخبرات مُتخصِّصة في مجال مُعيَّن، مثل: الهندسة، أو التكنولوجيا، ولقلة الوظائف المُتاحة في هذا المجال في منطقته، أو في الوقت الحالي، قد يضطرّ إلى العمل في وظيفة غير مُتخصِّصة؛ كالعمل في الخدمات العامة، أو البيع بالتَّجزِئة، ممّا يعني أنّه يعمل في وظيفة أقلّ من قدرته الفعليَّة.
ومن بين الفئات التي يُمكن تضمينها في البطالة المَخفيَّة أيضاً الأشخاص الذين يعانون من الإصابة بمرض ما أو حالة صحِّيَّة لفترة مُؤقَّتة، وعلى الرغم من أنّ بعضهم لا يعملون بسبب حالتهم الصحِّيَّة، إلا أنّ البعض الآخر قد يكونون قادرين على العمل والإنتاج إذا أُتيحت لهم الفرصة المناسبة، كما يمكن اعتبار جزء من هذه الفئة ضمن البطالة المَخفِيَّة المُؤقَّتة؛ لقدرتهم على العمل والإنتاج عند تَحسُّن حالتهم الصحِّيَّة.
في الواقع، تُمثِّل فئات البطالة المخفيَّة جزءاً مهماً من الوضع الحقيقيّ للبطالة، والتحدِّيات التي يواجهها الأفراد في العثور على فرص العمل المناسبة، وعلى الرغم من عدم تضمينهم رسمياً في تقارير البطالة، إلا أنّ فهم هذه الفئات يساعد في وضع سياسات أكثر فعاليّة لدعم سوق العمل، وتحسين فرص العمل للجميع.
وضَّح البنك الاحتياطيّ الأستراليّ (RBA) عبر موقعه الإلكترونيّ ثلاثة أنواع رئيسيَّة للبطالة في العالم، مع التنويه إلى أنّه من الناحية العملية، قد لا يمكن قياسها بشكل مباشر، وغالباً ما تتداخل، إلا أنَّها تُوفِّر نظرة مفيدة لفهم البطالة، ومعالجتها، وهي كالآتي:
تحدث البطالة الدورية (Cyclical Unemployment) نتيجة لحدوث تغيُّرات في النشاط الاقتصاديّ خلال دورة الأعمال؛ حيث ينخفض الطلب على العمل خلال فترات الرُّكود الاقتصاديّ ويزداد خلال فترات نُموِّه.
تنتج البطالة الهيكلية (Structural Unemployment) من عدم التناسب بين الوظائف المُتاحة في سوق العمل والمهارات التي يمتلكها الباحثون عن عمل، أو نتيجةً لعدم توفُّر الوظائف في المناطق التي يعيش فيها الباحثون عن العمل، ممّا يتطلَّب منهم التنقُّل إلى مناطق أخرى بعيدة عنهم.
ويجدر الذكر أنّ هذا النوع من البطالة يميل إلى أن يكون طويل الأمد؛ فقد يستغرق الباحثون عن العمل سنوات في تطوير المهارات التي تتوافق مع احتياجات سوق العمل الحالية، أو الانتقال إلى منطقة أخرى تتوفر فيها فرص عمل مناسبة.
تنشأ البطالة الاحتكاكية (Frictional Unemployment) نتيجة انتقال الأفراد بين الوظائف في سوق العمل؛ سواء بالانتقال من وظيفة إلى أخرى، أو بدخولهم وخروجهم من سوق العمل تماماً، وهنا قد يواجه الأشخاص الباحثون عن العمل فترات قصيرة من البطالة المُؤقَّتة، لذا فهي غالباً ما تكون قصيرة المدى (أقلّ من شهر واحد).
ضمن سلسلة من الدراسات الاجتماعية التي أطلقتها دائرة الخدمات الاجتماعية التابعة لإمارة الشارقة، وضَّح الإصدار الأول منها والذي جاء بعنوان "أسباب البطالة وآثارها" أربعة أنواع من البطالة المنتشرة في دول العالم، ومن ضمنها البطالة المخفية، والأنواع الأخرى هي:
تحدث البطالة الإجبارية (Compulsory Unemployment) نتيجة نقص الوظائف المُتاحة على الرغم من قدرة الفرد ورغبته في العمل.
البطالة الاختيارية (Voluntary Unemployment) والتي تحدث عندما يكون الأفراد قادرين على العمل، ولكنَّهم يختارون عدم العمل؛ بسبب انخفاض الأجور، أو ظروف العمل غير المناسبة.
تحدث البطالة الموسمية (Seasonal Unemployment) في فترات مُعيَّنة من السنة؛ نتيجة للتغيُّرات الموسميَّة في الطلب على العمل؛ كما هو الحال مع عُمّال القطاع الزراعيّ الذين يعملون خلال فترة الزراعة والحصاد، ويصبحون عاطلين عن العمل خلال الفترات الأخرى من العام.
ويجدر بالذكر هنا أنّ هناك نوعاً آخر للبطالة لا يمكن التغاضي عنه في تاريخ التقدُّم التكنولوجي الكبير، وتغيير تقنيات الإنتاج وأداء المهامّ، هي البطالة التكنولوجيَّة (Technological Unemployment)؛ والتي تحدث نتيجة استبدال وظائف البشر وتحويلها إلى وظائف تقنيَّة آليَّة، مثل استخدام المصانع للروبوتات أو البرمجيّات الذكيَّة لتنفيذ المهامّ التي كان يقوم بها العُمّال.
المراجع
[1] rba.gov.au, Unemployment: Its Measurement and Types
[2] investopedia.com, Disguised Unemployment: Definition and Different Types
[3] sssd.shj.ae, Sharjah Social Society launches its first publication on "Causes and Effects of Unemployment"
[4] econ.upd.edu.ph, Unemployment, ‘visible’ and ‘invisible’ underemployment, and poverty
[5] online.maryville.edu, 8 Types of Unemployment: Understanding Each Type